ملفات وتقارير

هل يشعل المهاجرون شرارة الصدام بين إيطاليا وفرنسا؟

واقعة استدعاء السفير الفرنسي لم تحدث من قبل بين الدول الأوربية- جيتي
تصاعد الخلاف سريعا بين فرنسا وإيطاليا بسبب سفينة للمهاجرين قبالة سواحل ليبيا، وسط مطالب بفرض حصار بحري على ليبيا من قبل حزب إيطالي يميني.

ووصل الصدام بين البلدين إلى قيام إيطاليا باستدعاء السفير الفرنسي لديها بعد هجوم وتنديد من قبل باريس بموقف إيطاليا من رفضها استقبال سفينة "أكواريوس" التابعة لمنظمة إنسانية وتحمل على متنها 626 مهاجرا غير شرعي قادمين من ليبيا.

موقف معيب

وهاجم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون ما وصفه بالموقف "المعيب وغير المسؤول" للحكومة الإيطالية إثر رفضها استقبال السفينة، مشددا على ضرورة معرفة روما للقانون البحري الذي يعتبر أنه في حال وجود استغاثة فإن الشاطئ الأقرب هو الذي يتحمل مسؤولية الاستقبال، مشيدا بالموقف الإسباني.

في المقابل، رفضت الحكومة الإيطالية التصريحات الفرنسية حول الأمر، مؤكدة: "نرفض تلقي الدروس "المنافقة" من بلد مثل فرنسا، التي تفضل إشاحة النظر عن مشكلة الهجرة"، وفق بيان رسمي.

احتواء الأزمة

وفي محاولة لتدارك الأزمة بين البلدين، دعا وزير الداخلية الفرنسي، جيرار كولومب، نظيريه الإيطالي ماتيو سالفيني والإسباني فرناندو مارلاسكا، إلى عقد قمة عاجلة بباريس في الأيام القادمة؛ لتعزيز الحوار بشأن قضايا الهجرة التي أبرزتها أزمة السفينة "اكواريوس".

في حين، أكدت ناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، اليوم الأربعاء، أن فرنسا "مدركة تماما" الضغوط التي تتعرض لها إيطاليا في مواجهة تدفق اللاجئين من أفريقيا، مشددًة على تمسك باريس بالحوار والتعاون في قضية الهجرة، وفق وكالة "فرانس برس".

وكانت السلطات الإيطالية قد رفضت دخول سفينة الإنقاذ "أكواريوس" القادمة من ليبيا إلى موانئ روما، ما أدى إلى بقاء السفينة في عرض البحر، لتقرر إسبانيا فيما بعد استقبالهم في مرفأ "فالنسيا"، وهو ما أثار فرنسا ضد إيطاليا.

والسؤال: "هل بدأ الصدام العلني بين فرنسا وإيطاليا بسبب الملف الليبي؟ وإلى أين ستصل الأزمة؟".

مؤشر "غضب"

من جهته، أكد رئيس منظمة التضامن الليبة لحقوق الإنسان، جمعة العمامي أن "واقعة استدعاء السفير الفرنسي لم تحدث من قبل بين الدول الأوربية، وهي مؤشر على مدى غضب إيطاليا من الموقف الفرنسي وتصريحات المسؤولين هناك".

وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": "والأمر أيضا يؤكد عدم ارتياح إيطاليا من تدخل الفرنسيين في الشأن الليبي وتهديد تواجد الشركات الإيطالية هناك، وفي نفس الوقت حكومة اليمين المتطرف في إيطاليا تريد أن تؤكد أنها لن تتنازل عن خطتها ضد الهجرة وإعادة آلاف المهاجرين إلى ليبيا"، وفق تقديراته.

عجز ليبي رسمي

لكن الخبير الليبي في التنمية، صلاح بوغرارة أشار إلى أن "ما يحدث الآن بين روما وباريس ما هو إلا "مماحكات" اعتيادية، فإيطاليا لن ترتضى بتوسع نفوذ فرنسا ولا تملك إلا الاحتجاج على هذا التغلغل الفرنسي في الملف الليبي.

وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "فرنسا مستمرة بخطوات متقدمة في وضع حلول بشأن الملف الليبي خلال الأشهر المتبقية في العام الجاري مستعينة بنفوذها في إفريقيا، ومستغلة ما تمر به إيطاليا من عدم استقرار سياسي لتغير الحكومة وما تبعه من إجراءات داخلية تعطل جهودها في ليبيا".

وبخصوص موقف الحكومة الليبية من هذا الصدام، خاصة أنها وقعت اتفاقية مع إيطاليا بخصوص الهجرة، قال بوغرارة:"السلطات الليبية الحالية تخضع لليد الأطول ولا قدرة لها على مجرد الاحتجاج"، كما قال.

تخبط وصراع نفوذ

الناشط ومدير منظمة "تبادل" الليبية المستقلة، إبراهيم الأصيفر رأى من جانبه؛ أن "الصراع القائم بين البلدين هو صراع نفوذ على ليبيا، فإيطاليا تعتبر ليبيا حقا أصيلا لها وامتدادا لشواطئها وهي أيضا مفوضة من أمريكا بالملف الليبي، أما فرنسا فلديها أطماع في ليبيا وخاصة في الجنوب"، وفق قوله.

وأضاف: "إيطاليا أصبحت بعد فوز "الفايف ستار" في حالة تخبط وضعف، وهو ما استغلته فرنسا، ومن يتحكم في ملف الهجرة غير الشرعية المؤرق لأوروبا سيكون له أولوية في السيطرة على الملف الليبي، أما حكومة ليبيا فهي سترحب بأي دولة تقدم لها الدعم والمساعدة في هذا الملف"، كما صرح لـ"عربي21".