فتح
لقاء وليي عهد
السعودية والإمارات، محمد بن سلمان ومحمد بن زايد، بزعيم حزب التجمع
اليمني للإصلاح، مساء أمس، الباب واسعا أمام تساؤلات عدة حول دلالة هذا اللقاء، الذي
يحدث للمرة الثانية مع الأول والأولى مع الثاني، وهل نحن أمام فصل جديد من العلاقة
بين أبوظبي والحزب ذي التوجه الإسلامي.
وبحسب
مراقبين، فإن اللقاء لربما فرضته متطلبات المعركة، بعد خسارة ابن زايد للرئيس اليمني
المخلوع، علي عبدالله صالح، أهم حلفائه، الذي عول عليه في قلب موازين القوى في صنعاء
ضد الحوثيين، إلا أن مقتله كان مخيبا للآمال، دفعت ولي عهد أبوظبي لعقد "لقاء
الضرورة" مع قيادة حزب
الإصلاح، الذي لطالما برزت مواقفها المعادية له إلى العلن.
تكتيك
مرحلي
وتعليقا
على هذا الموضوع، يرى الكاتب والمحلل السياسي، ياسين التميمي، أن لقاء وليي عهد السعودية
وأبوظبي مع قيادة التجمع اليمني للإصلاح محكومة على ما يبدو بدوافع موضوعية هذه المرة،
تأتي من تنامي التحديات على الساحة اليمنية، بعد سقوط آخر ورقة للتحالف في صنعاء، إثر مقتل المخلوع صالح.
وأضاف، في حديث لـ"
عربي21"، أن الخسارة الميدانية التي واجهت مهمة التحالف في الساحل
التهامي أعطت مؤشرا أوليا على عدم وجود وحدات الحرس الجمهوري المنحل الموالية للمخلوع
صالح ونجله، التي يمكن الاعتماد عليها في تمكين أحمد علي عبد الله صالح، وخوض العمل العسكري
في معزل عن الجيش الوطني، على الرغم من التصريحات المتفائلة التي أطلقها قادة إماراتيون
بهذا الخصوص.
وبحسب
التميمي، فإن الترتيبات مع الإصلاح لا تمثل خيارا مثاليا بالنسبة للرياض وأبوظبي، ولا
يمكن التخفيف من الآثار الهائلة التي خلفتها المواقف المعادية للحزب، واستهدافه سياسيا
ووجوديا بالقتل وحرق المقرات والإقصاء السياسي من المناصب المهمة في الحكومة.
لكن
الكاتب التميمي قال إن الأولويات الموضوعية هي التي تقف وراء هذا التطور السياسي الأهم
منذ بدء التدخل العسكري للتحالف في اليمن، الذي يكشف بوضوح عن التغير الحاصل في القناعات
الأيديولوجية.
ولم
يستبعد ألّا يتعدى هذا التطور عن كونه تكتيكا مرحليا، وأن اللقاء برمته ربما شهد
إملاءات حول ما يتعين على الإصلاح عمله أو الالتزام به.
وأشار
السياسي اليمني إلى أن الاجتماع الرباعي الذي لم تحضره سلطنة عمان، والذي عقد قبل يومين
في أبوظبي، ساهم بدوره في الدفع باتجاه تبني خطوات التنسيق مع الأحزاب اليمنية الموالية
للشرعية، ومنها "الإصلاح"، ضمن إجراءات عديدة في مواجهة الحوثيين قد تشمل توسيع العمل العسكري.
مسار
إيجابي
من جهته،
يعتقد الصحفي والمحلل السياسي، عبد الرقيب الهدياني، أن الجميع تعبوا ووصلوا إلى قناعة
بعد 3 سنوات من تأخر الحسم بضرورة الاتفاق وتجاوز الخلافات والحسابات السياسية، حتى
يتم إنهاء الانقلاب.
وقال
في حديث لـ"
عربي21" إن اللقاء السابق بين ولي العهد السعودي بقيادة الإصلاح، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، كان خطوة أولى،
وهو الذي سعى من موقع بلاده في قيادة التحالف العربي لتجمع
الإمارات بقيادة حزب الإصلاح،
الحزب الأكثر وجودا على الساحة. مؤكدا أنه لطالما تعمل دول التحالف مع كل الأطراف، فإن التنسيق مع المكون الأهم من باب أولى.
ووفقا
للهدياني، فإن سيطرة الحوثيين، وخروج الرئيس صالح من المعادلة، وتفكك الحرس الجمهوري وحزب
المؤتمر؛ وضع التحالف -خصوصا الإمارات- أمام واقع جديد لا مفر من التسليم به، وعليهم
الخيار بين مليشيا الحوثي كعدو في الطرف الآخر، أو التسليم بالإصلاح كحليف لإنجاز التحرير.
وأشار
الصحفي اليمني إلى أن اللقاء يحمل ملامح القادم والبداية بتفعيل الجبهات من الشمال
ومن الغرب، حيث تخوض القوات الحكومية عمليات عسكرية، وأحرزت تقدما ملحوظا.
وأضاف
السياسي اليمني أن اللقاء، الذي يعدّ الأول لولي عهد أبوظبي بقيادة الإصلاح، لربما يحمل
مسارا إيجابيا غير تلك العدائية المفرطة التي دأبت عليها الإمارات تجاه الأحزاب المنتمية
لجماعة الإخوان المسلمين.
ولفت
إلى أن اللقاء لربما يجسد قناعة أبوظبي بأن حزب الإصلاح مختلف، ولا بد من العمل معه، وهو
واقع لا يمكن القفز عليه.
إزالة
المخاوف
من جانبه،
قال رئيس مركز "أبعاد" للبحوث، عبدالسلام محمد، إن اللقاء يدلل على توجه خليجي
لاستيعاب كل المكونات السياسية والمجتمعية اليمنية ضمن المعركة الأخيرة مع المليشيات
الانقلابية.
وأضاف
في حديث لـ"
عربي21" أن توقيت اللقاء جاء بعد انكشاف حزب المؤتمر -الذي كان
يتزعمه المخلوع صالح حتى مقتله برصاص الحوثيين في الرابع من الشهر الجاري- وانهياره،
في الوقت الذي كان معولا عليه العودة إلى جادة الصواب والسيطرة على العاصمة من الداخل.
وحول
أهمية ذلك اللقاء، أكد محمد أنه يأتي لإزالة المخاوف بين الإصلاح والإمارات، خاصة أن
المعركة على الأرض تحتاج لتنسيق دقيق ينهي أي شكوك بين الحلفاء.
وكان
وليا عهد الرياض وأبو ظبي قد التقيا زعيم حزب الإصلاح، محمد عبدالله اليدومي، وأمين
عام الحزب، عبدالوهاب الأنسي، الأربعاء؛ لبحث المستجدات على الساحة اليمنية.
ويعد
هذا اللقاء الثاني لمحمد بن سلمان، والأول لمحمد بن زايد، بعد مضي أكثر من أسبوع على
مقتل الرئيس المخلوع صالح برصاص حلفائه، جماعة الحوثي، بعد اشتباكات دامية دارت بينهما
في صنعاء.