تواصلت ردود الفعل والتعليقات الإسرائيلية الأحد، على عملية الاغتيال التي طالت عالم هندسة الطاقة الفلسطيني فادي البطش فجر السبت في العاصمة الماليزية كوالالمبور، وسط اتهامات للموساد الإسرائيلي بالوقوف خلف جريمة الاغتيال.
وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان علق على
عملية الاغتيال قائلا: "لن نسمح بنقل جثمان المهندس الفلسطيني من ماليزيا
لدفنه في قطاع غزة"، معربا في الوقت ذاته عن رفضه للاتهامات التي طالت
"الموساد" بالوقوف خلف عملية الاغتيال.
وأضاف ليبرمان في تصريحات نقلها موقع "i24" الإسرائيلي، أنه "دائما ينسبون مثل هذه الأمور لنا،
وبنفس الطريقة يمكن أيضا نسب هذه العملية إلى جيمس بوند"، بحسب تعبيره.
وفي السياق ذاته، ربط الوزير الإسرائيلي المتطرف
ورئيس حزب البيت اليهودي نفتالي بينيت، "عودة جثمان رجل حماس
الذي قتل في ماليزيا ودفنه في غزة، بإحضار جثتي هدار غولدين وأرون شاؤول إلى
إسرائيل لدفنهما".
اقرأ أيضا: هكذا تناول الإعلام الإسرائيلي اغتيال العالم الفلسطيني البطش
من جهته، قال الخبير الإسرائيلي في الشؤون الأمنية
رونين بريغمان، إنه "بحسب معلومات استخباراتية، فإن البطش انضم إلى الجناح
العسكري لحركة حماس قبل أن يذهب للدراسة في كوالالمبور عام 2011، وتشير التقديرات
إلى أنه تم إرساله إلى ماليزيا من قبل حماس".
وزعم بريغمان في تقرير نشرته صحيفة "يديعوت
أحرونوت" وترجمته "عربي21"، أن الهدف من وجود البطش في ماليزيا، هو
"تعميق معرفته في مجالات الهندسة الكهربائية والإلكترونية، والتي استخدمتها
حماس لاحقا في العديد من المجالات الرئيسية، وعلى رأسها، الصواريخ والطائرات دون
طيار، مع التركيز على المكونات الكهروتقنية التي تستخدمها حماس في البحث والتطوير
الذاتي".
وأشار إلى أن البطش كان "تحت مراقبة لصيقة لعدة
شهور، دون أن يدرك ذلك"، موضحا أن "تلك المراقبة شملت جميع المجالات؛
حياته في منزله وفي الجامعة التي كان يحاضر بها، إضافة للمختبر الذي يجري دراسته
وأبحاثه فيه".
أربعة أسباب
ورأى بريغمان، أن النشاط البحثي الذي تخصص فيها
البطش، و "تم تنفيذه في مختبرات جامعة محلية، هو جزء من مفهوم أوسع لحماس،
يهدف إلى تحقيق اللامركزية وتفريق مراكز الأبحاث والتطوير الخاصة بها قدر الإمكان،
ونقلها من قطاع غزة والضفة الغربية".
وذكر أن "حماس تفعل هذا لأربعة أسباب؛ الابتعاد
عن إسرائيل وأجهزتها الاستخباراتية، والابتعاد عن طائرات سلاح الجو الإسرائيلي
(التصفية والاغتيال من الجو)، ووضع عناصر حماس المطلعين في المناطق التي يمكنهم
فيها بسهولة أكبر اكتساب المعرفة وإثراء أنفسهم من خلال الدراسات والتعليم
المتقدمين، وأخيرا وضعهم في أماكن يسهل عليهم فيها شراء المواد الخام والمعدات اللازمة
لعملهم".
ونوه الخبير الأمني إلى أن "معظم عمل البطش
تركز في بحث وتطوير قدرات جديدة للبصريات الكهربائية لتحسين دقة الصواريخ، وكذلك
تحسين أنظمة التحكم والتحكم عن بعد في الطائرات دون طيار"، مستبعدا مشاركة
إيران في هذا النشاط "بشكل مباشر".
وحول وقوف جهاز "الموساد" الإسرائيلي خلف
عملية اغتيال البطش، قال بريغمان: "إذا كانت إسرائيل بالفعل وراء عملية
الاغتيال، فإن الضرر الذي يلحق بالهدف البعيد في الخارج ينتمي إلى مفهوم أوسع للحرب،
حيث يركز على التصميم على ضرب وحدات البحث والتطوير التابعة لحماس، حتى وإن كانت
بعيدة أو في المرحلة الجنينية، قبل أن تتمكن من تحسين قدراتها التشغيلية".
