لمن ينحاز المتصوفة.. للسيسي "حبيب الله" أم "للشريف" عنان؟

يثار التساؤل حول دور الصوفية في دعم المرشحين الرئاسيين العسكريين المحتملين، لما لهما من صلات بالطرق الصوفية بمصر، ففي الوقت الذي وصف فيه المتصوفة قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي بأنه "حبيب الله" ووالد أحد أقطاب الصوفية، ينتمي الفريق سامي عنان للأشراف "العنانية العمرية".

وللطرق الصوفية كتلة تصويتية كبيرة، حيث إنهم يمتلكون حضورا شعبيا قويا، وفي ظل عدم وجود إحصاء رسمي حول أعدادهم، أكد شيخ مشايخ الصوفية ورئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية، الدكتور عبدالهادي القصبي، في كانون الأول/ ديسمبر 2017، أن هناك أكثر من 15 مليون صوفي منتشرين في مختلف المحافظات والمراكز والنجوع والقري بمصر، يعلنون دعمهم للرئيس عبدالفتاح السيسي في حربه ضد الإرهاب.

ويوجد بمصر 6 آلاف ضريح، و77 طريقة صوفية، مسجل منها 67 طريقة بالمجلس الأعلى للطرق الصوفية، بينما تعد الطرق الرئيسية والأقدم هي "الرفاعية، والبدوية، والدسوقية، والشاذلية، والقنائية، والقادرية، والخلوتية، والعزمية"، وينظم عملها المجلس الأعلى للطرق الصوفية، والاتحاد العام لتجمع آل البيت، ونقابة الأشراف.

ويتم انتخاب المجلس الأعلى للطرق الصوفية رسميا، وتحت إشراف مجلس الدولة بالتعاون مع محافظة القاهرة، وكانت آخر انتخابات في 24 أيار/ مايو 2017.

ورغم أن الصوفية في مصر لم تنشغل بالعمل السياسي على مدار تاريخها، الذي يمتد بعضه إلى حقبة حكم الفاطميين لمصر، (973م–1171م)، ولم يحدث أن وقع صدام بينهم وبين أي نظام حكم مصر، فإن أتباع الصوفية يعملون تحت سمع وبصر الأجهزة السيادية والأمنية في مصر، حسب تاريخهم في عهد جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك، وتصريح سابق لأحد القيادات الصوفية لـ"عربي21".

إلا أن الصوفية، وإثر ثورة يناير 2011، ودخول التيار الإسلامي المعترك السياسي، وعلى طريقة حزب "الحرية والعدالة" الذراع السياسية للإخوان المسلمين، وحزب "النور" المعبر عن السلفيين، أنشأت طرق صوفية أحزابا مثل "التحرير" و"النصر" و"نهضة مصر"، دون أن يكون لها تأثير في أي استحقاق انتخابي مرت به البلاد حتى اليوم.

ويقول الكاتب الصحفي عماد عنان، إن "الصوفيين أكثر المستفيدين من سقوط حكم الإخوان، إذ بات الطريق ممهدا أمامهم من جديد لاستعادة دورهم ونفوذهم مرة أخرى"، مضيفا في مقال له: "وبالفعل كانوا من أوائل الصفوف التي تقدمت لإعلان المبايعة والدعم والتأييد للسيسي في 2014"، وكان شعارهم "لا إله إلا الله، السيسي حبيب الله".

السيسي و المرازقة والأشراف

وتحدثت تقارير صحفية إثر الانقلاب العسكري منتصف 2013، عن أن السيسي له جذور صوفية، وكان والده شيخا لطريقة "المرازقة الأحمدية" عن منطقة "الجمالية" بالقاهرة، فيما قال نائب نقيب قبيلة "الجعافرة"، بقنا رضا فتحى، إن السيسي ينتمى للقبيلة "الصوفية"، التي ينتهي نسبها للإمام جعفر الصادق وقبيلة "الأشراف".

وحول دعم الصوفية للسيسي بالانتخابات المقررة في آذار/ مارس المقبل، دعا مشايخ الطرق الصوفية بمولد القطب الصوفي أبو الحسن الشاذلي، في آب/ أغسطس 2017، الأتباع والمريدين لانتخاب السيسي، ومبايعته لفترة رئاسية ثانية.

ودشن الشيخ محمد عبدالخالق الشبراوى، رئيس جبهة الإصلاح الصوفية وشيخ الطريقة الشبراوية، حملة "معاك يا سيسي" لدعمه بالانتخابات.

