قررت مصر السماح لمواطنيها باستيراد سيارات الركوب المستعملة التي تعمل بمحرك كهربائي (السيارات الكهربائية) عدا عن الموتوسيكلات، بشرط ألا يتجاوز عمرها الثلاث سنوات بخلاف سنة الإنتاج، حتى تاريخ الشحن أو التملك. وأكد وزير التجارة والصناعة طارق قابيل، أنها معفاة من الجمارك.
القرار أثار العديد من التساؤلات، بينها: لماذا لا
تسعى مصر لامتلاك تكنولوجيا تصنيع سيارات كهربائية حديثة، خاصة أن مستقبل الصناعة
يسير في هذا الإطار، كما أن دول العالم الأول وضعت عام 2040، كنهاية للسيارات
العادية؟ فيما تساءل البعض عن الجدوى الاقتصادية لاستيراد سيارات مستعملة في ظل
تغول العملات الأجنبية على الجنيه.
وطرح بعض المحللين والمتابعين تساؤلا آخر حول مدى
استعداد مصر لاستقبال هذا النوع من السيارات، ومدى كفاية محطات الشحن التي تبنيها
شركة "ريفولتا مصر"، بالتعاون مع الشركة الوطنية التابعة للقوات المسلحة،
وهو ما فتح أيضا بابا للتكهنات حول اعتبار ذلك القرار إحدى "عمليات البيزنس"
التي يقوم بها الجيش.
وتخوف البعض أيضا من أن يتبع الإعلان عن أن تلك
السيارات معفاة من الجمارك قرارات أخرى ورسوم تزيد أعباء المواطنين، خاصة أنها
غالية الثمن، على الرغم من اعتبارها سيارات صديقة للبيئة في بلد أكدت بيانات منظمة
الصحة العالمية أن نسبة التلوث فيه تجاوزت ثلاثة أضعاف المعدل العالمي.
يحتاج للدراسة
وأكد المهندس في شركة IBM Egypt سمير الشيخ، أنه "من المتصور أن
يكون للقرار بعد تنفيذه عائد طيب على الشعب والمجتمع المصري"، رابطا في حديثه
لـ"عربي21"، بين نجاح خطوة استيراد السيارات الكهربائية المستعملة بمصر،
وبين أن تكون قد قامت السلطات المصرية والقائمين على التخطيط والتنفيذ للفكرة
بوزارة الصناعة والتجارة بدراسة الأمر عبر لجنة فنية متخصصة.
وفي تعليقه على القرار، قال الباحث الاقتصادي عبد
الحافظ الصاوي: "تظل مشكلة مصر الرئيسية هي إنتاج التكنولوجيا"، مضيفا
أنه "إذا كان الغرض من القرار توفير استهلاك الطاقة؛ فلماذا لا تمتلك مصر
تكنولوجيا إنتاج السيارات الكهربائية، وبخاصة أن التقادم التكنولوجي يجعل السيارات
المستوردة مع مرور الوقت مجرد خردة".
اقرأ أيضا: مصر تسمح باستيراد سيارات الركوب الكهربائية المستعملة
الصاوي، توقع في حديثه لـ"عربي21"، أن
"يكون الاستيراد مجرد شيء شكلي ولا يعبر عن تقدم تنموي"، معلنا عن أسفه لأن
تظل "مصر مجرد مستهلك للتكنولوجيا على الرغم من امتلاكها أقدم الجامعات
ومراكز البحوث بالمنطقة".
وأضاف الخبير المصري: "هناك أمر آخر، وهو إذا
كانت السيارة الكهربائية سوف يكون لها مزايا بيئية (تقليل التلوث)، فهناك قضية
اقتصادية أخرى وهي تكلفة الكهرباء المستخدمة لشحن السيارات في ظل رفع مصر لكامل
الدعم عن قطاع الكهرباء".
وحول احتمالات أن تكون تلك الخطوة "بيزنيس"
لشركات الجيش، خاصة أن شركة "وطنية" تشارك في إنشاء محطات الشحن، قال
الصاوي: "ما المانع أن يحدث ذلك بعد أن سيطر الجيش على مفاصل الاقتصاد
المدني؟"، مضيفا أن "الجيش الآن هو أكبر محتكر اقتصادي بمصر".
أبواب الفساد
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم نوار، إن
"التحول من السيارات ذات المحركات التي تعمل بالوقود التقليدي (البنزين-
السولار- الغاز) أصبح توجها عالميا، من اليابان إلى الصين إلى أوروبا إلى
أمريكا"، مضيفا أنه "ليس غريبا أن تبدأ بعض الدول النامية بالسير على نفس
الطريق".
وتوقع المستشار السابق بالأمم المتحدة، أن "تظل
مصر تدهش العالم، حتى بهذا الموضوع إذا تحول بيزنس السيارات الكهربائية لاحتكار
أفراد أو جماعات أو شركات بعينها"، موضحا أن "الأصل في السوق هو
المنافسة العادلة، أما غير ذلك فهو يفتح أبواب الفساد على مصراعيها".
ويرى السياسي الدكتور مدحت خفاجي، أن "السيارة
الكهربائية هي الحل الأمثل لمشكلة دعم الوقود بمصر، وأيضا لمنع تلوث البيئة
بها"، مؤكدا أنه ليس باستيرادها ولكن "يجب أن نصنعها بأنفسنا".
خفاجي، أكد لـ"عربي21"، أن تصنيع السيارات
الكهربائية يعود بفوائد جمة على المصريين، محذرا من أن التأخير في صناعتها أمر سيئ ويؤخرنا عن باقي العالم.
وعن استغلال قرار استيراد السيارات الكهربائية
المستعملة على حساب الشعب، قال المرشح الرئاسي السابق، إن "استغلال الجيش
الأمر في البيزنس أمر طبيعي بدلا من خسائر وفساد المشروعات الحكومية الفاشلة".
تكرار الخطأ
وتحت عنوان "قرار وزاري هام يحتاج المراجعة
والتعديل"، كتب الأستاذ المساعد بجامعة القاهرة للعلوم والتكنولوجيا، محمد
كفافي، إن "السماح باستيراد السيارات الكهربائية المستعملة، سيؤدي لإغراق
السوق المصري بالسيارات الكهربائية منخفضة الجودة والكفاءة والتي ستعطي انطباعا
سيئا للمستهلكين وتهدر الطاقة والأموال بدلا من توفيرها".
وأضاف عبر صفحته بـ"فيسبوك"، أن "هذا
يعد تكرارا لخطأ تجربة اللمبات الموفرة بمهدها وقد تم إغراق الأسواق المصرية
بلمبات منخفضة الجودة والكفاءة وبنظم الطاقة الشمسية، وإعطاء انطباع سيئ للمستهلكين وتسبب ذلك بإهدار المليارات بدلا من توفيرها".
وافتتح وزير التجارة في شباط/ فبراير الماضي، أول شبكة شحن للسيارات الكهربائية التي أنشأتها شركة "ريفولتا مصر" بالتعاون مع شركة وطنية التابعة للقوات المسلحة، وأكد حينها أنه ستتم إتاحة هذه الخدمة بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وأعلن مصطفى بدوي المؤسس والرئيس التنفيذي
لـ"ريفولتا مصر" عن فتح باب الحجز لشراء السيارات الكهربائية وإنشاء 65
محطة شحن في سبع محافظات في 2018.
النشاط المصري بأفريقيا .. تحركات في الوقت الضائع
كيف حلت مصر بالمرتبة الثالثة عالميا في استيراد السلاح؟
مواطنو سيناء يعانون حصارا خانقا.. إقامة جبرية وقطع للاتصالات