فى ضوء حالة الارتباك التي شهدتها محاولة النظام
المصري الدفع بكومبارس للترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، لإبعاد شكل الاستفتاء عنها، زاد التساؤل بين المصريين: لماذا لم يرتب النظام أوراقه قبل موعد
الانتخابات بوقت كاف فيظهر بهذا الشكل المرتبك؟
وإذا كان هو مستوى سلوكه على المستوى السياسى، فهل يمتد نفس النمط من الإرتباك والتصرف العشوائي باللحظات الأخيرة على سلوكه الاقتصادي والاجتماعي؟
الحقيقة المرة أن النظام مارس نفس السلوك على المستوى الاقتصادي، خلال المشروعات القومية الكبرى التي تبناها، والتي تجمعها عدة صفات، أبرزها الفجائية في معرفة الرأي العام بالمشروع، وعدم العرض على الجهات المتخصصة سواء قبل إعلان المشروع أو بعده، حيث لم يتم عرض أي من تلك المشروعات على معهد التخطيط القومي أوالنقابات المعنية.
وعدم نشر دراسات جدوى للمشروعات أو بيانات تفصيلية عنها، سواء قبل الكشف عنها أو بعد ذلك، حتى مشروع التفريعة السابعة لقناة السويس الذى تطلب إنشاؤه طرح شهادات استثمار للجمهور للاكتتاب فيها، كانت البيانات عن المشروع عبارة عن خمسة أسطر ونصف، على موقع هيئة
قناة السويس أو بالمواقع الالكترونية للبنوك المتلقية للإكتتاب.
التسبب بأزمة الدولار
كما كان الحرص على اللقطة التي يظهر فيها الجنرال وفي خلفيته المشروع الذي يهون في سبيله أي إنفاق، حيث تمت دعوة العشرات من قيادات الدول لحضور حفل افتتاح تفريعة قناة السويس، واعتباره ذلك اليوم إجازة رسمية؛ حتى يظهر الجنرال مرتديا زيه العسكرى على مركب المحروسة.
وفي العاصمة الجديدة، تم تجهيز فندق جديد بكل مستلزماته كي يتم التقاط صورة الجنرال فيه، ولا يهم أنه سيغلق أبوابه بعد زيارة الجنرال مباشرة.
ولقد كشف رئيس هيئة قناة السويس؛ النقاب عن كواليس مشروع تفريعة قناة السويس، التي أطلق الإعلام المصري عليها - وما يزال - مسمى قناة السويس الجديدة (رغم أن طولها 35 كيلومترا بينما طول القناة 193 كيلومترا)، حين ذكر أنه تحدث للجنرال هاتفيا مساء عن المشروع، فطلبه الجنرال صباحا طالبا منه أن يبدأ تنفيذ المشروع.
ورغم أن التجارة العالمية كانت منخفضة بذلك الحين، فقد أصر على تنفيذ المشروع خلال عام واحد، ومع ظهور المياه الجوفية مبكرا اضطر لاستئجار غالب كراكات العالم للوفاء بالموعد المقرر، مما زاد من الإنفاق الدولاري في وقت كانت تقل فيه الموارد الدولارية، مما زاد الأزمة تعقيدا بشهادة محافظ البنك المركزي. ولم يعتذر الجنرال للشعب بعد تراجع إيرادات القناة بعد افتتاح التفريعة، وقال إنها كانت لرفع الروح المعنوية للمواطنين!
إغلاق كوبرى وإنشاء أنفاق
ويندرج في هذا السياق مشروع استصلاح مليون ونصف فدان التي بدأها في حزيران/ يونيو 2014؛ بالوعد باستصلاح أربعة مليون فدان خلال أربع سنوات، ثم تم التركيز على مليون فدان كان مقررا إتمام استصلاحها في حزيران/ يونيو 2015. ومع إضافة نصف مليون فدان، لم يتم حتى الآن طرح سوى نصف مليون فدان، في ظل صرخات المختصين من نقص المياه الجوفية التي يعتمد عليها المشروع.
وكان الإعلان المفاجئ عن إنشاء عاصمة إدارية جديدة في آذار/ مارس 2015، بالشراكة مع شركة إماراتية، والتي رأى المختصون وأنصار النظام أنها لا تمثل أولوية كما تمثل هدرا للموارد، ثم تم إلغاء الاتفاق مع الشركة الإماراتية، ليتم الاتفاق مع شركة صينية لإنشاء حي الوزارات والبرلمان وقاعة المؤتمرات وأرض المعارض، وغيرها، ثم يتم إلغاء الاتفاق مع الشركة الصينية، ليليها تأسيس شركة للمشروع يمتلك فيها الجيش نسبة 51 في المئة وهيئة المجتمعات العمرانية 49 في المئة، مع الحرص على بناء أعلى برج في أفريقيا في ها؛ ومطار اكتمل بناؤه قبل اكتمال مرافق المدينة.
كما فوجئ المصريون بإنشاء ستة أنفاق أسفل قناة السويس، أربعة للسيارات واثنان للقطارات، وأصابتهم الحيرة نظرا لإغلاق السلطات كوبري السلام الرابط بين الإسماعيلية وسيناء، ثم تم إلغاء نفقي القطارات بعد حوالي عام من بدء العمل، والاتجاه لبناء كباري معدنية متحركة على القناة؛ تم افتتاح ثلاثة منها، وجار صنع غيرها.
وكانت قمة المأساة بمشروعات الكهرباء التي توسع بها النظام، مما أسفر عن طاقة كهربائية فائضة تخطت العشرين ألف ميجاوات ساعة، ما دفع السلطات لتأجيل مشروعات الخطة الخمسية لمشروعات الكهرباء لأعوام 2017/2022 إلى 2022/ 2027. وكذلك تم تعديل الأسعار والشروط التي تم الإعلان عنها بنظام تعريفة التغذية لمحطات إنتاج الكهرباء من الشمس والرياح، والبطء في التعاقد معها.. ونفس الأمر لمعظم المشروعات التي تم الاتفاق عليها بمؤتمر شرم الشيخ عام 2015، بسبب الطاقات الفائضة التي زادت ديون وزارة الكهرباء، مما يدفعها لرفع سعر الكهرباء كى تسطيع الوفاء بسداد أقساط الديون.