استعرضت شبكة "CNN" الأمريكية جملة من
المواقف الأمريكية المتناقضة والمرتبكة خلال عام واحد من حكم الرئيس دونالد ترامب والتي
بدلا من تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط أتت بنتائج عكسية أسهمت بتقوية نفوذ خصومها.
ولفتت الشبكة الأمريكية إلى أن
أحد مؤشرات فشل سياسة ترامب في المنطقة مشاهد لقاء وكلاء إيران وهم يلوحون
بأعلامهم على الحدود العراقية السورية بعد استعادتها من تنظيم الدولة.
وأوضحت أن اللقاء كان لحظة فارقة وكان يشير إلى عودة إيران من جديد
للواجهة مقابل فشل سياسة واشنطن الخارجية وفي ظل رئيس أطلق تعهدات بالتصدي لإيران
خلافا لما كان يفعله سلفه أوباما ساهم ترامب من غير قصد في تمكين طهران.
ورأت "CNN" أن هزيمة تنظيم
الدولة كان أحد تعهدات ترامب وأولوية له في المنطقة ولعبت القوات الأمريكية دورا
مهما في ذلك لكن في المقابل كانت سياسات أمريكا "كتلة من الارتباك والتناقض
نفرت حلفاءها وصبت في مصلحة خصومها".
وجاء اعتراف ترامب بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل متناقضا مع النصائح
التي قدمها أقرب حلفاء أمريكا من العرب.
وأشارت إلى أن التظاهرات التي عمت الشوارع ضد إعلان ترامب ربما تفقد
زخمها لكن التحركات التي تحاول الاستفادة من التداعيات السلبية للقرار كانت أوسع
نطاقا وتمثلت في اجتماع زعماء العالم الإسلامي في إسطنبول واعتبروا قرار ترامب
"لاغيا وباطلا" والولايات المتحدة "وسيط غير نزيه ولا مؤهل لعملية
السلام الإسرائيلية الفلسطينية".
وقالت إن عباس الذي وقف إلى جانب ترامب في البيت الأبيض قبل أشهر وقال
له: "معك سيدي الرئيس لدينا أمل كبير"، قال عقب قرار القدس إن الولايات
المتحدة "اختارت ألا تكون وسيطا نزيها بالعملية السياسية لأنها تقف مع
إسرائيل وتدعهما".
ولفتت "CNN" إلى أن صهر ترامب
جاريد كوشنير 36 عاما هو المسؤول عن رسم وتنفيذ سياسة واشنطن في المنطقة والذي
تصفه بأنه "غير محايد ومبتدئ ومدير مشارك في مؤسسة تمول المستوطنات
الإسرائيلية في الضفة الغربية".
وأوضحت أن هذا التخبط يأتي بالإضافة لشغور المناصب الدبلوماسية
الكبيرة لواشنطن في المنطقة وخصوصا سفاراتها في مصر وتركيا والأردن والسعودية بدون
سفراء علاوة على جلوس المبتدئين في مقعد قيادة دبلوماسية واشنطن وتجاهل إدارة
ترامب نصائح الدبلوماسيين الخبراء.
ووصفت "CNN" ولي العهد السعودي
محمد بن سلمان
بـ"رجل ترامب في منطقة الشرق الأوسط" وقالت إنه "أقرب الحلفاء العرب للرئيس الأمريكي
والمتتبع لمسار غربي للتحرر داخل بلاده مثل السماح للمرأة بقيادة السيارة وفتح دور
للسينما" علاوة على حسابات خاطئة خارج بلاده.
ورأت الصحيفة أن الاعتقاد يسود بأن ابن سلمان "داعم أساسي للحرب
الكارثية في اليمن والحصار العقيم على قطر" بالإضافة لما وصفتها بالاستقالة
"الغريبة" لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري علاوة على احتجاز
الملياردير الأردني الفلسطيني صبيح المصري.
وقالت إن تصرفات ابن سلمان تمثل "جهودا خرقاء لإرغام مجموعة من
اللاعبين الرئيسيين في العالم العربي" للالتزام بالسياسات
السعودية وما أتى
بنتيجة عكسية ولد مشاعر مناهضة للسعودية في أرجاء المنطقة.
وشددت على أن واشنطن تلح على السعودية وإسرائيل لتكوين تحالف يواجه
قوة إيران لكنها استبعدت نجاح تلك الفكرة في ظل وجود مجموعة دول استهلكتها
الخصومات بقيادة دولة عظمى تعيش حالة من الفوضى والارتباك.
وأضافت: "محاولة تحقيق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في ظل
هذه الظروف أمر ليس سهلا بل مهمة مستحيلة".
وتسببت سياسات ترامب في تعزيز نفوذ إيران لكنها ساهمت في حضور روسيا
بصورة أقوى من أي وقت مضى في المنطقة.
وتحدثت الشبكة في تقريرها عن "تلذذ" بوتين في إعلان اكتمال
مهمته بمساعدة رئيس النظام السوري بشار الأسد بعد النزاع المستمر منذ 2012 وإعلان بدء انسحاب قواته جزئيا من قاعدة حميميم الجوية بسوريا.
وأوضحت أن روسيا واصلت تحسين العلاقة مع تركيا ورعت الدولتان محادثات
السلام في أستانة وكانت واشنطن في أفضل الأحوال مجرد "مراقب غير فعال".
واعتبرت الشبكة أن إدارة ترامب تواصل الترنح من أزمة لأخرى على الرغم
من أن التباس السياسات الأمريكية ليس بالأمر الجديد وسبق لأوباما أن رسم خطا أحمر
للنظام السوري في حال استخدم الأسلحة الكيماوية ولكنه بالفعل استخدمها ودخل أوباما
في حرج لأنه لم يفعل شيئا لكنه في النهاية قرر تسليح المعارضة السورية بأسلحة
تساعدها على محاربة الأسد دون القضاء عليه.
وقالت إن إدارة ترامب "ورثت إخفاقات مرحلة
أوباما واعتمدت عليها لاحقا للتراجع عن اتفاقيات دولية مثل النووي الإيراني ومسألة
القدس المحتلة".
وأشارت
الشبكة إلى أن حلفاء واشنطن التقليديين أصبحوا يعارضونها علانية ويعودون
خطوات للخلف في حين تنتقل الولايات المتحدة والسعودية من أزمة إلى أخرى في المنطقة
وتقوم موسكو باستغلال هذه الحالة لإقامة علاقات وثيقة مع إيران وتركيا مع نفوذ غير
مسبوق في المنطقة.
وأشارت "CNN" إلى أن عام 2017
وإن رآه البعض "وعرا" في الشرق الأوسط لكنها دعت للتهيؤ إلى الأسوأ عام
2018.