التقى وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون في أنقرة، الخميس، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتهدئة العلاقات المتوترة جراء العملية العسكرية التركية في سوريا ضد مقاتلين أكراد متحالفين مع واشنطن.
ويلتقي تيلرسون، الجمعة، نظيره التركي مولود تشاوش أغلو قبل أن يعقد المسؤولان مؤتمرا صحافيا مشتركا.
وستكون المهمة الرئيسية لوزير الخارجية تهدئة غضب تركيا إزاء السياسة الأمريكية في سوريا، وهو خلاف أسفر عن أكبر أزمة في العلاقات الثنائية منذ حرب العراق عام 2003. وتركيا المحطة الأخيرة من جولة يقوم بها تيلرسون في الشرق الأوسط غير أنها ستكون الأكثر توترا بين كل محطاته.
وتؤدي عملية تركيا ضد وحدات حماية الشعب في منطقة عفرين السورية إلى إضافة مشكلة جديدة قد لا يمكن التغلب عليها في علاقات ثنائية يشوبها التوتر على نحو متزايد.
وقال محللون إن مستوى التوتر مشابه لعام 2003 عندما رفضت تركيا السماح للقوات الأمريكية بالعمل من أراضيها أثناء حرب العراق.
وتواجه قوات تركية في منطقة عفرين في شمال سوريا مقاتلين متحالفين بشكل وثيق مع الولايات المتحدة في المعركة ضد الجهاديين.
وقد أكد تيلرسون في بيروت أن بلاده لم تمنح وحدات حماية الشعب الكردية سلاحا ثقيلا حتى تسترده منهم كما تتهمها أنقرة.
منبج بعد عفرين؟
ونقل وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس رسالة إلى نظيره التركي نورد الدين جانكلي خلال لقاء في بروكسل مفادها أنه "علينا إعادة التركيز على الحملة لهزيمة تنظيم الدولة."
وقال عضو في وفد تيلرسون: "الوضع معقد كفاية يجب ألا نزيده تعقيدا."
وقال جانكلي: "طلبنا منهم وقف كافة أنواع الدعم لوحدات حماية الشعب الكردية وانسحابها"، من تحالف عربي-كردي.
وأعلن ماتيس أنه سيقدم دعما أكبر وأنشط، خصوصا من خلال تقاسم معلومات في محاربة حزب العمال الكردستاني في العراق.
وقد يتفاقم الوضع في حال نفذت تركيا تهديداتها بالتقدم نحو منبج على بعد حوالي 100 كلم من عفرين التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية إلى جانب عسكريين أمريكيين.
وكان أردوغان اتهم واشنطن، في وقت سابق الشهر الحالي، بإرسال آلاف الشاحنات وطائرات محملة بالأسلحة إلى وحدات حماية الشعب في سوريا، متسائلا عن أسباب بقاء الولايات المتحدة هناك إذا تم إلحاق الهزيمة بالجهاديين.
كما زاد أردوغان من حدة التوتر بدعوته القوات الأمريكية إلى ضرورة مغادرة مدينة منبج التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب شرق عفرين، ما يثير مخاوف من اشتباكات بين الحلفاء.
كما حذر من أن الولايات المتحدة قد تتعرض لخطر "صفعة عثمانية" في سوريا، وهي ضربة يمكن أن تقتل خصما بالسكتة الدماغية وفقا لإحدى الأساطير.
بالنسبة لأنقرة، فإن وحدات حماية الشعب تتبع حزب العمال الكردستاني المحظور الذي تدرجه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في القائمة السوداء باعتباره جماعة إرهابية.
ولكن واشنطن تعتبر وحدات حماية الشعب حليفا ضد الجهاديين كما أن العملية العسكرية التركية تشتت الجهود الرامية إلى تاكيد هزيمة المتطرفين الإسلاميين بشكل دائم.
وقد حذر تشاوش أوغلو، هذا الأسبوع، بأن العلاقات بين البلدين "وصلت إلى مرحلة حرجة. إما أن يتم إصلاحها أو أن تنهار بالكامل."
ومع ذلك، فإن الخلاف حول سوريا يأتي ضمن سلسلة من القضايا التي تثقل كاهل العلاقات التركية الأمريكية.
وقد تضررت العلاقات مع تركيا بعد الانقلاب الفاشل عام 2016 إثر شعور أنقرة بالغياب الملحوظ للتضامن الأمريكي معها والغضب منها إزاء رفضها تسليم فتح الله غولن، المتهم بتدبير الانقلاب.
ولم يتم تعيين سفير أمريكي لدى تركيا بعد مغادرة جون باس منصبه العام الماضي، وقد أنهى الجانبان في ديسمبر/كانون الأول الماضي خلافا حول خدمة التأشيرات.
والشهر الماضي، ردت أنقرة بعنف على إدانة المصرفي التركي محمد هاكان اتيلا في نيويورك بتهمة انتهاك العقوبات ضد إيران.
وأعربت واشنطن عن قلقها حيال اعتقال العديد من مواطنيها، فضلا عن اثنين على الأقل من الموظفين الأتراك في البعثات الأمريكية، في الحملات التي شنتها أنقرة خلال فترة ما بعد الانقلاب.
والأسبوع الماضي، حكم على العالم التركي سركان غولج الذي يعمل مع وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، ويحمل الجنسية الأمريكية، بالسجن سبع سنوات ونصف لأنه من أتباع حركة غولن.
وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن سركان تمت إدانته من "دون أدلة ذات مصداقية."
وهناك قضية أخرى تتعلق بالقس الأمريكي اندرو برونسون، الذي كان مسؤولا عن كنيسة في أزمير، ويحتجز منذ أكتوبر/تشرين الأول 2016.
وقد أدى هذا التوتر إلى إثارة الرأي العام التركي، حيث أبدى 83 في المئة آراء غير محبذة للولايات المتحدة، حسبما أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز "أميركان بروغرس" هذا الأسبوع.
لقاء أردوغان وتيلرسون استمر 3 ساعات وربع.. ماذا ناقشا؟
أردوغان يتوقع إنهاء المعركة في عفرين "خلال وقت قريب"
تركيا ترد على تيلرسون.. وتنسيق مع روسيا وإيران بشأن عفرين