سادت حالة من الغضب وردود الفعل لدى الرأي العام في ليبيا، عقب نشر تقارير تتعلق بتوصية من قبل لجنتي الدفاع والخارجية بمجلسي النواب والشيوخ الإيطالي بتعزيز قدرات البعثة العسكرية الإيطالية، ورفع عدد أفرادها إلى 400 عنصر في ليبيا.
ورغم النفي من قبل سفارة إيطاليا في طرابلس، ووصفها لهذه التقارير بأنها "غير دقيقة"، إلا أن أطرافا عدة في ليبيا سارعت بالإدانة واستغلال الحدث؛ لتسجيل مكسب سياسي، ومنها البرلمان الليبي والحكومة الليبية المؤقتة غير المعترف بها دوليا.
لكن الغريب هو مطالبة وزارة الخارجية بحكومة الوفاق الليبية، في رسالة لسفارة إيطاليا في طرابلس بضرورة "توضيح "عاجل" بشأن قرار زيادة القوات الإيطالية في ليبيا"، وهو ما يؤكد عدم وجود تنسيق بين الحكومة وإيطاليا، وكذلك حالة التخبط لدى "الرئاسي الليبي".
توضيح
وأوضح مصدر سياسي ليبي يعيش في إيطاليا، لـ"عربي21"، أن "قرار البرلمان الإيطالي، وبعيدا عن الإشاعات، تناول أهداف المهمة الإيطالية في ليبيا، منها تقديم المساندة والدعم إلى حكومة الوفاق الوطني الليبي".
وذكر المصدر أن "من بين هذا الدعم: تقديم المساندة والدعم الصحي، وتقديم دورات تنشيطية لصالح أطقم ليبية تعمل في مجال نزع الألغام، وتقديم نشاطات تكوين، وتدريب، واستشارات، ومساندة، ودعم، والإرشاد لصالح قوات الأمن والمؤسسات الحكومية الليبية"، حسب قوله.
"موسوليني" جديد
من جانبه، قال وزير العدل الليبي السابق والمحامي، صلاح المرغني، إن "من زين لإيطاليا إرسال الجنود، ومن طلب منهم ورحب بهم للدوس بأقدامهم على الأرض الليبية "الطاهرة"، ونشر أساطيلهم في المياه الليبية، كما يفعل مجلس رئاسي يعيش على هامش الشرعية والعار، وإعادة تسميم علاقة الشعبين، لم يرتكب خطأ تاريخيا فحسب، بل في الوقت ذاته استدعى الذاكرة الوطنية للجرائم التي ارتكبها الطليان بحق أهلنا في ليبيا".
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21"، أن "على "الطليان" أن يخرجوا ويكفوا أيديهم عن ليبيا قبل فوات الأوان، وما ضركم لو جعلتم العلاقة في غد بين الشعوب مودة وإخاء، أم أن أحلام الشاطئ الرابع وشعارات "موسيليني" ما زالت تراودكم؟!"، وفق تعبيره.
واستدرك قائلا: "بإمكان إيطاليا مساعدة ليبيا بترتيب نزع سلاح "المليشيات" تحت راية اتفاق وطني بمساعدة أممية، وبإمكانها أيضا المساعدة في حل مشكلة الكهرباء، وليس بتوظيف "باندات" ليبية وخيال مآته يخدمهم بالمخالفة للقانون وبتجاهل الإرادة الوطنية الليبية"، كما قال.
..وأين انتهاكات حفتر؟
المحلل السياسي المقيم في روما، محمد فؤاد، أشار إلى أن "البرلمان الإيطالي بنى قرارته على قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وكذلك رسالتي رئيس المجلس الرئاسي الموجهتين للحكومة الإيطالية بتاريخ أيار/ مايو وتموز/ يوليو 2017 لطلب المساعدة، فكان الأولى بوزير الخارجية الليبي مخاطبة رئيسه وليس سفارة إيطاليا".
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "أما بخصوص متاجرة البرلمان الليبي بالسيادة الوطنية، فأعتقد أن تقارير الأمم المتحدة ومجلس الأمن التي تتحدث عن المعارضة السودانية، وتعاونها مع حفتر، والتدخلات المصرية والإماراتية، كافية للرد على هذا البرلمان"، وفق رأيه.
ضعف "الرئاسي"
وقال العضو السابق في المؤتمر الوطني الليبي، فوزي العقاب، إن "الأصل في الموقف الوطني هو الرفض لأي تواجد عسكري على الأرض تحت أي مسمى ولأي غرض، ولذلك هناك رفض لوجود أي قوات إيطالية في ليبيا".
وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "المجلس الرئاسي الليبي بلغ به الضعف والوهن والعبث لدرجة غيابه عن ما يجري، وكثيرة هي الأطراف الدولية، سواء منظمات أو دول تجاوزته في كثير من القضايا للتعامل مباشرة مع أجسام صغيرة محلية في مجالات متنوعة كالهجرة مثلا".
استغلال سياسي
الكاتب الصحفي الليبي، عبدالله الكبير، رأى من جانبه أن "أغلب الجدل سببه الاستغلال السياسي للحدث للنيل من حكومة الوفاق، وكون الموضوع يتعلق بتعزيز وجود عسكري سابق لإيطاليا، وهذا خطير جدا، وسيسبب بأزمة على المدى البعيد بين البلدين".
وتابع لـ"عربي21": "حكومة الوفاق لم تكن شفافة، وتحدثت بعد إثارة الموضوع إعلاميا، لكن تعزيز الوجود الإيطالي العسكري يشير إلى احتمال زيادة تأزم الأوضاع محليا، ما يستدعي حماية إيطاليا لمصالحها، وربما محاولة إيطالية للجم قوى دولية أخرى من التدخل في ليبيا".
مدينة "مصراتة"
وقال الناشط الفيدرالي الليبي، أبو بكر القطراني، لـ"عربي21"، إن "استفسار حكومة الوفاق التي لم تنل الشرعية بعد، حول وجود قوات إيطالية، هو محاولة يائسة لرفع الحرج عن موقفها الضعيف".
وأوضح أن "مدينة مصراتة (غربي ليبيا) بدأت تشعر بضيق الطوق المعادي عليها، ولذلك لجأت إلى الاحتماء بالأجنبي، وهو الاستعمار القديم؛ بحجة تبادل المصالح، ومحاربة الهجرة غير الشرعية، ومن الطبيعي أن لن تفوت إيطاليا هذا العرض الذي جاءها على طبق من ذهب"، كما قال.
ماذا وراء إرسال إيطاليا قوات عسكرية إلى ليبيا؟
تجدد الأزمة بين "السراج" ووزير دفاعه..إلى أين ستصل؟
ما علاقة تركيا بسفينة متفجرات قادمة إلى مصراتة الليبية؟