تواجه صناعة تجميع
السيارات في
الجزائر، أزمات متلاحقة خاصة بعدما عدلت الحكومة عن قرارها بتحديد عدد المصانع المرخصة.
وقررت الحكومة الجزائرية منتصف كانون الأول / ديسمبر الماضي، حصر تراخيص
تجميع السيارات في 10 تراخيص، منها خمسة لتجميع السيارات السياحية وخمسة لتجميع الشاحنات والحافلات والسيارات النفعية (سيارات صغيرة لنقل البضائع).
لكن الحكومة عادت في 25 كانون الأول / ديسمبر وجمدت قرارها حتى نهاية كانون الثاني / يناير الجاري، في أعقاب احتجاج عدد من علامات كبرى على استبعادها من النشاط، وإضافة علامات أخرى للقائمة تكون نهائية.
وبررت الحكومة الجزائرية قرارها قبل التراجع عنه، بانعكاسات محتملة لنشاط التركيب والتجميع على نزيف النقد الأجنبي للبلاد، من خلال تعدد وكثرة الوحدات وضعف نسبة الإدماج وتحول النشاط لبوابة جديدة للاستيراد.
الجزائر هي السوق الثانية للسيارات في القارة السمراء بعد جنوب إفريقيا، حيث بلغت واردتها عام 2013، ما يقارب 6.5 مليارات دولار، و600 ألف سيارة في ذات العام.
وتلقت وزارة الصناعة حتى الشهر الماضي، 89 ملفا يتعلق بتركيب السيارات وقطع الغيار للمركبات بمختلف أصنافها وأحجامها.
الآراء في الجزائر انقسمت بين مؤيد ومعارض، إذ رأى البعض أن الحكومة تراجعت أمام ضغوط شركات السيارات التي تم إقصاؤها، فيما رأى آخرون أنها خطوة لإعادة التصحيح وإشراك أكبر عدد من العلامات صاحبة المشاريع الجادة.
ويشهد النشاط جدلا واسعاً منذ العام الماضي، بسبب تسريبات لصور واتهامات لمصانع بمخالفتها دفتر الشروط، واستيراد مركبات جاهزة تقريبا في حاويات، وتسويقها على أنها مركبة محليا.
معلومات جديدة
وزير الاستشراف الجزائري الأسبق بشير مصيطفى، قال إن تراجع الحكومة عن قرارها ربما جاء كنوع من التصحيح بعد حصولها على معطيات ومعلومات جديدة.
وأضاف: "الحكومة على دراية بتفاصيل السوق ومن الممكن أن يكون التعديل والتجميد مدفوعا بصعوبات مالية لاحت في الأفق، أو مشاكل في العقار الصناعي أو في العقود المبرمة التي تتضمن تقييد لعلامات معينة".
ويرى الوزير الأسبق أن "قرارات الحكومة جاءت كإجراءات وليس كسياسيات، ولذلك من الطبيعي جدا أن تعدل وتصحح".
قرارات استراتيجية
الصحفي المتخصص في سوق السيارات، حميد عباسن، رأى من جهته أن الخطوة الأخيرة للحكومة تجعلها محل تهمة بكونها مغامرة، وأن هناك تدخلا من جماعات الضغط والمصالح في القرارات الاستراتيجية للبلاد.
وأوضح أن الإعلان عن إجراء وإلغائه فيما بعد، يضع جدية الحكومة على المحك فيما يتعلق بتسيير الورشات
الاقتصادية الكبرى للبلاد. وزاد: "التراجع يجعل المتعاملين الاقتصاديين الأجانب، يتلقون صورة سلبية عن تسيير الشأن العام في الجزائر".
وأكد أن تخبط الحكومة يعيد إلى الواجهة غياب المشاورات مع الفاعلين في القطاع، إضافة إلى نقص التنسيق ما بين الوزارات وسيطرة جماعات الضغط.
شروط جديدة
وخلال العام الماضي، اضطرت الحكومة الجزائرية إلى تجميد دفتر الشروط الخاص بنشاط تركيب وتجميع السيارات، وأفرجت عن دفتر جديد (ملف إجراءات لتنظيم السوق) مطلع كانون الأول / ديسمبر من ذات العام.
ومن بين ما نص عليه الدفتر الجديد، شرط بلوغ نسبة إدماج لا تقل عن 15 بالمائة في غضون السنوات الثلاث الأولى من النشاط، وضرورة بلوغ نسبة 40 إلى 60 بالمئة في غضون السنة الخامسة.
لكن سعي الحكومة الجزائرية لتنظيم السوق اعتبارا من 2014 بعد بداية الأزمة النفطية، قلص كثيراً من واردات البلاد للسيارات.
وفي 2017، لم تستورد البلاد أي سيارة عبر النقد الأجنبي المحول عبر البنوك المعتمدة، واقتصرت العملية على عملية استيراد فردية للمواطنين بمالهم الخاص، من دول أوربية وخصوصا فرنسا.
وتسببت الإجراءات المتخذة من طرف الحكومة الجزائرية، في ندرة المركبات الجديدة والتهاب أسعارها، وتأثر سوق السيارات المستعملة هو الآخر، حتى صار شراء سيارة قديمة بمثابة حلم بعد أن تضاعف سعرها في غضون 3 سنوات.