اقرأ أيضا: اتصالات لنقل جثمان البطش إلى غزة وليبرمان يهدد بمنع وصوله
ولفت الخبير الأمني إلى وجود استراتيجية إسرائيلية،
مهمتها "المس بالقدرات الاستراتيجية للأعداء، وتلك التي قد تعرض للخطر مستقبل
إسرائيل"، مشيرا إلى وجود "سلسلة من الإجراءات السرية الموجهة، التي من
شأنها أن تغير الواقع الاستراتيجي"، وهو ما ذكره رئيس الموساد السابق، مئير
داغان.
وأضاف: "يمكن اعتبار عملية اغتيال البطش،
استمرارا مباشرا لأعمال مختلفة نسبت إلى إسرائيل في العامين الماضيين، وذلك في
إطار كفاحها المتزايد ضد التهديد الذي تشكله طائرات حماس المسيرة"، مذكرا
بعملية اغتيال مهندس الطيران التونسي محمد الزواري في كانون الأول/ ديسمبر 2016
وهو المسؤول عن تطوير الطائرات بلا طيار التابعة لكتائب القسام.
ونوه بريغمان إلى أن الزواري كان يعكف على
"تطوير غواصات انتحارية، هدفها ضرب منصات الغاز الإسرائيلية في البحر الأبيض
المتوسط".
ولفت الخبير الأمني الإسرائيلي إلى عملية
الاغتيال الفاشلة التي استهدفت في كانون الثاني/ يناير الماضي القيادي في
"حماس" في لبنان، محمد حمدان، موضحا أن "الرسالة المتأصلة في
الاغتيالات المنسوبة إلى إسرائيل، أن جميع أعداء إسرائيل أينما كانوا سيقتلون".
وعلى مر السنين، "خلقت هذه الإجراءات أسطورة
حول ذراع إسرائيل الطويلة"، وفق الخبير الذي استدرك قائلا: "إلا أن
الحوادث العملية أدت إلى تكثيف سمعته باعتبارها عدوانية، وهذا ليس إنجازا سيئا،
خاصة بالنسبة لمنظمة استخباراتية (الموساد) هدفها الردع، وهو لا يقل أهمية عن هدف
الوقاية".
من جهته، رجح الخبير العسكري الإسرائيلي يوآب ليمور، أن "الموساد" يقف وراء تنفيذ هذه المهمة، مضيفا أنه "من الطبيعي أن يتم نسب اغتيال البطش إلى الموساد، لأن الهدف مهندس يعمل لصالح حماس، والطريقة تصفية بعيارات نارية وهروب المنفذين من المكان دون ترك أي إثر، كما حدث في عمليات اغتيال سابقة".
وأكد ليمور في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل
اليوم"، أن "طريقة الاغتيال هي نموذجية للموساد، ومشابهة لعملية اغتيال
زعيم حركة الجهاد الإسلامي فتحي الشقاقي عام 1995 في مالطا، وتصفية العديد من
العلماء النوويين الإيرانيين في العقد السابق في طهران".
وأشار إلى أن "ترك الدراجة النارية التي
استخدمها القتلة في الساحة أمرا مقبولا في مثل هذه العمليات لتجنب التعقب"،
موضحا أنه "حتى تتوصل الشرطة المحلية إلى ربط الخيوط، يكون القتلة قد ابتعدوا
عن المكان".
وشكك الخبير الإسرائيلي، في قدرة الشرطة الماليزية
في "النجاح" في الوصول إلى القتلة، الذين "درسوا المنطقة وتأكدوا
من تجنب التعرف عليهم"، وهو الدرس المستفاد من اغتيال محمود المبحوح، أحد
كبار قادة "حماس" عام 2010 في دبي.
وتابع: "صحيح أن إسرائيل لا تتحمل المسؤولية عن
مثل هذه العمليات، لكن اغتيال أمس، ينضم إلى اغتيال مهندس حماس محمد الزواري في
كانون الأول 2016، في عملية نسبت إلى الموساد"، مؤكدا أن اغتيال البطش
"ضربة ليست بسيطة لحماس".
ليبرمان: تمكنا من منع وقوع احتكاك مباشر بيننا وبين روسيا
هكذا تناول الإعلام الإسرائيلي اغتيال العالم الفلسطيني البطش
الجيش الإسرائيلي يجهز معسكرا يحاكي "حي الشجاعية".. لماذا؟