نشر موقع "ديلي بيست" مقالا لمدير ومحرر مجلة "فورين بوليسي" ديفيد روثوكوف، يقول فيه إن عرض ترامب كيم لتلفزيون غير الواقع في سنغافورة كان خطيرا وغريبا، مشيرا إلى أن القمة سبقها غزل لم يقم على حب حقيقي أو احترام، لكن للحاجة لمعرفة الحاضرين للمشاركين الاثنين واحترامهما.
ويقول الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "القمة اليوم كانت انتصارا للمبالغة على التجربة، وكانت المناسبة أول قمة لتلفزيون الواقع في تاريخ أمريكا، وهو عرض زائف شارك فيه ممثلون من الدرجة الثانية، مثل دينيس رودمان وسبستيان غوركا، بالإضافة إلى الرئيسين".
ويستدرك روثوكوف بأنه "على خلاف تلفزيون الواقع وعروضه، التي لا تظهر فيها أي دراما، بل القليل من الإنسانية، فإن هذا العرض كان حفلة وردية من البداية للنهاية، وحفلة غزل مطبوخة مقدما، لم تقم على حب حقيقي، ولكن على حاجة المشاركين للظهور والإعجاب من المشاهدين".
ويرى الكاتب أنه "كان عرضا أسوأ من هذا كله، لكنه كان سطحيا مثل التمرين، ولم يكن حاسما، ومع ذلك فإن تداعياته خطيرة، وقدم رئيس الولايات المتحدة مصادقة لرئيس كوريا الشمالية التي بحث عنها وعائلته منذ عدة عقود، ولم يعامله على قدم المساواة فقط، لكن لم يقم بالطرح وبطريقة منطقية موضوع أنه ووالده وجده قاموا باستبعاد شعبهم وعذبوه بطريقة تعسفية، وقتلوا أبناء الشعب، وخرقوا كل قيمة حضارية تعارف المجتمع الدولي عليها".
ويذهب روثوكوف إلى أن ما هو "أسوأ من هذا أن ترامب ذهب أبعد من ذلك، قائلا إنه (من الشرف) أنه قابل الجزار الديكتاتور، وربما كان عليه أن يلفه بالعلم ويمنحه ميدالية الحرية، مع أنه الرجل نفسه كيم الذي كان يهدد بحريق نووي للأمريكيين قبل عدة أشهر".
ويؤكد الكاتب أن "أداء كيم كان أفضل، فقد تحدث عن زيارة مستقبلية للزعيم الكوري إلى البيت الأبيض، وزيارة ترامب لبيونغ يانغ، ووعد بعد مؤتمره الصحافي بوقف المناورات العسكرية المشتركة بين القوات الأمريكية والكورية الجنوبية، وهو ما يسحب ورقة الضغط الأمريكية قبل بداية المفاوضات، بل قال إنه يفكر بسحب القوات الأمريكية من كوريا الجنوبية، وهو قرار إن تم فإنه سيغير قواعد اللعبة، ويترك تداعياته على المنطقة كلها، وهو انتصار كبير ليس لكوريا الشمالية فقط، بل وللصين وروسيا أيضا".
ويقول روثوكوف: "أخيرا فإن ترامب رفع من موقع كيم بعد أيام من إهانة وشجب أفضل حلفاء الولايات المتحدة الديمقراطيين، وخلق نوعا من المجاورة، أرسلت رسالة للعالم بأن ما كان يعد أولويات وقيم الولايات المتحدة أصبح ممزقا إربا من رئيس لم يعد يهتم بالوثائق أو التاريخ".
ويشير الكاتب إلى أن ترامب كتب عبر "تويتر"، قائلا إن "الحاقدين والخاسرين" لم يقدروا التنازلات التي قدمها كيم، لافتا إلى إطلاق سراح السجناء، والتوقف عن الاختبارات النووية والصاروخية، "لكنه لم يشغل نفسه بحقيقة أن مدح شخص أفرج عن سجناء ليس مثل مدح رجل لأنه لم يعد يضرب زوجته".
