سقط مؤخرا عدد غير قليل من المسؤولين المصريين بمواقع قيادية بيد
هيئة الرقابة الإدارية؛ لتورطهم بقضايا فساد ورشوة. لكن الملفت هو زيادة أعداد من
تم ضبطهم مؤخرا من ضباط الجيش والشرطة السابقين، الذين يشغلون مناصب مدنية رفيعة.
والأربعاء،
ألقت هيئة الرقابة الإدارية القبض على رئيس شركة مياه الشرب والصرف
الصحي بالجيزة، اللواء مهندس حنفي محمد حنفي؛
لتلقيه رشوة 25 مليون جنيه.
والثلاثاء،
قام ضباط الرقابة الإدارية بالقبض على رئيس حي الدقي، اللواء نادر السعيد، بعد
عملية متابعة استمرت 6 شهور، متلبسا يتقاضى رشوة 250 ألف جنيه وشقة قيمتها مليونا
جنيه.
وفي
10 حزيران/ يونيو الماضي، ألقت الرقابة الإدارية القبض على رئيس حي عين شمس
ورئيس مركز ومدينة قليوب السابق، اللواء مهندس ألبير ألفونس، وذلك لتورطه بعمليات
رشوة.
وفي
29 أيار/ مايو الماضي، أوقفت هيئة الرقابة الإدارية، اللواء علاء فهمي رئيس
الشركة القابضة للصناعات الغذائية والمستشار الإعلامي بالوزارة ومستشار الوزارة
للاتصال السياسي، متلبسين بتلقي رشوة 2 مليون جنيه.
وفي
5 أيار/ مايو الماضي، ألقي القبض على "م.م.ص" المسؤول السابق بإحدى
الجهات الأمنية، وذلك لانتحاله صفة مسؤول بإحدى الجهات الرقابية، وطلبه مبلغ 60
ألف جنيه؛ لتأجيل تنفيذ قرار إزالة أحد العقارات.
الترويج
للسيسي
واستغلت صفحات مؤيدة للنظام العسكري الحاكم واقعة رئيس حي الدقي
ورئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالجيزة، للتأكيد على أن السيسي في ولايته
الثانية يحارب الفساد وبشدة.
وقال
بوست موحد انتشر بين الصفحات المؤيدة للنظام إن "الحرب على الفساد في عهد عبد
الفتاح السيسي تاريخي ولم يحدث من قبل"، مخاطبا المصريين بقوله: "لكل
واحد عقله مخيله أن الإدارة السياسية بالدولة متراخية مع الفساد، يؤسفني أقوله أنت
واهم لا محالة".
مؤشر على حجم فساد الجيش
الكاتبة
والناشطة السياسية، منى إبراهيم، قالت أولا: "يجب الاعتراف بانتشار
الفساد بالمحليات والأحياء حتى قبل أن يتولى قيادتها لواءات جيش وشرطة"،
مشيرة إلى أن "سيادة اللواء يجد نفسه عند توليه المنصب المدني أمام منظومة
متكاملة من الفساد متفشية وممتدة لأصغر موظف".
إبراهيم،
أكدت لـ"عربي21"، أن
"المبالغ التي تدفع لتخليص مصالح وتمرير صفقات، وأخذ توقيع
وموافقة واعتماد، تكون خيالية وكافية لأن يعيش اللواء وعائلته لثالث جيل بثراء
فاحش".
وأوضحت
أن "قبول الضباط بالمواقع المدنية الرشاوى يعطي أيضا دلالة لاستكمال سيناريو
استغلال مركزه ونفوذه السابق بسلطاته الجديدة كرئيس أحد الأحياء"، مضيفة أن
"الإنسان لا يصبح فاسدا فجأة، وهذا يعني أن التربية العسكرية لا تغير من
إنسان نبتته سيئة"، قاطعة بأنه "ليس قيادات الجيش كلهم شرفاء".
إبراهيم،
أشارت إلى الفساد الذي يمارسه قادة وضباط الجيش، قائلة: "لك أن تتخيل كم حجم
الفساد داخل قيادات الجيش نفسه، خاصة بعد دخول المصالح بتنفيذ المشاريع الضخمة،
خاصة أنه لدى القادة سلطة ونفوذ بلا رقابة من الدولة، ولا مساءلة عن ميزانية الجيش".
المعارضة
المصرية للنظام، تساءلت قائلة: "لماذا يقع سيادة اللواء بقبضة الرقابة وحده
مع أن مدير مكتبه ومساعديه وموظفين آخرين متعاونون لإتمام أي صفقة"، مضيفة:
"هل هي رغبة منظمة للتخلص من لواءات الجيش بفضائح رغم موالاتهم للنظام
والرئيس الحالي؟".
وتابعت
تساؤلاتها: "لماذا يتم القبض على المرتشين الصغار، ويُترك الحيتان المتحكمون
بالصفقات الضخمة؟"، قائلة: "أين قائمة الفساد التي قدمها المستشار هشام
جنينة، البالغة 600 مليار جنيه، والتي تم تجاهلها، وعلى أثرها عزل من منصبه".
وختمت
قائلة: "لا نستطيع إنكار المجهود الذي تبذله الرقابة الإدارية، سواء رضينا
عنه أم انتابنا شعور بأنه انتقائي، لكن لن ينتهي الفساد بالقبض على الرأس وترك
الجسد فاسد"، متوقعة "زيادة معدلات الرشاوى في ظل الأزمة الاقتصادية
الطاحنة".
"قرصة أذن"
وفي تعليقها، قالت أستاذ الاقتصاد العلوم السياسية، الدكتورة سارة
عطيفي، إن دلالات تورط كثير من القيادات العسكرية السابقة بقضايا رشوة وفساد في
مواقعهم المدنية لا يرد عليه إلا بكلمة واحدة وهي "قرصة أذن، لمن يحاول
التفكير في الخروج من الحظيرة العسكرية الحاكمة بنظام الولاءات العسكري".
عطيفي،
أكدت بحديثها لـ"عربي21"، أن
"ثاني الدلالات هي محاولة لتجميل وجه النظام بمحاربة الفساد، حتى لو كان من
الطائفة العسكرية في مرحلة حكم السيسي الثانية"، مضيفة أن "المرحلة
الثانية لا بد أن يكون لها شكل مختلف عن المرحلة الانقلابية الأولي، خاصة أن هناك
من يخطط له، ليس لليوم، بل للغد".
الباحثة
في الشؤون الاقتصادية، قالت إن الدلالة الثالثة هي "وجود ابن الطاغوت الحاكم
على رأس مؤسسة محاربة الفساد -أحد أبناء السيسي (مصطفى) يعمل بمنصب قيادي بهيئة
الرقابة الإدارية- فيريد أن يقول: نحن نحارب الفساد".
عطيفي،
وجهت سؤالا لابن السيسي بصفته الوظيفية، قائلة: "هل يستطيع محاربة فساد أبيه
وعصابته ومعرفة مصير المليارات التي دخلت مصر عقب الانقلاب من دول الخليج".
هل يتصدى "فيفا" لتحويل مشاكل المنتخب المصري للقضاء؟
أكاديمي إماراتي: السيسي أصبح متسولا تحت أقدام حكام الخليج
معاقبة السيسي للأهرام.. نيران الانقلاب لا ترحم المؤيدين