قُتل عاملان منجميان في مدينة جرادة (شرق المغرب) بعد انهيار نفق تحت الأرض لاستخراج المعادن، في حادثة جديدة أعادت التذكير بمأساة المدينة التي عرفت حراكا اجتماعيا طالب بالتنمية، انتهى بحملة اعتقالات واسعة.
الحادثة التي وقعت، الأحد، تزامنت مع إصدار منظمة "هيومن رايتس ووتش"، تقريرا جديدا سجل فيه لجوء السلطات المغربية إلى القوة المفرطة في التعامل مع احتجاجات مدينة جرادة.
وأعلنت السلطات المحلية لإقليم جرادة بأن شخصين (حوالي 33 و 42 سنة) لقيا مصرعهما، أمس الأحد، إثر انهيار جزئي لنفق تحت أرضي عشوائي لاستخراج معدن الرصاص بجماعة سيدي بوبكر بإقليم جرادة، حيث تم إخراجهما من داخل النفق من طرف مجموعة من مرافقيهما.
اقرأ أيضا: الائتلاف الحقوقي بالمغرب: الأمن لم يحترم القانون في جرادة
وتابعت في بلاغ نشرته وكالة الأنباء الرسمية، أن السلطات المحلية والأمنية وعناصر الوقاية المدنية انتقلت إلى عين المكان فور إشعارها بالحادث، مشيرا إلى أنه تم نقل أحد الضحيتين، الذي كان لا يزال على قيد الحياة على وجه السرعة إلى المركز الاستشفائي الجامعي بوجدة، حيث وضع تحت العناية الطبية المركزة، قبل أن توافيه المنية متأثرا بإصابته البليغة.
هذه الحادثة رفعت عدد ضحايا المدينة إلى 47 قتيلا، سقطوا أثناء تنقيبهم على المعادن داخل مناجم تعتبرها الحكومة غير قانونية، في المدينة التي كانت أكبر مدينة منجمية في المغرب قبل أن تتوقف سنة 2000.
وخلفت حوادث الموت داخل المناجم، غضبا تحول في سنة 2017 وبداية 2018 إلى محرك للاحتجاجات السلمية والمستمرة، دفع الدولة للتجاوب معها من خلال اعتماد المقاربة الأمنية، ردا على ما اعتبرته عرقلة الحياة العامة في المدينة من قبل المحتجين.
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن "قوات الأمن استخدمت القوة المفرطة ضد المتظاهرين بجرادة، وقادت سيارة شرطة بشكل متهور فدهست صبيا يبلغ من العمر 16 عاما، أصيب بجروح بالغة، كما ردت على الاحتجاجات بالقمع طيلة أسابيع".
وأضافت المنظمة في تقرير نشرته الاثنين 4 حزيران/ يونيو الجاري، أن "السلطات قالت إن المتظاهرين في جرادة اعتُقلوا بعد أن تحولت الاحتجاجات إلى أعمال عنف وتسبب المتظاهرون في أضرار بالممتلكات، ورغم أن بعض المتظاهرين رشقوا الحجارة في 14 آذار/ مارس، وتدعي السلطات أنهم أشعلوا حرائق أيضا، فهذا لا يبرر استخدام القوة العشوائية والمفرطة، أو الاعتقالات التي بدأت قبل ذلك التاريخ. كما أنه لا يبرر قمع الاحتجاجات السلمية أو سوء المعاملة المزعومة للمحتجزين".
ونقلت عن مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، سارة ليا ويتسن، قولها: "ذهب القمع في جرادة أبعد من محاولة تقديم المتظاهرين العنيفين المزعومين إلى العدالة. يبدو أن الأمر يتعلق بقمع الحق في الاحتجاج السلمي على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية".
وزادت أنه تم "توقيف باحثيها الذين زاروا جرادة في 4 أبريل واستُجوبوا عند نقطتي تفتيش أمنيتين، ثم تتبعتهم عن كثب سيارة تحمل 3 رجال بثياب مدنية، ما دفع شهودا كانوا ينوون استجوابهم إلى إلغاء اللقاءات المقررة، على ما يبدو".
وأفادت أن باحثيها "لاحظوا وجودا مكثفا لقوات الأمن، حيث نُشرت قوات مسلحة للشرطة في كل شارع رئيسي وساحة في المدينة الصغيرة، وأكثر من 100 سيارة شرطة في المناطق المجاورة".
اقرأ أيضا: هيئات مغربية: ما يقع بجرادة ينذر بـ"العودة لسنوات الرصاص"
وسجلت هيومن رايتس ووتش، أنها حاولت الاتصال بأقارب العديد من المتظاهرين المسجونين، لكن المصادر المحلية التي وعدت بربط الاتصال معهم تراجعت بعد أن علمت أن الباحثين قد تم تتبعهم عن كثب خلال زيارتهم يوم 4 نيسان/ أبريل إلى جرادة".
وقالت المصادر نفسها إن الاعتقالات استمرت، حيث تم الإبلاغ عن 23 حالة اعتقال مؤخرا بين 12 و27 مايو/أيار.
ونقلت عن مصادر محلية قولها "إن 4 محتجزين، بمن فيهم 2 من قادة الاحتجاجات، رهن الحبس الانفرادي منذ أكثر من شهرين".
وزادت المنظمة: "حتى 31 مايو/أيار، كان 69 متظاهرا، منهم 3 قاصرين، في السجن أو رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة".
"النهضة" تنفي طرح أي مبادرة لحل الخلافات بين المغرب والجزائر
مسيرة بالمغرب تضامنا مع القدس.. هل أقصيت العدل والإحسان؟