للمرة الثانية يتعرض
رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، عبدالرحمن السويحلي للاعتداء من قبل مسلحين، ما
تسبب في إصابة بعض حراسه، وسط تساؤلات عن تكرار عمليات استهدافه.
وتعرض السويحلي والوفد
المرافق له لكمين مسلح وإطلاق نار أثناء زيارته لمدينتي غريان ويفرن في منطقة ظاهر
الجبل (غرب
ليبيا) أمس الأربعاء، ما أسفر عن إصابة شخصين من قوات الحراسة.
اتهام "حفتر"
من جهته، اتهم مجلس
الدولة، قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر بالتورط في العملية التي حاولوا فيها
"
اغتيال" السويحلي، موضحا أن "الرئيس والوفد أصروا على استكمال
الزيارة رغم الاشتباكات"، وفق المكتب الإعلامي للمجلس.
وعن تفاصيل العملية،
ذكر المكتب أن "الموكب تعرض لهجوم من قبل "عصابة" مسلحة، وأن عناصر
الأمن والحماية التابعين للمجلس تصدوا لهم بالتعاون مع عناصر مديرية أمن غريان
والمنطقة العسكرية الغربية مما اضطرهم للفرار، "ونتج عن ذلك إصابة 2 من أمن
المجلس واختطاف أربعة تابعين لشرطة غريان".
ردود فعل
ولاقت محاولة الاغتيال
الأخيرة ردود فعل غاضبة داخليا ودوليا، حيث تعهدت حكومة الوفاق بملاحقة
"المعتدين" وتقديمهم للمحاكمة العاجلة، معتبرة أن "الاعتداء هو
محاولة لإجهاض المصالحة الوطنية"، وفق بيان للحكومة.
ونددت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا
بالهجوم المسلح، معبرة عن رفضها التام لاستخدام العنف لتحقيق غايات سياسية،
كما قالت.
في المقابل، رفض عضو
البرلمان الليبي، علي السعيدي، اتهام القوات التي يقودها اللواء خليفة حفتر بأن
تكون وراء عملية الاعتداء على "السويحلي"، محملا المسؤولية لآمر المنطقة
الغربية، أسامة جويلي الذي يسيطر على المنطقة وليس "الجيش".
ووصف السعيدي، الاتهام
بأنه "مغالطة كبيرة"، واصفا "السويحلي" بأنه "مغتصب
للسلطة"، ولا يحترم القوانين والدستور كما تفعل "القوات المسلحة
الليبية" (قوات حفتر)، وفق كلامه.
"اعتداء وضرب"
وتعرض
"السويحلي"، في آيار/ مايو 2016، للضرب من قبل قوة تابعة لغرفة عمليات
"البنيان المرصوص" في منطقة أبو قرين شرق مدينة مصراتة (غرب ليبيا)،
خلال زيارته للقوات هناك، بعدما احتد النقاش بينه وبين أفراد القوة حول المطالبة
بتوفير الدعم لهم.
وطرحت الاعتداءات
المتكررة على "السويحلي" عدة تساؤلات حول مدى شعبيته ومستقبله السياسي
حال خوضه للانتخابات الرئاسية المنتظرة أو طرح اسمه كمرشح للمجلس الرئاسي الجديد.
من جانبه، أكد الباحث
الليبي من مصراتة، علي أبو زيد، أن "السويحلي في بداية ظهوره على الساحة
السياسية كان شخصية "صدامية"، ودخل في ملاسنات داخل المؤتمر الوطني، وفي
مرحلة الحوار التي أنتجت الاتفاق السياسي كان متعنتا، ثم أبدى مرونة مقابل توليه
منصب رئيس
مجلس الدولة".
وأشار في تصريحاته
لـ"
عربي21"، إلى أن "السويحلي بدأ ثوريا لكنه الآن مستقل، وحظوظه
ضئيلة أو شبه معدومة في الانتخابات الرئاسية، لكن له حظوظ كبيرة في الانتخابات
التشريعية"، وفق تقديره.
وبخصوص زياراته
وصلاحياته، قال أبوزيد: "هو يرأس مجلسا استشاريا صلاحياته محدودة، وزياراته
لا تعدو كونها بروتوكولية ليس لها أثر تشريعي أو تنفيذي، هدفها فقط تسويق نفسه
كشخصية فاعلة ومؤثرة".
"رجل" مصراتة
وقال الناشط والصحفي
الليبي، مختار كعبار، إن "الهجمات المتكررة هي فقط تذكير للسويحلي بأنه في
مرمى أعدائه، وللأسف أساء السويحلي لتاريخ أسرته، ولم يكن صادقا وجادا في خدمة
مصلحة ليبيا وكان يحاول أن يحافظ على مصالحه في تقاسم السلطة".
وأضاف
لـ"
عربي21": "السويحلي يحسب نظريا على مدينة مصراتة، لكنه لا يمثل
"الثوار" الحقيقيين، أما صلاحياته يمكن أن نسميها "مراسمية"
فهو غير قادر على فعل أي شيء عسكري أو غيره"، حسب رأيه.
المدون الليبي من
بنغازي، فرج فركاش، رأى أن "أي محاولة مسلحة ضد الخصوم السياسيين تعتبر مدانة
وتعبر عن "إفلاس" أخلاقي لمرتكبيها، والسويحلي كغيره لديه أعداء وبعضهم
يلجأون لهذه الطرق ولا يختلفون في هذا الأسلوب عن الجماعات "الإرهابية".
واستبعد فركاش أن
"تؤثر هذه الاعتداءات على الانتخابات القادمة، لكنها ربما تعطي مؤشرا على
تدني "شعبية" السويحلي كغيره من متصدري المشهد الآن"، كما قال
لـ"
عربي21".
من هو
"السويحلي"؟
هو سياسي ليبي معارض
لنظام معمر القذافي، وظهر بقوة إبان ثورة شباط/فبراير 2011، ثم انتخب عضوا في
المؤتمر الوطني العام، كما انتخب مرة ثانية عن مدينة مصراتة عضوا لمجلس النواب في
انتخابات 25 يونيو/حزيران 2014، لكنه رفض حضور الجلسات.
وهو من مواليد مدينة
الإسكندرية (مصر)، عام 1944، وجدّه أحمد هو الشقيق الأصغر للمجاهديْن سعدون ورمضان
السويحلي اللذين كانا من قادة المجاهدين الليبيين ضد الاحتلال الإيطالي.
وهو حاصل على درجة
"الدكتوراه" في الهندسة المدنية، وفي السادس من أبريل/نيسان 2016 انتخب
عبد الرحمن السويحلي رئيسا للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا.