نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للكاتب سايمون جينكنز، يقول فيه إن فوز رجب طيب
أردوغان يمنحه السلطة، وربما للأبد، ليحكم بلدا من 80 مليون نسمة، ويقع في جنوب
أوروبا.
ويستدرك الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، بأنه "رغم سجن أردوغان معارضيه، والرقابة على الإعلام، إلا أن وعوده الإصلاحية تمنحه سلطة كبيرة، وأهم من ذلك فهو شعبي ويحظى بدعم".
ويقول جينكنز: "لهذا فلا معنى لاستنكار أردوغان وإهانة ناخبيه، فأوروبا اليوم تواجه على حدودها الشرقية حاكمين مستبدين (شعبيين) أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالإضافة إلى حكام أقوياء في كل من هنغاريا وبولندا وسلوفاكيا وجمهورية التشيك وصربيا والنمسا، ولم تعد هذه الأنظمة شاذة، فقد أصبحت الشعبوية أمرا عاديا في عدد من دول أوروبا الشرقية، وتتميز بالحكم الشخصي، والتخويف، وقمع البرلمان والإعلام المعارض".
ويجد الكاتب أن "تحذير تشرتشل عن (الستارة الحديدية)، التي خيمت على أوروبا عاد من جديد، وبخلاف تلك فإن الستارة اليوم ليست سوفييتية شيوعية، بل شعبوية استبدادية".
ويبين جينكنز أنه "من هنا، فإن أسوأ ما تقوم به أوروبا الغربية هو أن ترمي اللعنات على هذه الموجة، ومثل حالة دونالد ترامب، فإن الناس لا يحبون أن يطلق عليهم بأنهم حمقى أو عنصريون أو مخدوعون للنازيين عندما يصوتون لمن يعتقدون أنه صالحهم وصالح هويتهم الوطنية، وهم لا يحبون النقد من الدول الغنية، التي ينظرون إليها وهي تسرق أبناءهم، وتطلب منهم استقبال المهاجرين الآسيويين والأفارقة بدلا منهم".
ويشير الكاتب إلى أنه "قبل عامين وبناء على دراسة مسحية عن القيم العالمية، أشار المشاركون الكبار في العمر، فوق سن الستين، إلى أن
الديمقراطية (ضرورية) لحياتهم، إلا أن نسبة نصف المشاركين ممن هم تحت الثلاثين لا يتفقون مع هذا الرأي، ولا يجدون أهمية للديمقراطية، حيث يرى ربع الأمريكيين من أبناء الألفية أن الديمقراطية هي (طريقة سيئة) لإدارة البلد، فيما قالت نسبة السدس (17%) من الأوروبيين الشباب الشيء ذاته، وفي ألمانيا وإسبانيا واليابان وأمريكا قالت نسبة 40% من المشاركين إنهم يفضلون القائد القوي الذي لا يهتم كثيرا بالبرلمان أو
الانتخابات".
ويرى جينكنز أن "إيمان الشباب الأوروبي بالديمقراطية يتراجع، فالحركة التي يمكن وصفها بـ(موت الديمقراطية ) تثير الانتباه لفشل الناخبين في التصويت للبرامج الديمقراطية الليبرالية، وتفضيل ترامب، والخروج من الاتحاد الأوروبي في بريطانيا، والتصويت للأحزاب المعادية للمهاجرين في إيطاليا وألمانيا وفرنسا".
ويذهب الكاتب إلى أن "الخطأ ليس نابعا من الناخبين، بل من المؤسسات التي تفشل في الرد على مطالبهم، فعندما لا تستمع (عربات) النقاش التقليدية -الأحزاب السياسية والإعلام والأكاديميون- لهم يبحثون عمن يستمع إليهم".
ويعتقد جينكنز أن "انتهاك الغرب للشعبوية وهجومه عليها ليس حلا، ولن يغير مسار الانتخابات، مع أن (القوة الناعمة) قد تؤدي إلى مساعدة البرلمانات المقموعة والإعلام، وتقديم المثال الواقعي من أجل تأكيد الديمقراطية التي تصادق عليها لا الحد منها، وظلت الديمقراطية منذ عهد أرسطو تدور حول الرقابة (على حكم الرعاع)، من خلال المعايير الدستورية والنقد والمعارضة والتنوع وتخفيف السلطات".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "الرسالة الحقيقية من الانتخابات التركية هي أن لا شيء حتميا حول الديمقراطية الناضجة، فهي بحاجة لإنعاش دائم، وفي كل مكان تحتاج البرلمانات والأحزاب لتغيير وتعديل، وتحتاج السلطات المحلية للتحرير، ويجب الدفاع عن التنوع الإعلامي، والحد من هستيريا وسائل التواصل الاجتماعي، فشخص واحد وصوت واحد في كل مرة ليس ديمقراطية، لكنه استبداد، وتركيا ليست شغلنا بل الديمقراطية".