نشرت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية تقريرا، تطرقت من خلاله إلى المساعي التي يبذلها الجيش المصري، من أجل تأمين كل أصوات الناخبين لفائدة رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، الذي توحي كل المؤشرات بأنه سيحافظ على كرسيه في شهر آذار/ مارس المقبل.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن كل من يجرؤ على منافسة السيسي على كرسي الرئاسة يجد نفسه في السجن. فخلال الأسابيع الأخيرة، كانت زنزانات الاعتقال مصير كل المرشحين للاستحقاق الانتخابي، الذي سينعقد على الأرجح في 26 و28 آذار/مارس المقبل.
وأكدت الصحيفة أن الإمارات العربية المتحدة رحّلت خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي رئيس الوزراء المصري السابق، أحمد شفيق، إلى مسقط رأسه بمجرد إعلانه الترشح للانتخابات الرئاسية. وعند وصوله إلى مصر، احتجز شفيق في مكان مجهول قبل أن يصرح عبر حسابه على موقع "تويتر" أنه غير جدير بتسيير دواليب الدولة في المستقبل.
اقرأ أيضا: انتقادات دولية للسيسي لتنكيله بمن يفكر بمنافسته بالانتخابات
وأشارت الصحيفة إلى أن قوات الأمن اقتحمت المطبعة التي تجهز منشورات ترشح المحامي، خالد علي، بعد أن قدم ترشحه لمنصب الرئاسة. علاوة على ذلك، تم رفع دعوى قضائية ضد هذا الحقوقي بتهمة إهانة الجيش الوطني. على خلفية ذلك، نصحه أصدقاؤه بسحب ترشحه خشية دخوله السجن، وهو ما حدث بالفعل يوم الأربعاء الماضي. وخلال مؤتمر صحفي عقده لتوضيح أسباب انسحابه من السباق الرئاسي، عزا علي انسحابه من الترشح للانتخابات إلى أن المناخ السياسي غير ملائم لخوض صراع انتخابي شفاف.
وأوضحت الصحيفة أن المحكمة العسكرية أصدرت خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي حكما بالسجن لمدة ست سنوات في حق العقيد في القوات المسلحة المصرية، أحمد قنصوة، على خلفية إقدامه على منافسة السيسي على كرسي الرئاسة.
وقد عللت المحكمة حكمها القاسي بأن هذا الضابط السامي خالف القانون العسكري، الذي يحجر على كل من ينتمي إلى القوات المسلحة الإدلاء بمواقفه السياسية. وقد خلفت هذه الحادثة جدلا واسعا في مصر، نظرا لأن السيسي أعلن بدوره عن ترشحه للانتخابات الرئاسية في سنة 2014 بزيه العسكري.
اقرأ أيضا: لماذا أطاح السيسي بجميع منافسيه العسكريين والمدنيين؟
وأضافت الصحيفة أن الجيش المصري ألقى يوم الثلاثاء الماضي القبض على رئيس أركان الجيش المصري السابق، سامي عنان، وذلك بعد أيام قليلة من إعلانه عن الترشح للانتخابات الرئاسية.
وتجدر الإشارة إلى أن عنان يمثل أحد الضباط السامين في الجيش المصري، خاصة وأنه تقلد العديد من المناصب القيادية في القوات المسلحة المصرية، فضلا عن مشاركته في حرب تشرين الأول/ أكتوبر الشهيرة ضد إسرائيل.
وتابعت الصحيفة أن الفريق عنان حمّل، خلال خطاب ألقاه بمناسبة الإعلان عن ترشحه للانتخابات، الجيش المصري مسؤولية تدهور الاقتصاد المصري وانتشار الإرهاب. في الوقت ذاته، أعرب رئيس أركان الجيش المصري السابق عن نيته في تطوير القطاع المدني عند تولي منصب الرئاسة. من جهة أخرى، انتقد عنان دعم المؤسسة العسكرية وكل أجهزة الدولة لترشح السيسي لولاية ثانية.
وبينت الصحيفة أن عنان أعلن عن اعتزامه تعيين القاضي، هشام جنينة، نائبا له في حال فاز بالرئاسة. والجدير بالذكر أن جنينة تولى في السابق منصب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات قبل أن يعفيه الرئيس المصري من مهامه، وذلك على خلفية إفصاحه عن قيمة الخسائر التي تكبدتها الدولة المصرية جراء تفشي الفساد. وفي وقت لاحق، أصدر القضاء حكما بالسجن لمدة سنة في حق القاضي جنينة بتهمة نشر أخبار كاذبة.
اقرأ أيضا: ما هي دلالات الاعتداء على هشام جنينة.. وعلاقته بالانتخابات؟
وأفادت الصحيفة أن النظام المصري شن حملة تشويه ضد عنان على كافة وسائل الإعلام المصرية، وذلك باعتباره مؤيدا لتنظيم الإخوان المسلمين المحظور، وجاسوسا لصالح الولايات المتحدة الأمريكية. وفيما بعد، نشر الجيش المصري مقطع فيديو بثته وسائل الإعلام يوضح أن إعلان عنان عن ترشحه للرئاسة يتعارض مع قانون المؤسسة العسكرية. بالإضافة إلى ذلك، اتهمت المؤسسة العسكرية رئيس أركان الجيش المصري السابق ببث الفتنة بين الشعب المصري وجيشه.
وذكرت الصحيفة أن حادثة عنان تقدم الدليل الدامغ على أن الجيش هو الحاكم الفعلي في مصر، حيث لا تتوانى المؤسسة العسكرية عن إسكات كل الأصوات التي تجرؤ على انتقاد النظام الحاكم، خاصة تلك الصادرة عن أشخاص ينتمون لها. وعلى ضوء هذه المعطيات، يتبين أن الانتخابات الرئاسية المصرية القادمة ستدور حتما في جو غير ديمقراطي.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن كل المؤشرات توحي بأن الانتخابات الرئاسية القادمة ستكون أشبه باستفتاء حول بقاء السيسي في الحكم. من هذا المنطلق، يبدو أن مصر ستظل قابعة دائما تحت سيطرة الأنظمة الديكتاتورية.
هيرست: هل حقّق السيسي ولاء الجيش المطلق بعد بيان عنان؟
الغارديان: ماذا بعد سحق المعارضة وإسكات المنافسين بمصر؟
التايمز: هكذا عبّد السيسي الطريق للفوز بولاية ثانية