تتجه البنوك المركزية للدول العربية إلى زيادة احتياطياتها من الذهب، في إطار دعم للعملات المحلية، للتحوط من تقلبات أسعار العملات المرتبطة بالاحتياطات النقدية، خاصة العملة الأمريكية.
والذهب كان الملاذ الآمن وما يزال على مر العصور، ويتجه إليه المتعاملون رغم عدم تحقيقه فوائدة مالية، لأن هامش الخسارة يبقى أكثر انخفاضاً من معظم الأصول الأخرى، على عكس الاستثمار بالدولار الأمريكي.
وتوقع خبراء ومحللون اقتصاديون، أن تواصل معظم البنوك المركزية في دول مجلس التعاون الخليجي زيادة حيازتها من الذهب خلال العام الجاري 2018، مستفيدة من التحسن النسبي لأسعار النفط وارتفاع معدل النمو الاقتصادي.
وأوضحوا أن استمرار المخاطر الجيوسياسية في منطقة الخليج والمقاطعة العربية لقطر، فضلا قرارات الفيدرالي الأمريكي بشأن الدولار وسياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد يؤدي لتزايد الطلب على المعدن النفيس كملاذ آمن للعملة.
اهتمام متأخر
وقال رجب حامد، المدير العام لشركة "سبائك الكويت" لتجارة المعادن الثمينة (خاصة)، إن اهتمام البنوك المركزية في الخليج بزيادة احتياطيات الذهب جاء متأخرا، ومعظم أرقام احتياطات الذهب للدول العربية لم تتغير منذ 2010.
وأضاف أن احتياطيات النفط كانت الداعم الأكبر للاحتياطيات النقدية، إلا أنه خلال الفترة الأخيرة بدأت احتياطات النفط تهتز مع ظهور النفط الصخري وتعاظم الطاقة البديلة.
وذكر أن اللجوء إلى تكوين احتياطات الذهب بالدول العربية، قد يخفف آثار تقلبات الأوضاع الجيوسياسية العالمية التي تُلمح إلى احتمالية نشوب حرب عملات بالفترة المقبلة.
وأوضح أن الاحتفاظ باحتياطات الذهب يعد رمانة ميزان الاقتصاد، إلا أن الدول العربية بالسابق كانت تركز على تكوين سلة عملات أو احتياطات من الدولار والاستثمار في السندات الأمريكية.
وزاد حامد، أن العراق تعتبر أفضل الدول العربية من حيث تكوين احتياطي الذهب، مضيفا أن العراق خلال العشر سنوات الأخيرة رفعت احتياطات الذهب من 4 - 5 أطنان إلى 90 طنا حاليا بالمرتبة الخامسة عربيا و37 عالميا، وخلال الفترة الأخيرة تزيد الاحتياطات بنحو 3 - 4 أطنان شهريا.
وأشار خبير المعادن الثمينة إلى أن الإمارات، بدأت في 2015 في تكوين احتياطي من المعدن الأصفر ليصل إلى 7.5 طنا، ويمثل نسبة صغيرة (لا تتجاوز 0.5 بالمئة) من إجمالي الاحتياطيات التى تشمل سلة عملات أو استثمارات بالسندات الأمريكية.
التحوط بالذهب
وقال محمد العون الخبير الاقتصادي، إن "زيادة التقلبات الاقتصادية والمخاطر الجيوسياسية ستدفع البنوك المركزية العربية إلى التحوط لحماية عملاتها عبر زيادة مخزون الذهب لديها".
وذكر العون أن البنوك المركزية حول العالم ما زالت المشتري الأكبر للذهب، إلا نشاط الطلب بالدول العربية يعتمد على تحسن الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار النفط.
وطالب العون الدول العربية مضاعفة احتياطياتها من الذهب خلال السنوات المقبلة، لتفادي أي تذبذب متوقع بالعملات العالمية.
وأوضح أن الدولار يستحوذ على 85 – 90 بالمئة من احتياطات الدول العربية، وفي حال نجاح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في سياسيات خفض العملة الأمريكي سيزيد الضغوط على العملات العربية.
وطبقاً لأحدث بيانات مجلس الذهب العالمي نشرت في شهر كانون الثاني/ يناير 2018، جاءت 15 دولة عربية ضمن قائمة المئة دولة الأولى في احتياطات المعدن النفيس دولياً.
و"مجلس الذهب العالمي" هو منظمة تعمل على تطوير السوق صناعة الذهب، وتهدف إلى تحفيز واستدامة الطلب على المعدن الأصفر عالميا.
وعززت البنوك المركزية حول العالم احتياطات الذهب في العام الماضي بنحو 371.4 طنا، بانخفاض 5 بالمئة عن مشتريات 2016.
السعودية تتصدر
وتصدرت السعودية وهي أكبر دولة مُصدرة للنفط في العالم، خليجياً وعربياً، من حيث احتياطي الذهب بنحو 322.9 طنا تعادل 2.3 بالمائة من إجمالي احتياطياتها الدولية المكونة من الودائع في الخارج، وأموال بالنقد الأجنبي، وحقوق السحب الخاصة، والاحتياطي في صندوق النقد الدولي، وسبائك ذهبية، ما أمن لها المرتبة الـ 16 عالميا.
ونجد ضمن العشر دول عربية الأولى ست دول مصدرة للنفط والغاز هي السعودية والجزائر وليبيا والعراق والكويت وقطر، باستثناء لبنان الذي احتل المركز الثاني عربياً والـ 18 عالمياً باحتياطي يقدر بـ 286.8 طناً.
وتمثل احتياطيات لبنان نحو 20.7 بالمائة من احتياطات البلد الدولية وهي نسبة مرتفعة قياساً للمعدل العربي. لكن الاحتياطي اللبناني لم يتغير منذ 2015.
وبلغت احتياطات الجزائر من الذهب 173.6 طنا بالمرتبة الثالثة عربيا والـ25 عالميا، تلها ليبيا بنحو 116.6 طن، فيما سجل احتياطي الكويت ومصر نحو 79 و75.6 طن على التوالي.
القطاع المصرفي القطري تجاوز الآثار السلبية للحصار
إنشاءات الشرق الأوسط تنمو 43 بالمئة لـ336 مليار دولار
القيمة المضافة تكبد الإمارات خسائر باهظة ومطالب بمراجعتها