سلط
تقرير صحفي إسرائيلي الضوء على ظاهرة تعلم
اللغة العبرية لدى
المصريين بصورة متزايدة، وتأثيرها على العلاقات السياسية بين البلدين.
وقال الخبير
الإسرائيلي في الشؤون العربية، آساف غيبور، الذي زار القاهرة، أن هذه الظاهرة تعود إلى الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر حين قرر في سنوات الستينيات إقامة أقسام لدراسة اللغة العبرية في الجامعات المصرية، بهدف تخريج كوادر أكاديمية تعمل ضمن أجهزة المخابرات المصرية لمواجهة إسرائيل، وازدادت هذه الأقسام بعد حرب الأيام الستة 1967، وهناك 13 جامعة مصرية تدرس هذه اللغة، وثلاثة آلاف طالب مصري يحصلون سنويا على الشهادة الجامعية الأولى في هذا التخصص لمدة أربع سنوات.
وأضاف غيبور في التقرير المطول الذي نشرته صحيفة "
مكور ريشون" وترجمته "
عربي21" أن عام 2011 شهد إقامة مؤسسة خاصة جديدة في مصر باسم "آفاق" لدراسة العبرية وإسرائيل، يرأسها الصحفي منير محمود وشريكه ممدوح رضوان ومعهما عدد من التلاميذ والطلاب.
يقول محمود: "يدرس الطلاب تاريخ العبرية وإسرائيل، وعن أحوالها السياسية في الماضي والحاضر، والتعرف على الشخصيات والأدب والفكر، وأحيانا يقرأون بعض نصوص التوراة، مع العلم أن العبرية لغة صعبة للمصريين، لأنه ليس لديهم مجالات حياتية يمارسونها خلالها، لكن اليوم تحسن الوضع بفضل شبكة الإنترنت".
وأضاف رضوان الذي عمل في مكتب شركة العال للطيران الإسرائيلي في القاهرة لمدة ثلاثين عاما، ويقوم حاليا بتدريس العبرية للعاملين بوزارة الخارجية المصرية، أن سنوات التسعينيات تزايدت السياحة الإسرائيلية إلى مصر، وجاءت في المكان الثالث بعد فرنسا وألمانيا، حيث يشكل السياح الإسرائيليون مصدر دخل حقيقي للاقتصاد المصري.
ومما زاد من استخدام العبرية في مصر، أن شركة مايكروسوفت العالمية افتتحت في 1995 فرعا لها في القاهرة باللغة العبرية، وحصلت اتصالات مباشرة بين تل أبيب والقاهرة بالعبرية لتلقي خدمات، واستمر ذلك عدة سنوات حتى اندلعت ثورة 2011، ثم صعود الإخوان المسلمين إلى السلطة، وشكل غياب الاستقرار الأمني وخطورة التواصل مع إسرائيل، دافعا لدى مايكروسوفت لإغلاق فرعها في القاهرة بالعبرية.
ينضم للمحادثة أحد موظفي البث الإذاعي المصري بالعبرية، ويسمى "صوت القاهرة بالعبرية"، ورمز نفسه باسم جمال قائلا: "أقمنا هذه المحطة عام 1953، وفي 1958 بدأت بتوجيه حرب نفسية ضد الإسرائيليين ولأغراض عسكرية، وكان الجنود الإسرائيليون يستمعون لبثها، وهدفت للتشويش على الاستخبارات الإسرائيلية، وتشكيل أداة ضغط على الجمهور الإسرائيلي، وبلغت ذروتها عقب أسر الجيش المصري لجنود إسرائيليين في حرب 1973، حيث أجرت المحطة مقابلات إذاعية مع الجنود الأسرى، وسمعها الإسرائيليون وعائلاتهم في قلب تل أبيب".
ويكشف النقاب أن رئيس الحكومة آنذاك، مناحيم بيغن، أعلن أن المحطة "تمارس حربا نفسية ضد الإسرائيليين، وعقب اتفاق السلام في كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل طلب بيغن من الرئيس أنور السادات تخفيض عدد ساعات البث العبري من 16 إلى 6 ساعات، وهكذا تم حتى الآن!".
وتابع: "اليوم نبث يوميا من الخامسة مساء وحتى منتصف الليل، نتحدث في قضايا سياسية ورياضية وغيرها، ونعمل وفق السياسة الحكومية الرسمية من أعلى، وهدفنا أن يتعرف الإسرائيليون على المجتمع المصري، وسبق للعديد من الضيوف الإسرائيليين أن زاروا المحطة، واطلعوا على عملها".
ويضيف جمال قائلا: "بعد كل هذا العمل والبث بالعبرية، فما زالت هناك حواجز نفسية بين الشعبين المصري والإسرائيلي، نحاول اجتيازها، ونوصل رسائل للمجتمع الإسرائيلي بأن المصريين لا يريدون إلقاءكم في البحر، وأن السلام بين الدول مهم لها جميعا، وأن السلام مع العرب سيمنح الإسرائيليين المزيد من الأمن والاطمئنان".
ويقول غيبور إن السفير الإسرائيلي الأسبق في القاهرة، البروفيسور شمعون شامير، عمل مع السادات لإقامة مراكز بحثية وأكاديمية مشتركة بين القاهرة وتل أبيب، بحيث يتعلم كل طرف لغة الآخر، وفي حين أقيم مركز إسرائيل في مصر فإن نظيره المصري في تل أبيب لم يقم بعد، وجرت العادة أن يستضيف المركز الإسرائيلي في القاهرة ضيوفا إسرائيليين من باحثين وشخصيات جماهيرية، دون أن يتم أي تعاون بين هذا المركز الإسرائيلي وأي من أقسام اللغة العبرية في الجامعات المصرية.
ويختم تقريره بالقول: "يعتقد المصريون أنهم لم يحصلوا على فوائد من السلام مع إسرائيل، لا سياسية ولا اقتصادية، ولذلك ليس هناك من تعاون جدي بين الجانبين باستثناء الجانب الحكومي الرسمي، ويقتصر تعاونهما على القضايا الأمنية والاستخبارية، وما زال السلام بين القادة، ولم ينزل للأسفل حيث الشعوب والجماهير، وهناك حالة من عدم الرضا المصري تجاه إسرائيل رغم السلام القائم بينهما".