ألغى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة،
ليلة الأربعاء، مراسيم أدرجها وزيره الأول أحمد أويحي، بقانون الموازنة التكميلي للعام 2018، قبل نحو
شهر، بعدما أثار تسربيها غضبا شعبيا واسع النطاق وجدالا سياسيا كبيرا، بظل
تحذيرات من انزلاق الأوضاع بالشارع الجزائري.
وأقرت حكومة
أحمد أويحي، شهر أيار / مايو الماضي، قانونا تكميليا لقانون الموازنة للعام 2018،
وضمن هذا المشروع، فرضت رسوما جديدة، طالت وثائق الهوية الخاصة بالمواطنين،
وجوازات السفر ورخص السياقة وبطاقات هوية المركبات، وسائر الوثائق
"البيومترية" المكلفة للخزينة العامة، وفقا لتبريرات الحكومة.
وتضمنت النسخة
الأصلية لقانون الموازنة التكميلي قبل الإلغاء، فرض 250 دولارا مقابل الحصول على
بطاقة التعريف الوطنية، ومبلغا يصل إلى 1500 دولار للحصول على جواز السفر و1000 دولار
للحصول على رخصة السياقة ومثلها للحصول على بطاقة الهوية الخاصة بالمركبات.
وأوضح بيان صادر عن الرئاسة بالجزائر، عقب
اجتماع مجلس الوزراء الذي ترأسه بوتفليقة، ليلة الأربعاء، أنه "خلال مناقشة مشروع قانون الموازنة وفيما يخص رفع الحقوق المستحقة على بعض الوثائق الإدارية، قرر رئيس الجمهورية سحب كل
زيادة مقترحة فيما يخص الوثائق الإدارية".
وواجهت الحكومة، انتقادات شديدة من طرف
المعارضة السياسية، وخبراء اقتصاديين، وغضب شعبي عارم عبر عنه بمواقع التواصل الاجتماعي.
مخاوف من الفوضى
ويجمع خبراء اقتصاديون ومحللون سياسيون، على أن
الوضع الاجتماعي بالجزائر، لم يعد يستوعب مزيدا من الضغط، من قبيل فرض رسوم جديدة
تنهك جيوب المواطنين، أكثر مما هي عليها بعد فرض الحكومة خطة تقشف صارمة، رافقتها
زيادات معتبرة بأسعار المواد الاستهلاكية، بعد أن سجلت الخزينة العامة تراجعا
رهيبا باحتياطي الصرف جراء تدهور أسعار النفط وارتفاع حدة التضخم.
وفي هذا السياق،
يرى الخبير الاقتصادي نزيم بن علي، أن الإجراءات التي اتخذها الوزير الأول أحمد
أويحي، بفرض رسوم جديدة على استصدار الوثائق البيومترية، والغضب الشعبي المسجل كرد
فعل على ذلك، كان سيؤدي إلى تطورات لا يحمد عقباها، لو لم يتدخل بوتفليقة لإلغاء
الزيادات.
ويعتقد ابن علي
بتصريح لـ"عربي21"، الأربعاء، أن "الموضوع له حساسية أكبر لدى
الجزائريين، إذ جعلهم يشعرون أن عليهم أن يدفعوا ثمن هوياتهم كجزائريين، عندما
يجدون أنفسهم مجبرين على تسديد مقابل بطاقة هوية وهم غير معتادين على ذلك". محذرا: "هذه استفزازات قد تؤدي إلى انزلاقات خطيرة بالشارع ولنا أمثلة كثيرة
حصلت ببلادنا تتشابه مع قضية اليوم".
ويؤكد ابن علي أن "السيناريو الأردني غير
مستبعد أن يتكرر بالجزائر في حال استمر الوزير الأول في سياسة إنهاك جيوب المواطنين
بما لا تتحمل، تضاف إلى أعباء القدرة الشرائية الضعيفة وتناقص فرص العمل وارتفاع
أسعار المواد الاستهلاكية".
كما يعتقد المتحدث أن "هناك أوجه شبه
كثيرة بين الوضع بالأردن ونظيره بالجزائر، لكن أعتقد أنه في حال سارت الأمور إلى
الشارع سيكون الوضع أخطر عندنا بكثير".
ودرج الجزائريون
على تسديد مبالغ رمزية، لا تتعدى مستحقات
طوابع بريدية، مقابل حصولهم على الوثائق البيومترية المذكورة، غير أن قانون
الموازنة التكميلي فرض مبالغ باهظة للحصول عليها، بعيدة عن متناول متوسطي الدخل
ناهيك عن الفقراء، كما أجمع مختصون ونشطاء بالجزائر، وذلك قبل أن يتدخل بوتفليقة
لإلغاء تلك الرسوم.
وأعلن الوزير
الأول الجزائري في أيار /مايو الماضي، عن
ترتيبات لإعداد قانون موازنة تكميلي لسنة 2018. وصرَح للصحافة بأن "الحالة
المالية للبلاد لا تزال صعبة"، وكان يشير إلى تآكل مخزون احتياطي الصرف
بسرعة، الذي تشير التقديرات إلى أنه سينزل إلى مستوى 85 مليار دولار، بنهاية 2019.
ومن المبررات التي ساقها أويحي، لسن قانون موازنة تكميلي، أن الحكومة
تشتغل بالاقتراض من الخزينة العمومية للحفاظ على التوازنات المالية. وبدا للحكومة
أن هذا الحل ظرفي لا يمكن أن يصمد أمام الأعباء المالية الكبيرة للدولة.
انتخابات الرئاسة
وليست هذه المرة
الأولى التي يلجأ فيها الرئيس بوتفليقة إلى إلغاء قرارات كان اتخذها وزيره الأول،
فقد سبق أن ألغى قرارا حكوميا بالتنازل
عن شركات عمومية، كانون الثاني/ يناير الماضي، كما تدخل بوتفليقة لإبطال قرار
يتعلق بمنح مزارع للخواص، كما تدخل بوتفليقة من أجل رفع الاحتكار بسوق صناعة
السيارات بالجزائر بعد تحديد الوزير الأول لقائمة أشخاص معينين بفتح مصانع سيارات.
ويؤكد في هذا
الصدد الدكتور جميل عزون، بتصريح لصحيفة "عربي21" الأربعاء "أعتقد أن أسلوب تعامل بوتفليقة بإلغائه قرارات مثيرة لوزيره الأول، ذو علاقة
بانتخابات الرئاسة العام المقبل، حيث درج بوتفليقة على إلغاء قرارات كثيرة أثارت
غضبا شعبيا، بظل الحديث عن احتمال ترشحه لولاية خامسة".
ويعتقد عزون أن
"الرئيس يريد استقطاب الطبقات الشعبية من خلال قرارات يريد من خلالها كسب
تعاطف الشعب تحسبا لترشحه المحتمل لهذه الانتخابات".
وتلقى القرارات المتخذة من قبل الرئيس بوتفليقة
بإلغاء خطط ونوايا حكومته تأييدا واسعا، وترفق بتسويق إعلامي وسياسي هام، بشكل يهدف حسب خبراء، إلى إظهار أن الرئيس
مازال ممسكا بالحكم، وأن لا أحد يتخذ القرار مكانه، بعكس ما يورده خصومه من مروجي
فكرة شغور السلطة.
الجزائر لسفير الاتحاد الأوروبي: ننتظر ردا رسميا على الإساءة
الجزائر تستدعي سفير الاتحاد الأوروبي على خلفية إساءة للرئيس
بوتفليقة يأمر بإعفاء 15 عضوا من قيادة الحزب الحاكم بالجزائر