أثيرت التساؤلات حول إعلان السعودية عن اتفاق مع مصر يقضي باستثمار لتطوير أراضي مصرية جنوبي سيناء، لتكون ضمن مشروع "نيوم"، في أقصى شمال غربي السعودية، وما يتضمنه ذلك من تنازل مصر عن مساحة ألف كيلو متر مربع من جنوب سيناء.
وقال مسؤول سعودي، الاثنين، إن مصر تعهدت بألف كيلومتر مربع من الأراضي في جنوب سيناء لتكون ضمن مدينة عملاقة ومنطقة تجارية تشمل سبع نقاط جذب بحرية سياحية، ما بين مدن ومشروعات سياحية في نيوم، بالإضافة إلى 50 منتجعا وأربع مدن صغيرة بمشروع سياحي منفصل بالبحر الأحمر، في حين ستركز مصر على تطوير منتجعي شرم الشيخ والغردقة.
وطرح الخبير الاقتصادي إبراهيم نوار عدة تساؤلات: لماذا أعلنت السعودية من جانب واحد ولم تصدر مصر بيانا رسميا يبين حقيقة هذا التنازل؟ وما معنى تعهد مصر بمنح هذه المساحة للسعودية؟ وما هي خريطة هذه المساحة؟ وهل توجد فيها حاليا أملاك خاصة للمصريين أم لا؟ وما هو الغرض من التنازل؟ وكيف ستدار المنطقة؟ وما هو التكييف القانوني لذلك التعهد؟ ومن بالضبط الذي تعهد للسعودية بمنح ألف كم مربع من أراضي مصر؟ وهل هذا جزء من صفقة القرن؟
وفي تعليقه على تلك الأسئلة، قال رئيس حزب الشعب الديمقراطي، خالد فؤاد حافظ، إن "إعلان السعودية من جانب واحد عن تنازل مصر للمملكة عن ألف كم مربع من أراضي جنوب سيناء يعد إعلانا فرديا لا يرتب أي آثار قانونية".
اقرأ أيضا: مفارقات في زيارة ابن سلمان لمصر.. تعرف عليها (فيديو)
السياسي المصري أكد لـ"عربي21" أن ذلك الإعلان "يشكل كشفا عن جوانب سياسية سرية بين الجانبين، ويعبر عن قوة ومتانة العلاقات الثنائية بين مصر والسعودية، الأمر الذي جعل المملكة صاحبة قرار في موضوع خطير يحتاج إلى استفتاء شعبي وفقا للدستور المصري".
حافظ، أضاف: وأما "عن التفاصيل، فلقد سبق ابن سلمان أن عرضها في تصريحاته بشأن مشروع نيوم الاستثماري"، موضحا أنه "قد لا نكون متجاوزين عندما نقول إن الشعب والسياسيين المصريين لا يعلمون تفاصيل تلك المساحة".
وطالب السلطة التنفيذية بمصر أن تراعي الدستور والقانون إذا أرادت استقرارا وديمومة لاتفاقياتها الدولية والإقليمية.
توريط للسيسي
ويرى المحلل السياسي سيد أمين، أن إعلان السعودية من جانبها عن هذه الاتفاقية يأتي في إطار توريط السيسي وإجباره على تنفيذ وعوده مبكرا، بعد أن اعتقدت المملكة أن حكم الإدارية بمصرية (تيران وصنافير) كان لعبة من نظام السيسي لابتزازها بشكل أكبر".
وأكد الكاتب الصحفي، لـ"عربي21"، أنه "ولذلك -على ما يبدو- فقد اشترطت السعودية أن يصدر حكم المحكمة الدستورية العليا بسعودية الجزيرتين قبل تنفيذ أي اتفاقيات أخرى، ولذلك صدر حكم الدستورية قبل مجيء ابن سلمان مباشرة".
