رأت صحيفة "فايننشال تايمز" في افتتاحيتها أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وضع الولايات المتحدة على طريق الحرب مع إيران.
وتقول الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، إن "دبلوماسية الهراوة تقوم على الحديث عن النتائج التي ترغب في تحقيقها، كما فعل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو يوم الاثنين، عندما وضع استراتيجية إدارة ترامب المتعلقة بإيران، وبعد ذلك تطلب من بقية العالم أن يتبعك أو يحدث أمر آخر".
وتشير الصحيفة إلى أن "واشنطن تعتقد، على ما يبدو، أن العقوبات، التي فرضتها في أعقاب خروجها من الاتفاقية النووية بداية هذا الشهر، ستؤدي وحدها إلى تغيير للسلوك الإيراني، وبعدها ستجد القوى العالمية الأخرى، رغم ترددها، مجبرة على مواكبة الموقف الأمريكي الذي لا يتنازل".
وتجد الافتتاحية أنه "بناء على هذا التفكير، فإن إنتاج النفط الإيراني سيتراجع نتيجة هذه العقوبات، ومعه سينخفض مستوى التصدير والعائدات المالية، وستجد إيران نفسها مقطوعة عن النظام المالي الدولي، وفي ظل ترنح الاقتصاد الإيراني، فإن الحكومة الدينية ستجد نفسها عاجزة، وسترفع الراية البيضاء، وتطبق الـ 12 مطلبا التي وضعها بومبيو على قائمته".
وتقول الصحيفة: "عندها سيحصل ترامب على (الصفقة الشاملة)، التي وعد بها، وهي أن إيران ستتخلى عن تخصيب اليورانيوم، وتنسحب من سوريا، وستتوقف عن دعم المتمردين في اليمن، وتتوقف عن تمويل المليشيات المتحالفة معها، وبينها حزب الله وحركة حماس، وتتوقف عن التدخل في العراق، وستلغي أيضا برنامجها للصواريخ الباليستية".
وتبين الافتتاحية أن "المشكلة هي أنه لا يوجد شخص مطلع على كيفية عمل النظام الإيراني يعتقد أن أمرا مثل هذا قابلا للتحقق، ويعتقدون بدلا من ذلك أن المنطق وراء هذا كله هو وضع إيران وأمريكا على طريق الحرب، أو مفاقمة الظروف لتغيير النظام، أو كلاهما معا".
وتلفت الصحيفة إلى أن "الموقف الإيراني المبدئي هو رفض المطالب الأمريكية جملة وتفصيلا، والالتزام بالاتفاقية، ولدى الإيرانيين غطاء دولي، على الأقل في الوقت الحالي، فلم تجد العقوبات على إيران قبولا من الدول الأوروبية، بل إن روسيا والصين رفضتاها، وكان دعم هذه الدول فعالا، حيث وافقت إيران على تأجيل برنامجها النووي".
وتفيد الافتتاحية بأن "الاتفاقية المعروفة بالخطة المشتركة الشاملة للعمل لم تكن كاملة، وسمحت لإيران بمواصلة جهودها الحربية الأخرى، إلا أنها عملت على معالجة القضية المهمة، والتهديد الملح، وهو اقتراب إيران من تصنيع القنبلة النووية".
وتنوه الصحيفة إلى أنه "بالمقارنة، فإن خطة بومبيو هي استفزاز ليس لإيران فحسب، بل لأقرب حلفاء الولايات المتحدة أيضا، بمن فيها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، التي لا تزال ملتزمة بالاتفاقية".
وتعتقد الافتتاحية أن "هذه الدول محقة في رفض هذه البلطجة، مع أنه ليس من الواضح كيف ستكون المقاومة الأوروبية فاعلة، وربما قامت الدول الأوربية، نظريا، بإحياء القانون الذي يمنع الشركات الأوروبية بالالتزام بالعقوبات، وهو ما فعلته في التسعينيات من القرن الماضي، وهددت منظمة التجارة العالمية وإدارة بيل كلينتون، التي تراجعت عن فرض عقوبات مشددة على ليبيا وإيران".
وتستدرك الصحيفة بأن "منظور العقوبات قد توسع منذ ذلك الوقت، وهذا يعني أن أي مصرف أوروبي يتعامل مع البنوك الإيرانية سيمنع من الحفاظ على حساب له في الولايات المتحدة، ويمكن للاتحاد الأوروبي وقف شركاته عن دفع الغرامات إلى الولايات المتحدة، لكنه لن يضمن لها سهولة التعامل مع النظام المصرفي الأمريكي، وستغادر الكثير من الشركات إيران من الناحية العملية، وقالت شركة (توتال) الفرنسية إنها ستغادر لو لم تحصل على إعفاء".
وتختم "فايننشال تايمز" افتتاحيتها بالقول إن "إيران قد تتمكن من النجاة من هذه العقوبات هذه المرة؛ بسبب مساحة المناورة الدولية الواسعة، لكن دون الولايات المتحدة، فإنها لن تحصل على منافع الاتفاقية النووية التي وعدت بها من ناحية انتعاش الاستثمار، وفي مواجهة العداء من الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل فلربما وجدت طهران رغبة بالعودة واستئناف السباق نحو القنبلة النووية، وفي النهاية فإن ترامب وضع أمريكا وإيران على طريق الحرب".
ما هي الخطوة القادمة لترامب بعد انسحابه من الاتفاق النووي؟
نيويورك تايمز: هل كان قرار ترامب بشأن إيران شجاعا؟
سوزان رايس: قرار ترامب هو الأكثر حمقا وهذه تداعياته