نشرت صحيفة
"
سفابودنايا براسا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن الحملة الفاشلة التي
شنتها الولايات المتحدة من أجل ثني الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن إتمام
الصفقة الروسية المتعلقة بتوريد منظومة الدفاع الجوي إس- 400.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن العديد من الخبراء التابعين لواشنطن
والاتحاد الأوروبي أشاروا منذ البداية إلى استحالة إتمام الصفقة الروسية التركية،
محذرين من عواقب إصرار
تركيا على ذلك.
وذكرت الصحيفة أن
ممثلي
حلف شمال الأطلسي والقيادة العسكرية الأمريكية حاولوا استعمال جميع الأساليب
الممكنة للضغط على أنقرة، وإقناعها بضرورة التخلي عن الاتفاق المبرم مع موسكو. في
المقابل، تعامل أردوغان ببرود تام مع هذه التهديدات، وأكد إصراره على إتمام
الصفقة، لا سيما أن المسألة ترتبط بقدرات بلاده الدفاعية.
وأشارت الصحيفة إلى أن
الساسة الأمريكيين ناقشوا إمكانية اتخاذ "تدابير تقييدية" ضد تركيا، وقد
كانت هذه الخطوات في البداية مجرد محاولة للضغط على تركيا على أمل إجبارها على عدم
شراء المنظومة الروسية. ولكن مع إصرار الجانب التركي، انتقدت الجهات الأمريكية
وبحدة هذه المسألة، ما أجبرها على الموافقة على فرض عقوبات على تركيا من أجل
معاقبة أردوغان الذي أصبح "بوتين الثاني" في نظر الغرب.
وأوردت الصحيفة أن
البرلمان الأمريكي حظر تزويد الجيش التركي بمقاتلات إف-35، إلا أن الكلمة الأخيرة
تبقى لترامب الذي يتعين عليه التصرف وفقا لمتطلبات الواقع. وفي الحقيقة، شهدت
العلاقات التركية الأمريكية في الآونة الأخيرة توترا واضحا، كما أن تنكر ترامب
للصفقة سيزيد الوضع سوءا، ولعل ذلك ما دفع الولايات المتحدة لتقديم بعض التنازلات.
والجدير بالذكر أن
الأمريكيين وافقوا في وقت سابق على الخطة التركية المتعلقة بمدينة منبج، التي ظلت
لفترات طويلة تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية، التي تقضي بمغادرة الأكراد
للمدينة وخضوعها لسيطرة القوات التركية والأمريكية.
ونقلت الصحيفة عن
الخبير العسكري التركي، كرم يلدريم، أن الولايات المتحدة تتخبط في وضع صعب، ما
يدفع ترامب للموافقة على الصفقة التركية التي وقع الاتفاق عليها مسبقا، قبل تفاقم
التوتر بين البلدين. وقد شاركت تركيا في تطوير المقاتلات، وتوفير الموارد المالية،
وفي حال تراجعت الولايات المتحدة عن تنفيذ الصفقة سيكون الأمر بمثابة إهانة
لتركيا، التي نجحت في بناء سياستها الخارجية بعد أن أظهرت واشنطن عدم التزامها.
وأكدت الصحيفة أن
ترامب وعد في العديد من المناسبات بوقف تزويد وحدات حماية الشعب بالأسلحة، إلا أن
الدعم مستمر إلى حد الآن، ما أثار غضب أردوغان الذي لم يتراجع عن انتقاد حليفته في
منظمة حلف شمال الأطلسي. وفي الواقع، إن اتخاذ أردوغان لموقف محايد تجاه ما يحدث
يدفع الأمريكيين إلى مواصلة تجاهل تركيا، ولعل ذلك ما سعى أردوغان لعدم حصوله، على
حد قول يلدريم.
كما نوه يلدريم بأن
الولايات المتحدة وافقت على موقف تركيا، وذلك ما تؤكده التطورات الأخيرة بما في
ذلك مسألة تسليم مقاتلات إف-35. ويمكن للعديد من العوامل التأثير على العلاقات
الأمريكية التركية، حيث أكد أردوغان أنه بغض النظر عن الإجراءات الأمريكية، يجب أن
تطرد الفصائل التركية من سوريا إلى حدود العراق.
وأكدت الصحيفة أن
العمليات العسكرية التركية ضد وحدات حماية الشعب الكردية ستتواصل، لا سيما أن
أردوغان يعتبر المسؤول الوحيد عن سلامة رعيته في نظر المواطنين الأتراك. وبتنفيذه
العمليات العسكرية ضد وحدات حماية الشعب، يدافع أردوغان عن مصالح دولته، مانعا
الولايات المتحدة من تحقيق نزواتها.
وأشارت الصحيفة إلى أن
تنفيذ تركيا لهذه العمليات العسكرية لن يؤدي إلى نشوب حرب بين البلدين، بل ستبقى
الولايات المتحدة غير مبالية بجميع تصرفات تركيا. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لأردوغان
إرسال مقاتلات إف-35 إلى سوريا، دون أن يترتب عن ذلك أية عواقب.
وفي الختام، نوهت
الصحيفة بأن قلق واشنطن من خسارة هيمنتها في المنطقة هو ما يدفعها للوقوف إلى جانب
تركيا في حال أجبرت على الاختيار بين وحدات حماية الشعب وتركيا.