في صفقة أثارت تعجب وفضول العاملين بالحقل الإعلامي، استحوذت الاثنين، شركة (إيجل كابيتال) للاستثمارات المالية والتي يرأس إدارتها وزيرة الاستثمار السابقة، داليا خورشيد، وزوجة رئيس البنك المركزي طارق عامر، على حصة رجل الأعمال أحمد أبوهشيمة في شركة إعلام
المصريين التي تمتلك مجموعة قنوات (أون) وعدد من الصحف الهامة على رأسها (اليوم السابع).
وكانت شركة إعلام المصريون، تسيطر على "شبكة قنوات (ON)، وموقع وجريدة (اليوم السابع) والمواقع التابعة له، و(انفراد) و(دوت مصر)، و(دوت مصر TV)، و(صوت الأمة)، وصحف: (عين، ومجلتى إيجيبت تودى وبيزنس توداى)".
إلى جانب "شركة بريزنتيشن سبورت، ومصر للسينما، وسينرجى للإنتاج، وسينرجى للإعلان، وأى فلاى، وPOD للعلاقات العامة، وهاشتاج للسوشيال ميديا، وسبيد المتخصصة للتصميم والجرافيك والتسويق الرقمي، وإيجيبشان أوت دور لإعلانات الطرق، وداينو لتنظيم الأنشطة التسويقية للشركات، وأكاديمية إعلام المصريين"، حسب الكاتب الصحفي إيهاب الزلاقي، عبر تويتر.
وحول تلك الصفقة قالت داليا خورشيد إن "هذا الاستحواذ يمثل باكورة الصفقات الاستثمارية للشركة وهو ما يعكس اهتمامنا بذلك القطاع الاستراتيجي الذي يمس حياة المواطن بشكل يومي".
وفي أيلول/سبتمبر 2016، اختارت مجلة (فوربس ميدل ايست) وزيرتي الاستثمار داليا خورشيد والتضامن غادة والي ضمن أقوى 10 سيدات عربيّات في القطاع الحكومي، حيث حصلت خورشيد على المركز الثاني عربيا بعد الإماراتية لبنى القاسمي.
واستحوذت الشركة الجديدة على نحو 60 بالمائة من الشركة، بما قيمته 600 مليون جنيه، يتم دفعها على عامين، كما تقرر تعيين رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري الأسبق أسامة الشيخ، رئيسا لمجلس إدارة شركة "إعلام المصريين".
ويأتي خروج أبو هشيمة من السباق الإعلامي دون مقدمات بعدما أصبح الأقرب إلى لقب إمبراطور الإعلام المصري؛ وبعدما طرح أموالا طائلة واستثمارات ضخمة اعتبرها متخصصون في الإعلام "واجهة لأموال قذرة تتحرك بتوجيهات من
المخابرات المصرية للسيطرة على المجال الإعلامي تحقيقا لرغبة
السيسي"، حسب وصف الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة سابقا، قطب العربي.
وأثارت الصفقة التساؤلات حول بيع أبوهشيمة حصته في هذا التوقيت رغم أنه اشترى قناة (أون) قبل عام ونصف تقريبا من رجل الأعمال نجيب ساويرس، والتكهنات حول كون شركة (إيجل كابيتال) ستار جديد لأجهزة سيادية بالدولة كما هو الحال في العديد من الفضائيات، وعلاقة انتخابات الرئاسة 2018 بالصفقة.
وفي تعليقها أشارت الكاتبة الصحفية مي عزام، إلى أن الصفقة جاءت بأوامر سيادية، وتندرت عبر صفحتها بفيسبوك قائلة: "إشترى ياأبوهشيمة.. حاضر ياباشا، بيع ياأبوهشيمة.. حاضر ياسعادة الباشا وربنا يديم المحبة".
وتساءلت الأكاديمية علياء المهدي، عن مصدر أموال تلك الصفقة، وقالت: "من داليا خورشيد حتى تشتري حصة أبوهشيمة؟ وأين قانون: من أين لك هذا؛ ليطبق عليها؟"، فيما تساءل أيضا الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام، قائلا: "متى أسست وزيرة الاستثمار السابقة هذا الكيان الضخم؟".