وقال أمين إن هذه الأرض جزء من (صفقة القرن) ومن مشروع (نيوم) السعودي، المقرر أن تعمل إدارته السعودية لصالح تل أبيب وازدهارها، مشيرا إلى اعتقاده بأن هذه المساحة ستكون المقابلة لجزيرتي (تيران وصنافير)؛ من أجل إبعاد يد مصر عن خليج العقبة وتفريغ الخليج لإسرائيل وسفنها".
وحول احتمالات أن تمنح السعودية مصر مشروعات حقيقية مقابل هذا التنازل عن أراض بسيناء، أكد أمين أن "أي مشروعات تنموية في سيناء مرفوضة إسرائيليا، ولن تتم، ولو تمت ستتم بعد تنفيذ صفقة تبادل الأراضي بين مصر والكيان الصهيوني، وبعد أن يستقر هذا التبادل ويصبح واقعا مستقرا، أما قبل ذلك فلا".
اقرأ أيضا: السيسي وابن سلمان يحضران عرضا مسرحيا بدار الأوبرا في القاهرة
خيانة عظمى مكتملة الأركان
وأكد المنسق العام للتجمع الحر من أجل الديمقراطية والسلام، محمد سعد خيرالله، أن هذا التنازل جزء من (صفقة القرن)، وهذا المشروع طرح قبل ذلك، وليس وليد هذا التاريخ".
خير الله، أوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن الإعلان الذي تم ببيان رسمي من الطرف السعودي محاولة مصرية إلى الآن لتجنب ما حدث قبل ذلك على خلفية التنازل عن (تيران وصنافير).
وقال إن "التكييف القانوني لهذا التعدي ليس موجودا، وما حدث حرفيا تنازل عن استقلال الوطن وسلامة أراضيه، وبالتالي فقد حدث وتم ارتكاب ما يخالف القسم الذي أقسم عليه الرجل كرئيس للجمهورية؛ وبالتالي ما حدث هو خيانة عظمى مكتملة الأركان".
وأضاف السياسي المصري: "أما إدارة المشروع، فغير واضحة المعالم إلى الآن؛ لوجود تكتم شديد، ولكن ما ظهر من عدد من مراكز الأبحاث الأوربية والأمريكية يؤكد أن الطرف الإسرائيلي هو طرف رئيسي في إدارة هذه المشروعات".
وفي حديثه عن العائد على الدولة المصرية، قال خيرالله: "أما ما هو العائد على مصر، فأنت في دولة أو (الا دولة)، التي أصبحت فيها هذه التساؤلات جرائم كبرى"، مضيفا: "ولكن المؤكد هو عائد (رز) على الجنرالات تماما، كالرز الذي تم دفعه قبل ذلك مسبقا للتنازل عن (تيران وصنافير).
أين الحكومة؟
وعبْر موقع "فيسبوك"، طالب المستشار السابق في الأمم المتحدة، الدكتور إبراهيم نوار، ببيان رسمي من الإدارة المصرية، وأكد أن "التصريح الخاص بتعهد مصر بأرض من جنوب سيناء لمشروع (نيوم) السعودي لم يصدر من مصر، ولكن من السعودية، وأظن أنه من اللائق أن يصدر من القاهرة بيان رسمي بهذا الخصوص لتوضيح الأمر".
وأضاف أن "ثلاثة مسؤولين مصريين يمكن لأي منهم أن يعقد مؤتمرا صحفيا لتوضيح حقيقة الأمر، محافظ جنوب سيناء، ووزير التنمية المحلية، ووزيرة الاستثمار والتعاون الدولي الذي يقع المشروع ضمن اختصاصاتها المزدوجة في الاستثمار وفي التعاون الدولي".
السيسي يقتدي بالسعودية ويفرض ضرائب على المعتمرين
ما الأهداف الحقيقية للعملية العسكرية للجيش المصري بسيناء؟
ما هي خيارات "المعارضة المدنية" أمام تهديدات السيسي؟