تسود في الأوساط السياسية بمصر تخوفات وتوقعات وترقب لما يقوم به رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي بعد انتهاء مسرحية الانتخابات الرئاسية التي تجرى بعد غد الاثنين 26 مارس/ آذار وتستمر لمدة ثلاثة أيام.
وتوقع خبراء ومحللون أن تكون مرحلة ما بعد الانتخابات أكثر سوءا من المرحلة الماضية، مرجحين أن يقوم السيسي بتغييرات سياسية ودستورية واقتصادية تمكنه من الاستمرار في منصبه علي خلاف الدستور الحالي، وبما يمنحه مساحات أكثر في مختلف الأصعدة.
وأكد رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة أن "السيسي لن يقبل أن يكون صاحب لقب رئيس جمهورية سابق، وبالتالي سوف يتخذ خطوات عاجلة من خلال أغلبيته البرلمانية لتعديل الدستور لفتح مدد الرئاسة وعدم اقتصارها علي مدتين كما ينص الدستور الحالي".
وقال نافعة في تصريحات صحفية إن "السيسي قد يقدم على إجراءات من شأنها القضاء على مستقبل الديمقراطية في مصر، في تكرار لتجربة السادات عام 1980 ويقوم بتعديل الدستور أو على الأقل يمنح الضوء الأخضر لأجنحة النفاق التي ستنشط في هذا الاتجاه، وهو أكبر خطر يهدد مصر، لأنه يقضي على أي أمل في تحول سلمي نحو الديمقراطية وسيفتح أبواب العنف في مصر على مصراعيها".
اقرأ أيضا: كل الطرق لقصر الاتحادية تؤدي إلى السيسي (انفوغرافيك)
وأيد الباحث السياسي أسامة أمجد، مخاوف نافعة، قائلا: "أول خطوة سوف يقوم بها السيسي هي بالطبع تعديل الدستور في ما يتعلق بمدد الرئاسة وفترة كل مدة، وهي اقتراحات سبق وأن تم طرحها قبل الانتخابات الجارية، وكان هناك توقعات لتنفيذها بالفعل ولكن المناخ السياسي لم يكن مناسبا".
وأضاف أمجد خلال حديثه لـ"عربي21" أن "الدعاية الضخمة التي صاحبت الانتخابات الحالية رغم أنها شكلية ونتيجتها محسومة كان الهدف منها خلق رأي عام بأن السيسي يتم تأييده من الشعب وليس من الجيش فقط، وأن الشعب اختاره ليس لفترة جديدة وإنما من أجل الاستمرار إلي ما لا نهاية، وما صاحب ذلك من حملات إرهاب وتنكيل لكل أشكال المعارضة التي تعيق حركته".
وتابع: "هذه الدعاية المبالغ فيها لم تكن فقط مقدمة لفوز السيسي وإنما للقرارات التي سوف يتخذها في ولايته الثانية، ومنها تعديل مدة الرئاسة، وتحصين قرارات رئيس الجمهورية بعيدا عن البرلمان لعدم الطعن عليها أمام المحكمة الدستورية، وتغييرات أخرى في ما يتعلق بتشكيل المجلس العسكري بما يضمن فرض المزيد من السيطرة لصالح السيسي على المؤسسة العسكرية وعدم ترك أي شيء للظروف والمستجدات".
طريقان للسيسي
وعلي الصعيد السياسي قال أمجد إن السيسي أمام طريقين؛ إما الاستمرار في حالة الانغلاق وصنع مجتمع سياسي خاص به وهو ما يتمثل في تحويل تجمع دعم مصر لحزب يكون الظهير السياسي للسيسي، بعد فشل الأحزاب الموجودة في القيام بهذا الدور، ثم ترتيب الانتخابات المحلية لمزيد من السيطرة على مفاصل الدولة، وفي كل هذه الخطوات سيتم استبعاد من ليس لهم ولاء كامل له ولنظامه.
وعن الطريق الثاني يرى أمجد أنه يتمثل في فتح الباب نوعا ما من أجل إنعاش الحياة السياسية، على أن يكون ذلك بعيدا عن تمديد مدد الرئاسة لأنها أساسية في كل الأحوال، وهو ما يمكن أن يكون من نتائجه تخفيف القبضة الأمنية ومحاولة إنعاش الحياة الاقتصادية في تكرار لتجربة مبارك في السنوات العشر الأخيرة لحكمه.
اقرأ أيضا: الانتخابات المصرية تؤجل القمة العربية المقبلة إلى نيسان
ورجح الخبير الاقتصادي يوسف عبد الباقي لـ "عربي21" أن يلجأ السيسي إلى عدة تشريعات في الولاية الثانية تمكنه من إتمام برنامج صندوق النقد الدولي في ما يتعلق بإلغاء ما تبقى من الدعم وتحرير أسعار الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وكل مشتقات الطاقة.
وأوضح عبد الباقي أن الفترة القادمة سوف تشهد العديد من الإجراءات لتقليل العمالة الحكومية، وفرض سيطرة الدولة على أموال التأمينات والمعاشات، واستنزاف ما تبقى من أموال يدخرها المصريون، في مشروعات وهمية لن تحقق عائدا لهم أو للاقتصاد.
وتوقع الخبير الاقتصادي أن يكون الاقتصاد هو القشة التي سوف تقصم ظهر السيسي بعد ارتفاع الدين العام لمستوي خطر للغاية وعزوف الاستثمار الأجنبي عن التواجد في مصر والارتفاع الجنوني للأسعار، وتفشي البطالة وارتفاع نسب الفقر وهي أمور من شأنها أن تقضي على أي نظام مهما بلغ جبروته وسطوته.
وأشار إلى أن حرص السيسي عليى تنفيذ المراحل المتبقية من خطة صندوق النقد وتوريط الجيش في سيناء، والمشروعات المفتوحة في العاصمة الإدارية، وتسليم كل المشروعات للجيش، كلها أمور لم تعط الفرصة للاقتصاد الحقيقي أن يعمل وينتعش، قائلا: "بدلا من أن تتحول الدولة للمشروعات الإنتاجية تحولت إلى مقاول للكباري والطرق الصحراوية وهي أمور هامة ولكنها لا تخدم الاقتصاد الحقيقي".
بعد إصداره الجديد.. هل أخفق السيسي بدحر "ولاية سيناء"؟
هكذا علق المصريون على دعاء الجفري وبكاء السيسي (شاهد)
"المجلس الثوري" يدعو المصريين بالخارج لمقاطعة الانتخابات