نشرت صحيفة "التايمز" مقالا للمعلق روجر بويز، يعلق فيه على آفاق التعاون الاقتصادي بين السعودية وإسرئيل، وما جرى من حديث عن خط حديدي يربط بين البلدين.
ويبدأ بويز مقاله بالقول إن المغامر البريطاني المعروف بلورنس العرب قام بتدمير 79 جسرا على طول الخط الحديدي الحجازي، الذي يربط مناطق النشاط في الإمبراطورية العثمانية بالأراضي العربية البعيدة.
ويورد الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، عن تي إي لورنس، قوله إن الغرض من حرب العصابات التي شنها كان "تحطيم الخط بطريقة علمية"؛ من أجل إشغال القوات التركية خلال الحرب العالمية الأولى بعمليات الإصلاح التي لن تنتهي.
ويقول بويز إن "الخط الحجازي قد يعاد بناؤه من جديد، من خلال محاولة طموحة أو وهمية لتحقيق السلام الإقليمي. إنه من الباكر لأوانه الحديث عمن انتصر في الحرب السورية، فهي ليست في المرحلة الأخيرة مثلما هي في الوسط، لكن إيران تعتقد أنها أحد المنتصرين، حيث أقامت ممرا بريا يمر عبر العراق وسوريا إلى لبنان، وقد أثار هذا مخاوف إسرائيل وكذلك السعودية والحلفاء السنة".
ويشير الكاتب إلى أن "حزب الله في لبنان حصل على الدعم من رعاته الإيرانيين لبناء منشآت لإنتاج الصواريخ بدلا من نقلها إليه، وتتسلل إسرائيل عبر الأجواء السورية، وتستهدف مخازن الصواريخ وقوافل الأسلحة، وتتبادل المعلومات الاستخباراتية مع مخابرات دول عربية رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية".
وتجد الصحيفة أنه "في الوقت الذي تشكل فيه إيران تهديدا منظما للمنطقة، فإنه لا السعودية ولا إسرائيل قدمتا ما يمكن وصفه بالرد المنظم".
ويقول بويز: "طرحت هذا السؤال قبل أيام على ضابط متقاعد في الموساد، متوقعا سماع حديث عن إجراءات خيالية، من مثل الاغتيالات المستهدفة، وبدلا من ذلك اقترح بناء سكة حديد تربط ما بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، وسيبدأ الخط من مدينة حيفا، حيث تقوم إسرائيل ببناء ميناء جديد، ويتبع الخط الحجازي القديم عبر بيسان (بيت شان)، ومن خلال الأراضي الأردنية إلى السعودية وميناء جدة".
ويكشف الكاتب عن أن الفكرة يتم تداولها منذ فترة، وتم إحياؤها بسبب ما ينظر إليه على أنه التهديد الإيراني الذي جمع إسرائيل والسعودية في معسكر واحد.
ويرى بويز أن "سوريا فقدت دورها التاريخي بصفتها معبرا للتجارة، فهي مليئة بالعنف وبالقوى الكبرى، فلماذا لا تتم إعادة اكتشاف مناطق التقارب الجغرافي؟ خاصة ان الملاحة البحرية عبر قناة السويس تحتاج لوقت ومكلفة ومليئة بالمخاطر".
ويلفت الكاتب إلى أنه "من جانب آخر فإنه يمكن للحوثيين، الذين تدعمهم إيران في اليمن، إغلاق مضيق باب المندب، البوابة إلى البحر الأحمر، وفي الدرجة ذاتها فإنه يمكن لإيران التدخل في مضيق هرمز، وعليه فإن سكة حديد لا يزال الجزء الأكبر منها قائما، ستجعل من السعودية وإسرائيل شريكين تجاريين، وتقوي من الاقتصاد الأردني الواهن".
وينوه بويز إلى أن المخاوف على أمن الأردن زادت بوصول 1.3 مليون من اللاجئين السوريين، بالإضافة إلى وجود نسبة 28% بطالة بين الشبان.
ويعتقد الكاتب أن "ثورة القطار ستكون عملية بناء سلام من الأسفل إلى الأعلى، وزاد زخمها الآن، ويدفع باتجاه تبنيها وزير الأمن والمواصلات يسرائيل كاتز، (ومن الصعب رؤية العلاقة بين الأمن والنقل)، ويعد من القادة البارزين في حزب الليكود الحاكم، ويتطلع لأن يصبح رئيس وزراء".
ويبين بويز أن "لدى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خطط إقامة بنى تحتية في البلاد، بما فيها مدينة جديدة، ويقول إنه يريد تقديم صورة عن دولة حديثة ومعتدلة، وهذا جوابه، أي القوة الناعمة ضد تحدي القيادة الإقليمي الذي شنته إيران، حيث أن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جيسون غرينبلات، الذي يعمل مع صهر الرئيس دونالد ترامب، جارد كوشنر، منفتح على الفكرة".
ويذكر الكاتب أن "الخط الحجازي افتتح عام 1908، ومن المفترض أن يكون وسيلة نقل للحجاج من عاصمة الخلافة العثمانية إسطنبول إلى مكة والمدينة، بدلا من الرحلة الخطيرة التي كانت تستغرق 40 يوما عبر الصحراء".
ويبين بويز أن "بناء الخط لم يكن سهلا، فكان يجب حفر الأنفاق، فيما سرق البدو الخشب المثبت للحديد من معسكرات العمل، وقبل ربط الخط الحيوي بين دمشق وإسطنبول وبين مكة والمدينة اندلعت الحرب العالمية الأولى، وهزمت تركيا حليفة ألمانيا، وانهارت الدولة العثمانية، وفقدت معظم خطوط السكة في الرمال، واستخدم الأتراك الخط لنقل الجنود والإمدادات والأسلحة للثكنات والنقاط العسكرية في الولايات العربية الجنوبية، وكانت وسيلة نقل وتحكم مهمة، ولهذا اعتمد لورنس على العرب البدو ودمروا السكة".
ويقول الكاتب إن "الطرق العابرة والمترابطة تظل وسيلة لإظهار القوة وأهم هدف للخطوط الحديدية الحديثة، ولا يزال الرأي العام الأردني، رغم المعاهدة مع إسرائيل، معاديا لها، ومن السهل على معارضي الملك عبدالله الثاني وصف المشروع بالصهيوني، وتم تأجيل أو إيقاف المشاريع التعاونية في مجال الغاز والطاقة الشمسية والمياه؛ بسبب المخاوف من ردود الأفعال العكسية من مشاريع كبيرة مع إسرائيل".
ويذهب بويز إلى القول إنه "يجب في هذه الحالة تسويق مشروع السكة الحديدية للأردنيين، على أنه جزء من إحياء اقتصادي متأخر، ويجب معالجة المخاوف من نوايا اللاعبين، من مثل هل يلعب كاتز لعبة مزدوجة؟ هل سيتورط كوشنر في التحقيقات المتعلقة بالدور الروسي في الانتخابات والتنازل عن دوره بصفته مبعوثا للشرق الأوسط؟ وهل لدى ولي العهد السعودي المال اللازم؟".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "الحقيقة أن خطط السكك الحديدية، ومنذ القرن التاسع عشر، يبنيها الذين يخاطرون، وعندما تبنى فإنها تجلب الحداثة والثروة للناس الذي يعيشون على طولها".
واشنطن بوست: أي حقيقة قاسية كشف عنها صعود ابن سلمان؟
فورين بوليسي: هل يمكن لإيران السيطرة على الشرق الأوسط؟
الكشف عن رغبة الرياض بشراء نظام القبة الحديدية الإسرائيلي