نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للمعلق المعروف توماس فريدمان، يتحدث فيه عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكيف أنه خان كندا وطعنها في هجومه على رئيس وزرائها جاستن ترودو.
ويقول الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إنه بحث في محرك "غوغل" عن السؤال الآتي: كم كنديا قتل وجرح منذ 2002 وهم يقاتلون جنبا إلى جنب مع القوات الأمريكية في أفغانستان؟ فكان الجواب: 158 قتيلا و635 جريحا.
ويتساءل فريدمان عن السبب الذي يدفع بلدا لإرسال أبنائه للدفاع عن أمريكا في حربها ضد تنظيم القاعدة، مع أن الأخير هاجم المدن الأمريكية لا الكندية.
ويجد الكاتب أنه "مع ذلك، فإن كندا أرسلت شبابها رجالا ونساء للقتال في هذه المعركة، لكن عندما رفض ترودو المطالب الأمريكية لخفض كندا التعرفة الجمركية على الحليب والجبنة واللبن، فإن ترامب وفريقه سارعوا باتهامه بالخيانة والطعن بالظهر، وقالوا إنه يستحق مكانا خاصا في جهنم".
ويعلق فريدمان قائلا: "مكان خاص في جهنم بسبب الرسوم الجمركية على الحليب، ولبلد وقف معنا في الساعات الحالكة؟ هذا أمر يثير الاشمئزاز، لكنه يقدم لك صورة حول الطريقة التي ينظر فيها ترامب للعالم، بخلاف سابقيه من الرؤساء الجمهوريين والديمقراطيين، فكل شيء يقوم على الصفقات، وماذا فعلت من أجلي اليوم؟ فقد ذهبت الفكرة التي تقوم على حفاظ أمريكا على القوانين الدولية، التي تتخلى من أجلها على المنافع الاقتصادية الصغيرة لتقوية المجتمعات الديمقراطية؛ حتى تستمع بمزايا عالم صحي وحر وديمقراطي".
ويشير الكاتب إلى أنه كما كتب المؤرخ روبرت كاغان، فإن "أمريكا ترامب لم تعد تهتم.. ولم تعد مرتبطة بأي ذاكرة تاريخية، ولا تعترف بأي أخلاق أو التزام سياسي واستراتيجي، وتشعر بالحرية لمتابعة أهدافها دونما اهتمام لآثارها على حلفائها، وبالضرورة العالم، ولم تعد تشعر بالمسؤولية إلا عن نفسها".
ويقول فريدمان إنه قد يدعم ترامب وهو يتحدث بدفء مع الديكتاتور الكوري المجرم كيم جونغ- أون لو أدى التقارب إلى تخفيف منظور الحرب في شبه الجزيرة الكورية، وقاد إلى عملية نزع الأسلحة النووية من كوريا الشمالية، مستدركا بأن "ما يخيف بشأن ترامب هو تفضيله الأنظمة الديكتاتورية على حلفائنا الديمقراطيين في مناطق أخرى".
ويلفت الكاتب إلى أن ترامب أخبر الصحافيين يوم الجمعة عن الديكتاتور الكوري الشمالي، قائلا: "يتحدث ويجلس شعبه مصغيا إليه، وأريد الأمر ذاته من شعبي"، وقال ترامب لاحقا إنه كان يمزح.
ويعلق فريدمان قائلا: "لا، فرئيس الولايات المتحدة يجب ألا يمزح بهذه الطريقة، وهي للأسف تتناسب مع كل شيء قاله ترامب وفعله في السابق، فهو يحب رفقة الرجال الأقوياء، وطالما كالوا المديح له، فهو لا يهتم بالطريقة التي يعاملون فيها شعوبهم، خاصة الناس الذين يخاطرون بحياتهم من أجل بناء بلدانهم بالطريقة ذاتها التي شكلنا فيها بلدنا".
ويرى الكاتب أن "النهج الذي يسير عليه ترامب مع الديكتاتور الكوري قد يمنح الأمريكيين بعض الوقت، إلا أنه يضر بالأمريكيين وحلفائهم في الكثير من المناطق، فهذا النهج يتعامل معه الديكتاتوريون باعتباره رخصة مطلقة وحرة للتصرف كما يشاءون، لا لسحق الإرهابيين والثوريين فقط، لكن حتى المعارضين السلميين والموالين المخلصين".
وينوه فريدمان إلى مصر، حيث نشرت منظمة "هيومان رايتس ووتش" في 31 أيار/ مايو أن الأمن المصري قام "ومنذ بداية أيار/ مايو بحملة اعتقالات ومداهمات عند الفجر ضد نقاد الرئيس عبد الفتاح السيسي "، مشيرا إلى أنه كان من بين الذين اعتقلوا الناشط السياسي حازم عبد العظيم، والصحافي المعروف وائل عباس، والجراح شادي الغزالي حرب، والمحامي هيثم محمدين، والناشطة أمل فتحي، والرسام الساخر شادي أبو زيد.
ويقول الكاتب إنه عرف بعض هؤلاء الناشطين الشباب أثناء ثورة الربيع العربي، "فهم ليسوا دعاة عنف أو متشددين إسلاميين، وكانوا شبانا رائعين محبين للسلام وحكم القانون، وكانوا مستعدين للعمل مع أي زعيم مصري يريد بناء مجتمع مصري مفتوح، ونظام إجماع سياسي مصري ومجتمع مدني، وسجن حرب، الطبيب الذي تعلم في بريطانيا لأنه غرد ناقدا بلطف حملات الاعتقالات".