ويقول روثوكوف: "أما بالنسبة لوقف الاختبارات الصاروخية فإنها لم تأت دون ضمانات بأن كوريا الشمالية لن تستأنف الاختبارات مرة أخرى، ولم يتم الاتفاق على عملية التخلص من الأسلحة النووية التي يمكن التثبت منها، ولم يقدم ترامب على هذه الجبهة إلا مجموعة من الوعود الغامضة، ولا تختلف عن الاتفاقيات السابقة، وأكثر من هذا فإن التوقف عن الاختبارات النووية جاء بسبب تفجير كوريا الشمالية وعن غير قصد مكان الاختبارات".
ويضيف الكاتب: "قد يفسر البعض أن اللقاء قائم على فتح نوع جديد من الحوار بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة وحلفائها الكوريين الجنوبيين، لكن هذا الموقف يقلل من أن المشاركين الرئيسين لديهما سجل بأنهما لم يلتزما أبدا بوعودهما، ولم يتخذا أيا من الخطوات الضرورية لوضع آلية ذات معنى للحوار، من مثل الاتفاق على اللغة المشتركة العامة، ولم يظهرا استعدادا لتقديم التنازلات الضرورية، وأثبت كل من ترامب وكيم عدم مصداقيتهما عندما يتعلق الأمر بالالتزام بالاتفاقيات الدولية، خاصة خروج ترامب من الاتفاقية النووية مع إيران".
ويعلق روثوكوف قائلا إن "البيان الذي وقعه الطرفان في نهاية اللقاء القصير يحمل صورة عن كتاب سنوي مدرسي، الذي يتعهد فيه التلاميذ بالحفاظ على الصداقة حتى بعد انتهائهم من المدرسة، وهو ما يعطي صورة عن فراغ اللقاء، الذي كان دوامة من الألوان المتوهجة حول لا شيء، بشكل يدفع المراقب إلى الاستنتاج بأن هذه المناسبة كانت من تنظيم حلاق ترامب وليس وزير خارجيته، ولم يحتو على شيء جديد، وبدت أضعف في مؤتمر الرئيس الصحافي، الذي لم يعد له بشكل جيد".
ويجد الكاتب أنه "مع أن صور ترامب وكيم أمام الكاميرات أفضل من التلويح بالحرب قبل أشهر، وأن البحث عن السلام أفضل من الحرب، إلا أن التجربة تدعونا للحذر الشديد، وفي الوقت الذي طرحت فيه القمة عددا من عوامل المخاطرة، إلا أنها وبالتأكيد ستقوي النظامين الفاسدين للزعيمين في بلديهما، وربما نقل الضرر في الداخل إلى المسرح الدولي، مثل تفكير ترامب في سحب القوات الأمريكية من كوريا الجنوبية، ويأتي هذا بعد الحادث المحزن مع حلفاء الأطلسي قبل أيام، وتصريحاته السابقة عن حلف الناتو، ومن هنا فإن منظور تفكيك ترامب بنية الأمن والتراجع عن القيادة التقليدية للعالم أصبح ممكنا".
ويؤكد روثوكوف أن "الكوريين الجنوبيين سيتساءلون عما إذا كانت نتائج قمة سنغافورة هي ابتعاد منظور المصالحة".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "كان مشهدا تلفزيونيا عظيما، وكان أفضل من الحرب النووية، لكن هذا رهان صغير تتبعه الدبلوماسية الدولية، ولأن ترامب كان حريصا على تصوير قمة سنغافورة بالناجحة، فربما فتح الباب أمام إضعاف الولايات المتحدة وحلفائها ماديا وبطرق أخرى".
فليت: هل تؤتي قمة سنغافورة أُكلها؟
فورين بوليسي: هل سيُخدع كيم مثل القذافي؟
القس الذي بارك سفارة أمريكا بالقدس متعصب ضد الأديان كلها