جذور عنان الصوفية

وللفريق عنان جذور صوفية، كما ظهر أكثر من مرة أمام ضريحي السيدة زينب والإمام الحسين بالقاهرة، كما يتبع حاتم عنان، أخو الفريق عنان، الطريقة العنانية العمرية، التي يتبعها عدد كبير من المصريين، وتوجد صفحة رسمية له عبر موقع فيسبوك باسم الشريف حاتم عنان.

"عربي21"، تواصلت مع الشريف حاتم عنان، شقيق الفريق، الذي أكد أن لديهم كتلة تصويتية كبيرة تبلغ 4 ملايين شخص، وقال إن الطريقة العنانية العمرية لا تعدّ طريقة بقدر ما أنها "سجادة"، وذلك يعني أنهم جميعا من نسل وأسرة واحدة، وأن تلك الكتلة التصويتية ستكون داعمة للفريق عنان إلى جانب الأتباع والمريدين.

الشريف عنان، أكد أن الفريق يحب بشكل كبير أهل البيت وصحب النبي الكرام، ودائما ما يقوم بزيارات لأولياء الله الصالحين ولأضرحة السيدة زينب والإمام الحسين.

وتحدث عنان الأخ عن تضييق كبير من قبل الأجهزة الحكومية والتنفيذية بحق مؤيدي الفريق الراغبين في عمل توكيلات انتخابية له.

وقال: "بمدينة المنصورة عاصمة محافظة الدقهلية (دلتا مصر)، تحركنا لعمل توكيلات للفريق، وقسمنا أنفسنا مجموعات من الأسرة العنانية مئة بكل يوم، وفي اليوم الأول، وأثناء إنهاء الإجراءات، تم قطع التيار الكهربي عن مبنى الشهر العقاري، وتوقفت جميع الإجراءات".

وأكد أن مدير الشهر العقاري اعترف بأن قطع النور تعليمات قد جاءته، وليس عليه إلا التنفيذ، قائلا إن "لم يتم السماح لهم بعمل توكيلاتهم، فإنه سوف يتوجه إلى محافظ الدقهلية بتقديم شكوى رسمية بهذا الشأن".

وعن إمكانية دعم بقية الطرق الصوفية للفريق عنان، أكد الشريف حاتم أنه وللأسف، فإن شيخ مشايخ الطرق الصوفية يعد عضوا بالبرلمان، وهو أعلن بالفعل تأييده للسيسي، مشيرا إلى أن الطرق الصوفية جميعها طرق فردية، كل منها لا يتبع للأخرى، ولا يمكن التأثير عليها.

وقال إنه وبالرغم من ذلك، فإن الحديث عن دعم الفريق بالانتخابات سابق لأوانه، معلنا تفاؤله حول إمكانية جذب أعداد كبيرة من المتصوفة لانتخاب الفريق.

وفي سؤال حول وجود قوى داعمة من مؤسسات وهيئات الدولة للفريق عنان، أكد شقيقه، الحاج حاتم، أن حديث الفريق الذي أعلنه يقول ذلك، مشيرا إلى أنه لم يتخذ القرار إلا بعد تطمينات، رافضا الكشف عن الجهات التي تدعمه.

"هتلاعبني هلاعبك"

وقال الكاتب الصحفي، محمد أبو الغيط، إن شقيق الفريق عنان هو الشريف عنان شيخ السجادة العنانية العمرية، مشيرا إلى أن نسبهم يرجع إلى الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، مؤكدا عبر صفحته بفيسبوك أن الطريقة تعود للعصر الفاطمي، ومفروض أن تعدادها يصل نحو مليونين بمحافظات مختلفة، ويمكنهم جمع التوكيلات.

وأضاف أبو الغيط: "شيء درامي جدا أن السيسي العسكري مش بس يطلعله عسكري على أعلى مستوى قصاده، ده كمان بأصول صوفية زيه، ولا يَفِل ابن الجمالية والحسين إلا ابن مسجد أولاد عنان - اللي هوا مسجد الفتح برمسيس حاليا"، قائلا: "هتلاعبني بالصوفية هلاعبك".

وعلقت إحدى المتابعات على المنشور، قائلة : إن "حاتم محبوب جدا؛ لأنه خدوم، وهو من مارس 2011 يحشد لأخيه كرئيس، عموما عدد العنانية الأنساب والأرحام يتجاوز 4 ملايين، رغم أن العنانية كعائلة، وعدد أفرادها العمريين بالكاد 100 ألف".