تشهد الحرب في مدينة درنة (شرق ليبيا) تطورات كبيرة على المستوى الميداني بين قوات اللواء خليفة حفتر، وقوات حماية المدينة، وسط تأكيدات بتقدم كبير لقوات "حفتر" داخل المدينة.
وقامت القوات المناوئة لحفتر والرافضة لسيطرته على المدينة، بعدة "تكتيكات" من أجل منع تقدم قوات الأخير، ومنها هدم بعض الجسور الموصلة إلى داخل المدينة، وكذلك زرع ألغام في طريق قوات "حفتر" وكلها تسببت في مقتل عدد من العسكريين التابعين للجنرال الليبي الذي يحاصر المدينة منذ عامين.
قناصة وألغام
ومن الجديد في معركة "درنة"، قيام قوات ما تسمى بـ"حماية المدينة" بنشر قناصة تابعين لها ولما يسمى مجلس شورى درنة على الأسطح وبعض الأماكن المرتفعة لاستهداف قوات "حفتر" بشكل مفاجئ، وأدى ذلك إلى إصابة بعض جنود الكتيبة "155"، حسبما أكدت شعبة "الإعلام الحربي" التابعة لحفتر.
كما لجأت قوات حماية المدينة إلى استراتيجية زرع ألغام أرضية في الطرق التي تسلكها قوات اللواء الليبي، وبالفعل تعرض عدد من جنود كتيبة "طارق بن زياد" واللواء "106" لانفجار لغم أرضي أثناء تمشيط مدخل "درنة".
تدهور إنساني
في سياق آخر، أكدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تدهور الأزمة في مدينة درنة بسبب الحرب هناك، ما أدى إلى نقص حاد في الضروريات الأساسية، بما في ذلك الغذاء والأدوية.
ودعت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في ليبيا، ماريا ريبيرو، إلى وقف العمليات القتالية فورا لأغراض إنسانية بهدف السماح بدخول السلع الإنسانية إلى المدينة وإتاحة الفرصة للأهالي لتخزين المؤن، بحسب الموقع الرسمي للبعثة الأممية.
ويبقى السؤال: هل ستتغير نتيجة المعركة بعد "تكتيكات" جديدة لـ"شورى درنة"؟ ولماذا أطلق "حفتر" ما يسمى بمرحلة ثانية من الحرب؟
"مستنقع حرب"
من جهته، أكد الإعلامي الليبي من مدينة "درنة"، عبد الحميد حصادي أن "حرب درنة هي حرب بقاء وأنها أصبحت مستنقعا لحفتر ودول العدوان الثلاثي "مصر والإمارات وفرنسا" لن يخرجوا منه أبدا وأنها ستستنزف كل قواته وعتاده إما بالقنص أو بالألغام، كونهم لم يترك لهم سبيلا آخر للدفاع عن أنفسهم".
وكشف في تصريحات لـ"عربي21"، أن "ما أعلنته قوات "حفتر" من سيطرة على 75% من المدينة هي أرقام مبالغ فيها، وهي فقط للدعاية والاستهلاك الإعلامي، والحقيقة أن ما يكسبه في النهار بدعم من الطيران يخسره في الليل أمام ضربات قوة حماية درنة الموجعة"، وفق تعبيره.
اقرأ أيضا: كيف سيؤثر دعم فرنسا لحفتر في حربه ضد درنة على اتفاق باريس؟
واتهم الحصادي بعثة الأمم المتحدة بالتواطئ والمشاركة في جرائم درنة، وأنها تتعامل مع درنة على أنها قضية إنسانية لتبين بأن المدنيين ضحية من الطرفين من غير أي تدخل رادع لوقف الحرب ودخول المساعدات"، كما قال.
"تكتيكات" دولية
لكن الكاتب والباحث السياسي الليبي، عز الدين عقيل أكد من جانبه؛ أن ""تكتيكات" شورى درنة تعكس مستوى خطورة هؤلاء المقاتلين"، ويؤكد أنهم "يتلقون دعما وتمويلات دولية وليست محلية، بل يقاتل معهم خبراء من بعض الدول الداعمة لهم"، حسب كلامه.
وأضاف في تصريحه لـ"عربي21"، أن "الجيش (قوات حفتر) شهد تطورا كبيرا في التعامل مع حرب درنة، خاصة بعد وصول طائرة تجسس من قبل فرنسا، وكذلك استخدام الجيش لأسلحة دقيقة يبدو أنها وصلته من أطراف معينة حتى لاتصل الحرب إلى جرائم ضد مدنين"، كما قال.
وبخصوص انتقادات الأمم المتحدة لقوات "حفتر" ومعركتها، قال عقيل: "الدول الكبرى الآن تمارس "الحول" ضد ما يجري في درنة وكأنه لا يعنيها، وبعض الأطراف لا تريد أن يتوسع "الجيش" في مناطق نفوذه، بل تريد تدمير هذا الجيش الذي يخوض حربا الآن ضد "إرهابين" معروفين ومتورطين في عدة جرائم"، وفق رأيه.
تضليل وتدويل
ورأى الكاتب والأكاديمي الليبي، جبريل العبيدي، أن "ما يحدث في درنة الآن هو مكافحة للإرهاب الذي تجاهر بدعمه جماعات الإسلام السياسي، وتواجد جماعات أجنبية في درنة أكدته بالاسم والعدد مخابرات محلية ودولية ومنها الولايات المتحدة الأمريكية"، حسب زعمه.
اقرأ أيضا: حفتر يعلن بدء المرحلة الثانية من "تحرير درنة" الليبية (شاهد)
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21"، أن "الأمم المتحدة مشوشة من التضليل الإعلامي للإسلام السياسي كما هي دائما مشوشة تجاه القضية الفلسطينية، ومحاولات الإسلام السياسي التباكي وتدويل قضية درنة لإنقاذ "الإرهابيين" لن تفلح"، حسب قوله.
لكن المحامي الليبي، طاهر النغنوغي أشار إلى أن "نشر القناصة تعتبر معادلة قوية في الخطط العسكرية، وأنه "تكتيك" جديد يؤكد سياسة النفس الطويل لمجلس "شورى درنة" حتى يتمكن من جلب إمكانيات أو تدخل جهات تجعل "حفتر" يتراجع بقواته"، حسب تصريحه لـ"عربي21".
قتلى وجرحى في مواجهات بين التبو وأولاد سلميان جنوب ليبيا
حل مجلس "شورى درنة" في ليبيا وتأسيس قوة جديدة