وتنقل الصحيفة عن مسؤولة برنامج الشرق الأوسط في "هيومان رايتس ووتش" سارة لي ويتسون، قولها: "وصلت حالة القمع في مصر إلى مستوى متدن، إلى درجة أصبحت فيها قوات السيسي تعتقل الناشطين المعروفين وهم نائمون لأنهم رفعوا صوتهم.. الرسالة واضحة، فالنقد حتى لو كان نقدا ساخرا خفيفا فإنه قد يقود لرحلة إلى السجن".
ويعلق فريدمان قائلا إن "على السيسي أن يشنق نفسه خجلا بسبب عمليات الاعتقال العشوائية لخيرة الشباب، وكان يجب على الكونغرس أن يدافع عنهم لو كان الرئيس ووزير خارجيته يفعلان الشيء ذاته".
ويفيد الكاتب بأن الأمر ذاته يحدث في تركيا في ظل حكم الرئيس رجب طيب أردوغان، مشيرا إلى أنه اكتشف قبل فترة أن معظم أصدقائه من الصحافيين إما في السجن، أو فصلوا من العمل، أو أجبروا على المنفى.
ويعلق فريدمان قائلا إن هذا توجه عام، كما جاء في تقرير لجنة حماية الصحافيين: "للعام الثاني على التوالي، فإن نصف الذي اعتقلوا بسبب عملهم حول العالم يقبعون خلف القضبان، سواء في تركيا أو الصين أو مصر.. فالخطاب القومي للرئيس دونالد ترامب، والتركيز على التطرف الإسلامي، والتأكيد على وصف الإعلام الناقد بـ(الأخبار الزائفة) سمح لهؤلاء القادة بسجن الصحافيين".
ويبين الكاتب أنه "في السعودية فإن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وإن قام بجهود مهمة للحد من سلطة المتشددين وتقوية المرأة، إلا أن عمليات الاعتقالات العشوائية وغير الشفافة، التي قام من خلالها باعتقال والتحقيق مع من زعم أنهم رجال أعمال فاسدون، وكذلك اعتقال 17 ناشطا وناشطة، أسهمت في خلق أجواء الخوف هناك، وسيؤثر هذا على فرص جذب الاستثمارات الأجنبية، التي تعد حيوية في جهود إصلاح الاقتصاد السعودي".
ويشير فريدمان إلى أنه "في البحرين، الحليفة للولايات المتحدة، فإن المدون عبد الجليل السنكيس لا يزال في السجن، بعد الحكم عليه في عام 2011 بالسجن مدى الحياة؛ لاتهامه، كما تقول لجنة حماية الصحافيين، بالكتابة عن انتهاكات حقوق الإنسان، والتمييز الطائفي، والقمع السياسي للمعارضة".
ويلفت الكاتب إلى أنه "في الفلبين، الحليفة للولايات المتحدة، سجنت السيناتورة والمفوضة السابق لحقوق الإنسان ليلا دي ليما، في شباط/ فبراير؛ بتهم مفبركة لها، ولا تزال في السجن، وهي الناقدة الشرسة لسياسات مكافحة المخدرات، التي يقودها نظام ردوريغو دوترتي على مهربي ومتعاطي المخدرات، والتي خلفت وراءها أكثر من 7 آلاف قتيل في السنوات الثلاث الماضية، في معارك بالأسلحة مع الشرطة والحراس".
وينوه فريدمان إلى أنه "في بولندا، التي كانت يوما حليفا قويا للغرب، فإن السياسي القوي يارسواف كاتشتونسكي يحاول استبدال القضاء المستقل بقضاة اختارهم؛ نظرا لولائهم له ولحزبه، متجاهلا قوانين الاتحاد الأوروبي".
ويقول الكاتب إن "القادة في الماضي كانوا يحترزون من موقف أمريكا، التي كانت تملك مبادئ حقيقية، ومدعاة لضبط النفس، بحيث لا يستطيع قادة كهؤلاء الفرار منها، ولم يعد الأمر كما كان، فترامب ليس لديه سفراء في تركيا والسعودية لينقلوا له الصورة".
ويختم فريدمان مقاله بالإشارة إلى قول مسؤول مركز التجارة وحقوق الإنسان في جامعة نيويورك مايكل بوسنر: "في أمريكا سننجو من فترة ترامب"، مشيرا إلى "المؤسسات القوية، والناس المكرسين لحماية الديمقراطية، لكن في أماكن مثل مصر وتركيا والفلبين، فهي دول هشة، اعتمد فيها الناشطون ولعقود على الولايات المتحدة لتدافع عنهم، واليوم لدينا رئيس لا ينتقد، بل يهنئ القادة على الانتخابات المزورة، ويمنح المصداقية على ما يبدو لتصرفاتهم السيئة".
نائب أمريكي: يجب وقف التدخل الأمريكي في حرب اليمن
الغارديان: كيف يجعل ترامب الحرب في اليمن كارثية؟
NYT: شركة مرتبطة بفضيحة فيسبوك وراء إصلاحات ابن سلمان