قيم المحلل في صحيفة "إندبندنت" كيم سينغوبتا أول عام للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، وتساءل عما إذا كان التدخل الروسي سيكون علامة عامه الثاني.
ويقول سينغوبتا في بداية مقاله إن "ترامب وصل إلى البيت الأبيض بسبب الدور الذي أدته المخابرات ووكالات الأمن، وقد تكون الآن هي من يقوم بإخراجه من السلطة، منهية بذلك واحدة من أغرب الرئاسات في التاريخ الأمريكي".
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الديمقراطيين اشتكوا من أن هيلاري كلينتون كانت ستفوز بسهولة لو لم يقم مدير مكتب التحقيقات اليفدرالية "أف بي آي" جيمس كومي، بإعادة فتح ملف التحقيق في الرسائل الإلكترونية، فعندما كانت في الذروة قبل 11 يوما من التصويت، قرر كومي فتح التحقيق، وخرب حملتها الانتخابية، وفي الوقت ذاته فشل في الكشف عن علاقة دونالد ترامب بالروس، التي كانت تجري منذ عدة أشهر.
ويقول سينغوبتا: "الآن ذهب كومي، الذي عزله ترامب؛ لأنه لم يوقف التحقيق في التدخلات الروسية، لكن هناك تحقيقات أخرى مستقلة تحاول تحديد عما إذا كان ترامب (المرشح الموسكوفي) أو واحدا منهم".
ويفيد الكاتب بأن "من أكثر التحقيقات خطورة ذلك الذي يقوده المحقق الخاص روبرت مولر، مدير (أف بي آي) السابق، الذي وسع من تحقيقاته لتشمل نشاطات ترامب التجارية الغامضة، وتم اعتقال اثنين من أعضاء فريقه، مدير حملة ترامب الانتخابية السابق بول مانفورت، ومدير الأمن القومي السابق الجنرال مايكل فلين، حيث وجهت لهما تهم".
ويلفت سينغوبتا إلى أن "هناك مسؤولا صغيرا آخر، وهو جورج بابودوليوس، الذي يعد صلة الوصل في المؤامرة، بالإضافة إلى أن نشاطات دونالد ترامب الابن وصهره جارد كوشنر هي محل تدقيق المحقق الخاص مولر، وألمح إلى أنه يرغب بالحديث مع الرئيس في المستقبل".
ويبين الكاتب أن التركيز الآن أصبح على ستيف بانون، الذي استمتع بلقب "رئيس الظل"، وكان حليفا مقربا لترامب، حيث اتهمه الآن بالخيانة، ووافق على مقابلة مولر بعدما هدد بالاستدعاء أمام هيئة محلفين كبرى، لافتا إلى أنه تم استدعاء مدير استراتيجيات ترامب السابق أمام لجنة الشؤون الأمنية في الكونغرس، التي تقوم بتحقيق منفصل في التدخلات الروسية في حملة انتخابات عام 2016، حيث جاء هذا بعد جلسة استمرت 10 ساعات، ورفض فيها الإجابة على أسئلة خلال جلسة مغلقة، وزعم أنه رفضه جاء بناء على تعليمات من البيت الأبيض.
ويستدرك سينغوبتا بأن "بانون كان يعلم ماذا سيحصل له، حيث تحدث لمايكل وولف في كتابه القنبلة (نار وغضب) عن تذمرات ترامب وإدارته لأجل التخلص من التحقيق الروسي، وقال إن الإدارة عاجزة فهي كمن جلس على الشاطئ، وحاول وقف إعصار قادم".
ويعلق سينغوبتا قائلا إن "العاصفة التي تقترب ستشتد عندما سيقدم بانون أدلة، وقد كان له دور في المناقشات للتخلص من كومي، وهو فعل يراه مولر إعاقة لمسار العدالة، بالإضافة إلى صياغة بيان مضلل وبمعرفة من ترامب حول لقاء جرى في برج ترامب بين جارد كوشنر ودونالد ترامب الابن ومانفورت مع المحامية الروسية ناتاليا فيسلينتسكا، التي عرضت تقديم معلومات حول هيلاري كلينتون".
وتورد الصحيفة أن بانون وصف عزل كومي بأنه "أسوأ خطأ في التاريخ السياسي الحديث"، ما فتح الباب، كما فعل لتعيين المحقق الخاص، بسلطات واسعة، مشيرة إلى أن بانون وصف اللقاء مع المحامية بالخيانة وبأنه عمل غير الوطني، و"لا يوجد أدنى شك من أن دونالد الابن أخبر والده، وهو ما يناقض قوله إنه لا يعرف أي شيء".
ويذكر الكاتب أن بانون كان يتحدث عن مسار مواز، الذي اتخذه المحقق الخاص، أي التحقيق في نشاطات عائلة ترامب التجارية، وأخبر بانون وولف قائلا إن "هذا يتعلق بتبييض الأموال، فقد اختار مولر ويزمان وهو رجل غسل الأموال والطريقة لـ(خوزقة) ترامب تمر مباشرة عبر مانفورت ودون جونيور وجارد كوشنر، وهذا واضح وضوح الشعر على وجهك، سيسحقون دون جونيور مثل البيضة على التلفزيون الوطني".