وحول عدم تأثير الصفقة على الواقع الإعلامي أكد السفير فوزي العشماوي، أن "الإعلام المصري سيظل رغم إنفاق مئات الملايين والمليارات، مرفوعا من الخدمة، ومفتقدا للقدرة على المنافسة التي لا يمكن أن تتحقق إلا في مناخ من حرية الرأي والتعبير".
ووصف الباحث الاقتصادي أحمد طلب، الصفقة بأنها "مريبة جدا"؛ مشيرا لحديث الإعلامي المقرب من الجيش مصطفى بكري، بأنه علم بالصفقة منذ فترة، وأضاف طلب أنه بعد حديث بكري لا يمكن النظر للصفقة أنها استثمارية، قائلا: الموضوع أكبر بكتير، وهناك لغز فيه، موضحا أن مبلغ 600 مليون جنيه، هزيل جدا لهذه الصفقة.
تغيير المالك اسما
وفي تعليقه قال الخبير الإعلامي، محمود جعفر، إن الصفقة من بدايتها حين دخل فيها أبوهشيمة يحف بها الغموض"، مؤكدا أن "بيعها بهذه الصورة وبدون مقدمات يزيد هذا الغموض".
وأوضح جعفر، لـ"
عربي21"، أن "الاستنتاج المنطقي في ضوء حالة عدم الشفافية هذه أنه لا أبوهشيمة ولا داليا خورشيد هما أصحاب الصفقة الحقيقيين؛ وإنما هما واجهة لجهات أخرى تحكم سيطرتها على الإعلام المصري كله وتحركه في الاتجاه الذي تريده".
ويرى جعفر أنه "ربما رأت هذه الجهات أن الوقت حان لتغيير المالك اسما أو شكلا لتقليل الخسائر المادية دونما المساس بالأساس التضليلي الذي تنتهجه القنوات الفضائية والصحف والمواقع الإخبارية وربما ستزيد جرعات الكذب والتضليل في الإدارة الجديدة".
ما علاقة الانتخابات؟
وأكد الكاتب والمحلل السياسي، سيد أمين، أن "هناك لغز في المسألة"، مضيفا "ولكني أعتقد أن الأمر له علاقة بالانتخابات الرئاسية المقبلة؛ وهو موجه فقط لاستمرار سيطرة السيسي على الإعلام في حال ترشح مرشح عسكري".
وأضاف أمين، لـ"
عربي21"، "ربما يشك السيسي في ثبات مواقف أبوهشيمة منه حال إذا ترشح أي عسكري بالانتخابات المقبلة، وبالتالي فإن الاعتماد عليه كان مجرد مرحلة انتقالية انتهت وجاء الآن دور السيسي لإحكام قبضته على الإعلام عبر وسطاء ولائهم له هو فقط دون حتى المؤسسة العسكرية التي ربما يشك في استمرار دعمها له".
ويعتقد أمين، أن "الحدث سيكون له مضاعفات على مستوي النخب الحاكمة؛ حتى وإن لم يظهر إعلاميا للناس".
تغيير مخابراتي
ويرى الكاتب الصحفي محمد منير، أن "المخابرات والجهات السيادية تقوم بعملية تغيير لمن تشغلهم من المديرين في المشروع الإعلامي".
منير أحد القيادات الصحفية السابقة لمؤسسة اليوم السابع أحد أهم مكونات الصفقة، قال لـ"
عربي21"، إن القرار قد يؤثر بشكل كبير على بعض القيادات الصحفية بتلك المؤسسات، وأضاف أنه "احتمال كبير في ظل ظهور تفريخ أجيال جديدة من عملاء النظام في الإعلام".
وحول مصدر أموال تلك الشركة الإعلامية الجديدة، أكد منير، أن داليا خورشيد لم تضع أية أموال وأنها "سبوبة المخابرات"، حسب وصفه.