نشرت صحيفة "جورنال دو ديمانش" الفرنسية تقريرا، طرحت فيه ستة أسئلة تهدف من خلالها إلى إيضاح الصورة المرتبطة بالاحتجاجات الشعبية التي تهز الشارع الإيراني منذ يوم الخميس الماضي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، ردا على السؤال الأول المتعلق بعدد المحتجين الذين يجوبون الشوارع الإيرانية، إنه من الصعب تقدير هذا العدد بالدقة الكافية. ولكن، من المؤكد أن المظاهرات التي انطلقت من "مشهد"، ثاني أكبر المدن الإيرانية، قد جمعت مئات المتظاهرين، قبل أن ينتفض المئات أيضا في محافظة "قم" الواقعة شمال البلاد.
تجدر الإشارة إلى أن عدد المحتجين الذين خرجوا ضمن المظاهرات الأخيرة لم يصل بعد إلى عدد الذين انتفضوا خلال سنة 2009 احتجاجا على إعادة انتخاب الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، لولاية رئاسية ثانية. فضلا عن ذلك، لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دورا هاما في تأجيج أحداث سنة 2009، الأمر الذي تفطنت له السلطات الإيرانية هذه المرة لتسارع إلى حجب هذه المواقع. وخلال يوم السبت، قامت قوات الأمن الإيرانية بتفريق شباب تظاهروا أمام جامعة طهران.
وأجابت الصحيفة عن السؤال الثاني، الذي يتمحور حول هوية المتظاهرين، حيث إن أغلبهم ينتمي إلى الفئة الشعبية نظرا لأن الاحتجاجات انطلقت من المناطق الأكثر فقرا في البلاد. وفي هذا السياق، قال الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية الفرنسي، تيري كوفيل: "أعتقد أن أغلب المتظاهرين ينتمون للطبقات المهمشة، ما يعني أنهم لن يخسروا شيئا".
وأشار الباحث الفرنسي وصاحب كتاب "إيران؛ الثورة المحجوبة" إلى أن الإيرانيين يعرفون جيدا خطورة مشاركتهم في المظاهرات. كما أنه تحدث عن خيبة الأمل التي خلفتها سياسة حسن روحاني في نفوس الشباب الذي ترجم ذلك على صفحات التواصل الاجتماعي من خلال وسم "أعتذر لمنح صوتي لروحاني". والجدير بالذكر أن عدد الحاصلين على شهادات عليا في إيران يصل إلى قرابة الـ700 ألف شاب، حيث يشكلون عبئا على الاقتصاد الإيراني الذي لا يمثل فيه القطاع الخاص سوى نسبة 15 بالمائة.
وردّت الصحيفة على السؤال الثالث الخاص بفحوى مطالب المتظاهرين، بقولها إن انطلاق الاحتجاجات من مدينة مشهد بالذات لا يعتبر من قبيل الصدفة. في هذا الصدد، أغلقت الحكومة مؤسسات الائتمان العاملة في هذه المدينة بعد أن غرقت في الديون. من جهته، ذكر تيري كوفيل أن "الاستياء الشعبي تنامى منذ فترة ضد هذه المؤسسات المالية التي تعمل بصفة غير شرعية، كما أن أغلب المؤسسات الإيرانية تعمل لصالح بعض الجماعات التابعة للنظام".
وفي ما يتعلق بالسؤال الرابع حول الدوافع السياسية الكامنة وراء هذه المظاهرات، فلم تخف الصحيفة حقيقة أن حركة الاحتجاج اكتست بسرعة طابعا سياسيا، وهو ما أكدته اللافتات التي رُفعت خلال المظاهرات والتي كُتب عليها "الموت للدكتاتورية" و"الحرية للسجناء السياسيين". وقد وصل بالمتظاهرين الحد إلى إسقاط صور آية الله علي خامنئي. وطالب محتجون آخرون الحكومة بإيقاف الدعم العسكري والمادي لأنظمة وحركات موالية لطهران والانشغال أكثر بالوضع الداخلي للبلاد.
وأجابت الصحيفة عن السؤال الخامس الذي يشغل الرأي العام والمتعلق برد فعل الحكومة على هذه الاحتجاجات، حيث إنه منذ انطلاق أولى التحركات الاحتجاجية، أوقفت السلطات قرابة الخمسين شخصا. أما في طهران، فقد تم اعتقال حوالي 200 متظاهر يوم السبت، بالإضافة إلى مقتل 12 شخصا إلى غاية الآن. من جانبها، صرّحت الحكومة بأنها لم تتأكد بعد إما إذا كان قد سقط هؤلاء برصاص قوات الأمن أم برصاص أطراف مسلحة اختلطت بالمحتجين.
وأفادت الصحيفة بأن السلطات الإيرانية حجبت خلال نهاية الأسبوع الفارط مواقع التواصل الاجتماعي، ومن بينها فيسبوك وتلغرام، التي تعتبر المواقع الأكثر استخداما في إيران. ووفقا لما أفاد به تيري كوفيل فإنه "تنتاب الحكومة مخاوف من تأثر فئات شعبية أخرى من المجتمع بهذه المظاهرات".
وفي إجابتها عن السؤال السادس، الذي يتمحور حول ردة فعل الولايات المتحدة تجاه ما يحدث في إيران، قالت الصحيفة إنه من المرجح أن يستغل ترامب، الذي يعارض الاتفاق النووي، هذه الاحتجاجات للتشجيع على تغيير النظام في إيران، حيث تفاعل الرئيس الأمريكي للمرة الثالثة يوم الاثنين مع ما يحدث في البلاد منذ اندلاع المظاهرات.
وفي الختام، أوردت الصحيفة أن المراقبين تعجّبوا من دفاع ترامب عن الشعب الإيراني، على الرغم من ضمّه إيران إلى قائمة البلدان المسلمة التي يُمنع على مواطنيها دخول الأراضي الأمريكية.
روسكايا فيسنا: كيف يمكن للاحتجاجات في إيران أن تهدد روسيا؟
هل يسقط المزيد من الضحايا في إيران على خلفية الاحتجاجات؟
الغارديان: كيف يرى أعداء إيران التظاهرات الداخلية؟