ويعلق سينغوبتا قائلا إن "من يتابعون تحقيقات مولر يتفقون مع تحليل بانون، وهناك تدقيق متزايد للاتهامات حول استخدام منظمة ترامب الأموال الروسية، وويزمان، الذي ورد في كلام بانون هو أندرو ويزمان، الذي انضم لفريق مولر، فقبل 19 عاما توصل بصفته محققا لصفقة مع فليكس ساتر، وهو مجرم مولود في روسيا، وتم التحقيق معه في دوره في فضيحة 40 مليون دولار قامت بها عصابة جريمة منظمة، واستهدفت الكبار في العمر، ومنهم ناجون من الهولوكوست".
وينوه الكاتب إلى أن "ساتر تحول إلى مخبر، حيث تجنب سجنا بعشرين عاما وغرامة مالية بقيمة 5 ملايين دولار (دفع فقط 25 ألف دولار)، ووافق على تقديم المعلومات عن روسيا والجريمة المنظمة، بحسب ما ورد في أوراق وزارة العدل، وأصبح ساتر بعد ذلك شريكا تجاريا لترامب، حيث عمل في شركة للعقارات عرفت باسم (بايروك)، التي كانت لديها مكاتب من طابقين تحت مقر منظمة ترامب، ودخلت (بايروك) شراكة مع ترامب في مشروع فندق (ترامب سوهو) في نيويورك، ويتعرض هذا الفندق للتحقيق في اتهامات غسيل أموال كازاخستانية، حيث يساعد ساتر المحققين".
ويكشف سينغوبتا عن أنه "كانت لساتر خطة طموحة لمساعدة ترامب في الانتخابات الأمريكية، وقال مايكل كوهين، محامي ترامب، ونائب المدير السابق لمنظمة ترامب بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يمكنه المساعدة في إيصال ترامب إلى البيت الأبيض (ولدنا يمكن أن يصبح رئيسا للولايات المتحدة ويمكننا هندسته.. ويمكنني الحصول على دعم بوتين في هذا البرنامج وانتخاب ترامب رئيسا)".
ويقول الكاتب إن "أهمية المال الروسي لمنظمة ترامب ليست سرا عظيما، حيث كان دونالد ترامب الابن يقول منذ عام 2008 إن (الروس لديهم جزء غير متناسب في الكثير من حساباتنا، ونرى الكثير من الأموال تتدفق من روسيا)".
وتنقل الصحيفة عن البروفيسورة في العلوم السياسية في جامعة تورنتو سيفا غونتسكي، قولها إن ترامب يتابع الصلة الروسية منذ أكثر من عقد، وتضيف: "لم يبدأ هذا في انتخابه، بل بدأ بأموال النخبة الروسية الغنية الذين صبوا أموالهم في تجارة العقارات والكازينوهات التابعة لترامب، وكان يعمل مع الكثيرين منهم ومنذ سنين وقبل أن يظهر أي طموح حقيقي في السياسة، ونحن لا نتحدث عن أموال صغيرة، لكن عن مئات الملايين من الدولارات، وربما كانت كافية لمنع إفلاس ترامب".
ويورد سينغوبتا نقلا عن المدير السابق لوكالة الأمن الخارجي البريطانية "أم أي 6"، سير ريتشارد ديرلاف، قوله: "ما بقي لترامب ربما كان أي صفقة وبأي شرط، اقترض ترامب من الروس بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008، خاصة أن الكثيرين في الغرب لم يكونوا ليقرضوه".
وينوه الكاتب إلى أن كريستوفر ستيل، الذي عمل تحت إدارة ديرلاف، وأعد الملف الشهير، كان أول وثيقة تضع الخطوط العامة لتفاصيل الاتهامات المتعلقة بصلة ترامب مع الكرملين، مشيرا إلى أن الإعلام المتطرف في الولايات المتحدة وبريطانيا حاول شيطنته، ورفض ما جاء في تقريره، إلا أن معظم ما ورد في التقرير تبين الآن أنه صحيح.
وتشير الصحيفة إلى أن ستيل تعرض لهجمات جديدة، ففي يوم الجمعة الماضي، وبعد أسبوع من المعلومات المهينة والمدمرة للرئيس بسبب كتاب مايكل وولف "نار وغضب"، طالب عضوان جمهوريان في اللجنة القانونية في مجلس الشيوخ، وهما ليندسي غراهام وتشاك غريزلي، وزارة العدل بالتحقيق في علاقة ستيل بالإعلام.
ويقول سينغوبتا: "لن يتوصل التحقيق إلى شيء؛ لأنه (لا يهدف لتوجيه اتهامات بجريمة) وأن الدعوة ليست متعلقة بصحة ما ورد في الملف، ولم يبد أن المسؤولين الأمريكيين في مجال الأمن ونظراءهم البريطانيين، الذين عملوا مع ستيل، يشككون في صحة ما ورد في تقريره، وقيل إن الضابط السابق في (أم آي6) وافق على التحدث مع مولر".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إنه "تم استبدال مدير (سي آي إيه) جون برينان، بأحد الموالين الأشداء لترامب، وهو مايك بومبيو، وعادة ما يهاجم الرئيس (الدولة العميقة)، التي يقول إنها تحاول تدميره، ويهدد بالانتقام منها، لكن لا راحة في ظل الاتهامات والاتهامات المضادة مع توسع التحقيقات الروسية وتعمقها.
بلومبيرغ: لهذا السبب يريد ترامب القضاء على بانون
التايمز: هذا ما كشفه بانون حول صحة ترامب العقلية
واشنطن بوست: ما هي حقيقة العلاقة بين ترامب وبانون؟