نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرا لكل من طارق الطبلاوي وأحمد فتيحة وتميم عليان، يقولون فيه إن عددا من الشباب كانوا يقفون أمام محطة اقتراع، وكانوا يلبسون قمصانا بيضاء كتب عليها "مصر أولا: اذهب وشارك"، وفي محطات أخرى كان هناك وعد بطعام مجاني وعصير.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه في اليوم الأول من انتخابات مصر، التي ستستمر 72 ساعة، تقوم السلطات بفعل ما في وسعها كله؛ للتأكد من أن يصوت عدد جيد من الناخبين، وسط أسباب للامبالاة، لافتا إلى أن المنافس الوحيد مؤيد للسيسي، ولم يكلف نفسه عناء القيام بحملة انتخابية جدية، في الوقت الذي يصعب فيه تسويق رؤية السيسي، التي تدعو المصريين إلى تحمل الصعوبات الاقتصادية الآن، مقابل مستقبل أفضل لملايين المصريين الفقراء.
وينقل الكتّاب عن محمد بركات، وهو محام متقاعد، قوله في الوقت الذي كان يقف فيه في طابور التصويت، الذي غلب عليه كبار السن: "أين الشباب؟ سأذهب للمقهى بعد التصويت وسأجدهم جالسين هناك".
ويجد الموقع أن "طول طوابير التصويت سيكون هو الاختبار لسباق غاب عنه المرشحون الرئاسيون -بما في ذلك جنرالان كبيران- إما بسبب الاعتقال، أو الانسحاب من الانتخابات بسبب الأجواء غير الديمقراطية، وذلك كله يطمئن بدورة ثانية مدتها 4 سنوات، فالسيسي يريد تفويضا للاستمرار في الإصلاحات التي أتت بنتائج، مع أنها ليست النتائج التي لها شعبية لدى الجماهير".
ويلفت التقرير إلى أن الاقتصاد المصري ينمو بعد الترنح على حافة الانهيار، إلى أسرع وتيرة له منذ ثورة 2011، حيث أن الحكومة قامت باستدانة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى أن احتياطي العملة الصعبة ارتفع بعد رفع قياسي للدعم، ورفع للضوابط عن العملة، مشيرا إلى أن السيسي سعى لبناء إرث خاص بكونه رئيسا قويا أنقذ مصر من حكم الإخوان المسلمين، وأعاد لها دورها بصفتها لاعبا إقليميا، من تمويل العاصمة الجديدة إلى توسعة قناة السويس.
ويستدرك الكتّاب بأن "السيسي إن دفع المصريين إلى ظروف أكثر صعوبة فإنهم سيتذكرون السيسي بصفته الزعيم الذي حطمهم، فأسعار النفط الفلكية، والجنيه الضعيف، بعد رفع السيطرة عن العملة، دفعا بالتضخم إلى أكثر من 30% معظم السنة الماضية، وتبدو المشاريع العملاقة وكأنها من عالم آخر غير عالم الفقراء المكتظ، حيث يكافح الناس ليجدوا وظيفة يكسبون منها قوت يومهم".
ويذكر الموقع أن السيسي يعترف، في حديث مسجل له في فيديو، بحجم المعاناة، حيث يقول: "نحاول قدر إمكاننا ألا تتسبب الإجراءات التي نتخذها بكسر ظهر المواطنين.. لا بأس من إتعاب المواطن، لكن ليس كسر ظهره"، فيما قال رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، متحدثا للمراسلين يوم الاثنين إن "الفترة الصعبة مرت بسلام، وهناك تحسن ملحوظ في الاقتصاد"، وأضاف أن الانتخابات أعطت المنتقدين والمعارضين فرصة لإسماع أصواتهم.
ويورد التقرير نقلا عن سامية السيد، وهي ربة بيت عمرها 50 عاما، قولها وهي تصوت في منطقة إمبابا الفقيرة: "سنقف مع جيشنا ومع رئيسنا مهما كان الأمر.. لا تهمنا المشكلات الاقتصادية، وسنتحمل كل شيء.. وستكون المشاريع مجزية إن شاء الله".
ويفيد الكتّاب بأنه مع القيام بأصعب الخطوات، فإن التضخم بدأ بالتراجع، ما سمح للبنك المركزي بأن يقلل من نسبة الفائدة، بعد أن كانت مرتفعة بشكل لا يسمح للشركات بالتقديم على قروض بنكية، بالإضافة إلى أن البطالة تراجعت في الربع الأخير من عام 2017، فوصلت نسبة البطالة إلى 11.3%، مقارنة مع 13% عندما تسلم السيسي الرئاسة.
وينقل الموقع عن مسؤولين، قولهم إن النتائج تبرئ برنامج الإصلاحات الاقتصادية الذي طوره السيسي، مع توقع المزيد من النجاح في دورته الثانية.
وبحسب التقرير، فإن الرئيس قام بحملة ضد المعارضة، تمت إدانتها من منظمات حقوق الإنسان، مستدركا بأنه "لا يبدو أن الحملة تتراجع، وقد تؤدي هذه الحملة إلى تجميع المشكلات، خاصة إن تعثر التعافي الاقتصادي".
ويورد الكتّاب نقلا عن وحدة فيتش في أبحاث "بي أم آي"، قولها في تقرير تم إرساله عن طريق البريد الإلكتروني: "من المرجح جدا أن يؤدي تضييق الأفق السياسي إلى الاستياء العام، وإن فشلت الإصلاحات الاقتصادية في تحقيق التوقعات الشعبية على مدى السنوات القادمة فسترتفع خطورة وقوع اضطرابات على نطاق واسع".
وينقل الموقع عن صندوق النقد الدولي، قوله في تقرير له في أيلول/ سبتمبر، إن على مصر تقليل مشاركة المؤسسة العسكرية في التجارة, والسماح للقطاع الخاص بالازدهار، مشيرا إلى أن الكثير من الأموال التي تم توفيرها بسبب الإجراءات التي تم اتخاذها على مدى العامين الماضيين ذهبت لسداد الديون، أو شراء الأسهم، بدلا من الاستثمارات التي تصنع الوظائف.
ويورد التقرير نقلا عن وزير التمويل السابق سمير رضوان، قوله إن على مصر أن تتعلم من تجربتها قبل عام 2011، وتعمل على الحد من عدم المساواة، التي تؤدي إلى غضب شعبي.
ويختم "بلومبيرغ" تقريره بالإشارة إلى قول رضوان: "إننا نواجه وضعا شبيها بما كان لدينا عام 2010، عندما كانت المؤشرات الاقتصادية جيدة جدا، لكن توزيع الثروة كان ضعيفا جدا، وتزايد الفقر.. وبدورته الثانية، فإن لدى السيسي فرصة ذهبية للتركيز على إيجاد وظائف؛ لأنه إن استمر التوجه الحالي، فسيكون الاستقرار والأمن المجتمعي مهددين".
إندبندنت: هل ينجح السيسي بتحقيق استقرار فشل بتوفيره؟
إيكونوميست: في انتخابات مصر مرشحان ولا اختيار بينهما
إيكونوميست: ما هو سر تعكر مزاج السيسي قبل الانتخابات؟