أثار قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، بالتخلي عن الحبر الأزرق كآلية للتصويت خلال الانتخابات البلدية المزمع إنجازها في 6 مايو/أيار القادم، وتعويضها بإمضاء الناخب، جدلا بين الأحزاب السياسية ومنظمات مراقبة الانتخابات، التي رأت في القرار مدخلا لتزوير الانتخابات فيما برر رئيس هيئة الانتخابات القرار بارتفاع كلفة الحبر وتخلي أغلب الأنظمة الديمقراطية عن هذه الآلية القديمة.
نجل السبسي يحذر
وحذر الرئيس التنفيذي لحزب نداء تونس حافظ قائد السبسي في تدوينة له عبر حسابه الرسمي على "فيسبوك" في 9 مارس/ آذار 2018 من "خطورة خضوع هيئة الانتخابات لضغوط تمارس عليها لاعتماد إمضاء الناخبين عوضا عن الحبر في الانتخابات البلدية القادمة".
وشدد على "أن أي تغيير في اعتماد الحبر الانتخابي والاستغناء عنه وتعويضه بالإمضاء هو بمثابة اللعب بالنار".
ونبه إلى أن حذف آلية تثبيت التصويت عبر الحبر الأزرق تعد "ضربا لمصداقية العملية الانتخابية وشفافيتها وفتح خطير لأبواب التزوير والتزييف بما سيهدد لا فقط مصير الانتخابات البلدية بل ومصير الاستقرار في البلاد".
بدوره عبر القيادي في نداء تونس فوزي اللومي في حديثه لـ"عربي21" عن مخاوف الحركة من أن يكون إلغاء الحبر مدخلا للتشكيك في نزاهة العملية الانتخابية برمتها، لكنه في المقابل عبر عن تفهم الحزب للعبء المادي الذي تكلفه قيمة الحبر الأزرق.
وتابع بالقول: "تخلي الهيئة عن آلية الحبر الأزرق من شأنه أن يفتح المجال لبعض الناخبين لتكرار عملية الانتخاب لنفس الشخص مرة أو أكثر أو انتحال صفة الناخبين المتوفيين والمسجلين في القوائم الانتخابية للدوائر وعددهم يقدر بالآلاف".
ودعا اللومي هيئة الانتخابات إلى تكثيف عملية المراقبة خلال الانتخابات البلدية حتى لا تتحول هذه النقطة إلى مدخل للتشكيك في العملية الديمقراطية برمتها.
مدخل للتشكيك
من جانبها، عبرت رئيسة الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات "عتيد" ليلى الشرايبي عن مخاوف الجمعية من قرار الهيئة التخلي عن اعتماد الحبر الانتخابي في بلديات 2018.
وأضافت لـ"عربي21": "نظرا للمشاكل التي مرت بها الهيئة في مرحلة ما، واهتزاز الثقة في الإدارة الانتخابية من قبل التونسيين وفي الأحزاب السياسية بشكل عام فإن منظمتنا ارتأت عدم التخلي عن الحبر الانتخابي كي لا يفتح الباب للتشكيك في العملية الانتخابية".
الشرايبي اعتبرت أن هيئة الانتخابات اتخذت قرارها بالتخلي عن الحبر الانتخابي دون الرجوع لمكونات المجتمع المدني ومنظمات مراقبة الانتخابات وهو ما من شأنه أن يثير مخاوف هذه المنظمات على شفافية العملية الانتخابية.
الهيئة تطمئن
وكان رئيس هيئة الانتخابات في تونس محمد التليلي المنصري قد أعلن الأحد، عن تخلي الهيئة على الحبر الأزرق متعللا بعدم إدراجه ضمن ميزانية 2017، مشيرا إلى أن أغلب الدول الديمقراطية قد تخلت عن اعتماد هذه الآلية واصفا إياها بـ"رمز للتخلف".
وفي هذا الإطار، قلل العضو في هيئة الانتخابات أنيس الجربوعي، في تصريح لـ "عربي21" من المخاوف التي أظهرتها بعض الأحزاب والجمعيات المدنية من تأثير قرار إلغاء الحبر الانتخابي على نزاهة وشفافية العملية الانتخابية.
واعتبر الجربوعي أن خصوصية الانتخابات البلدية والتي لا يشارك فيها إلا التونسيون المقيمون داخل التراب التونسي تجعل من ازدواجية التسجيل أو الاقتراع أمرا شبه مستحيل.
وأكد أنه خلافا للانتخابات الرئاسية والتشريعية السابقة التي شهدتها تونس والتي اعتمد فيها جواز السفر وبطاقة التعريف الوطنية كوسيلتين مزدوجتين للتثبت من هوية الناخب، فإنه خلافا لذلك تكون بطاقة الهوية في هذه الانتخابات المحلية هي فقط المعتمدة في سجل كل دائرة انتخابية.
وتابع بالقول: "على عكس الانتخابات السابقة -تشريعية ورئاسية- لا وجود لأي مركز للتسجيل الإرادي للناخب بل اعتمدنا فقط على آلية التسجيل الآلي وهو سجل مغلق ومطبوع وموجود في كل دائرة انتخابية".
وأعرب في ختام حديثه عن رغبة هيئة الانتخابات بإرساء ثقافة جديدة لدى الناخب التونسي بالتخلي عن آلية الحبر الانتخابي كما هو معمول به في أغلب الديمقراطيات في العالم معربا عن تلقي الهيئة لردود أفعال إيجابية بخصوص هذا القرار في إطار مناقشته مع الأحزاب المشاركة في العملية الانتخابية القادمة.
"النهضة" تتوعد الصحفيين قضائيا.. والنقابة : لا "للترهيب"