نشرت صحيفة "فرانكفورتر ألغيماينه تسايتونغ" الألمانية تقريرا تحدثت فيه عن التغييرات التي أحدثها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على المشهد السياسي التركي، منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم في العام 2002، حيث تمكن من حصد أغلبية مريحة في كل المحطات الانتخابية، مما أهله للحكم دون اللجوء إلى التحالفات السياسية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه منذ ما يزيد عن عقد من الزمن وحزب العدالة والتنمية يسيطر على الحكم في تركيا، لاسيما أنه فاز في كل المحطات الانتخابية. وفي سنة 2002، تمكن هذا الحزب من حصد أغلبية برلمانية بنسبة 35 بالمائة.
وأكدت الصحيفة أن "تفرد حزب العدالة والتنمية بالحكم بات عادة في تركيا. وعلى الرغم من أن الحزب لم يحصد الأغلبية البرلمانية لأول مرة في تاريخه سنة 2015، إلا أنه ظل ممسكا بزمام السلطة، غير أن حزب الشعوب الديمقراطي تمكن من الفوز بأصوات 13 بالمائة من الناخبين وخاصة الأكراد. وعلى خلفية هذه النتيجة، أدرك أردوغان أن رئيس حزب الشعوب الديمقراطي، صلاح الدين دميرطاش، بات يشكل خطرا يهدد أغلبيته البرلمانية"، وفق تعبيرها.
وأشارت الصحيفة إلى أن "حسابات أردوغان كانت خاطئة، حيث لا يشكل حزب الشعوب الديمقراطي أي خطر على حزب العدالة والتنمية خاصة وأن رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، رفض التحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي. ونظرا لأن أردوغان لم يكن بدوره يرغب في التحالف مع حزب الحركة القومية، قرر إجراء انتخابات جديدة في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 2015. وفي هذه الانتخابات، حصد حزب العدالة والتنمية أغلبية برلمانية بفضل التوجهات القومية التي انتهجها أردوغان".
وأوضحت الصحيفة أنه قبل انعقاد الانتخابات الحالية، "تغير المشهد السياسي التركي. فمنذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر من سنة 2016، تعرض ديمرطاش للاعتقال بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي. وفي حال تمت إدانته، قد يجد نفسه عرضة لعقوبة سجنية تفوق 140 سنة. وعلى الرغم من وجوده في السجن، إلا أن ذلك لم يثنه عن تقديم ترشحه للانتخابات الحالية.
وأوردت الصحيفة أن بعض المؤشرات تحيل إلى أن حزب أردوغان قد يخسر أغلبيته البرلمانية خلال الانتخابات، وفي المقابل، لا تبدو خسارة حزب العدالة والتنمية خلال الانتخابات المحلية أمرا واردا خاصة أن الرئيس يحظى بشعبية واسعة لدى الشعب التركي.
وأفادت الصحيفة بأنه على الرغم من أن حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية أقاما تحالفا قبل الانتخابات، إلا أنهما قد لا يحصدان معا الأغلبية البرلمانية المرجوة. وفي المقابل، تم إنشاء تحالف رباعي يضم كلا من حزب الشعب الجمهوري وحزب الخير بهدف منافسة الأغلبية الحاكمة.
وذكرت أن حزب الشعب الجمهوري "يعد أقوى أحزاب المعارضة، ويحظى بشعبية خلال الانتخابات الحالية، بفضل مرشحه الرئاسي محرم إنجه، الذي يتصرف تماما مثل أردوغان. أما حزب الخير برئاسة ميرال أكشينار، فقد ضمن أصواتا بفضل نهجه القومي. ومن جهته، ضمن حزب السعادة أصوات أنصاره، الذين لا تتجاوز نسبتهم حدود أربعة بالمائة".
وبينت الصحيفة أن "أحزاب المعارضة على يقين من أن الأغلبية البرلمانية لا تعني بالضرورة أغلبية حكومية، نظرا لأن تحالفات ما قبل الانتخابات لا تشكل فريقا حكوميا"، لذلك، تقول الصحيفة الألمانية: "يتعين على الحزب اليساري، وأكراد حزب الشعوب الديمقراطي، وقوميي حزب الخير، بالإضافة إلى كماليي حزب الشعب الجهوري، وإسلاميي حزب السعادة أن يعملوا بصفة مشتركة في البرلمان المستقبلي. وفي حال تجاوز حزب الشعب الجمهوري عتبة 10 بالمائة من المقاعد البرلمانية، فقد يفقد التحالف بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية الأغلبية المطلقة".
وأبرزت الصحيفة أن الدبلوماسيين الغربين والصحفيين الأتراك يرون أن حزب العدالة والتنمية قد يحاول كسب كتلتي حزب السعادة أو الحزب الصالح. وفي حال لم يتحقق ذلك، فمن المنتظر أن يحاول حزب العدالة والتنمية كسب ود النواب المستقلين بهدف حصد الأغلبية المطلوبة.
وتختم بالقول إن حزب العدالة والتنمية "يملك وسائل الحوافز المالية الكافية لاستمالة أي طرف، خاصة وأن رئيسه يوزع المناصب الهامة. وتعتبر كل السيناريوهات المذكورة أعلاه واردة في حال سار العرس الانتخابي على النحو المطلوب".
إندبندنت: لماذا يتعامل الغرب بازدواجية مع تركيا؟