سجلت العملة الصينية، أمس، أدنى مستوى لها مقابل الدولار الأمريكي، حيث حقق "اليوان" لأول مرة منذ شهر آب/ أغسطس الماضي مستوى 6.7 مقابل الدولار.
وتأتي تلك التطورات في وقت تتزايد فيه نذر الحرب التجارية بين بكين وواشنطن، حيث يستعد أكبر اقتصادين في العالم للبدء في تنفيذ تعريفات تجارية انتقامية، ومن المقرر أن تفرض إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رسوما بنسبة 25 في المئة على 800 فئة من المنتجات الصينية تقدر قيمتها بـ 34 مليار دولار، الجمعة المقبل، كما ستفرض حكومة الرئيس الصيني ضريبة بنسبة 25 في المئة على سلع أمريكية بالقيمة ذاتها في اليوم ذاته.
اقرأ أيضا: الذهب يصعد مستفيداً من خسائر الدولار وحدة التوترات التجارية
ولا شك أن انخفاض اليوان في ظل تلك الظروف يعقد بعض جوانب المشهد الاقتصادي بالنسبة للسلطات الصينية، حيث إن الدولار يتحول بالنسبة لعديد من المستثمرين مع ارتفاع أسعار الصرف وزيادة أسعار الفائدة الأمريكية إلى ملاذ آمن، بما يعنيه ذلك من انسحاب رؤوس الأموال الدولية من الصين في اتجاه الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن خسائر اليوان بلغت الشهر الماضي 3.25 في المئة، ما استدعى إلى الذاكرة أحداث تموز / أغسطس عام 2015، عندما سمح البنك المركزي الصيني بشكل غير متوقع بأن تضعف العملة بنحو 3 في المئة مقابل الدولار الأمريكي، ما أدى في حينها إلى خروج كميات ضخمة من رؤوس الأموال الدولية من الصين.
لكن بخلاف عام 2015 فإنه لا توجد مخاوف كبيرة من هبوط حاد في الاقتصاد الصيني، وهو ما يعني أن الانخفاض الراهن يعبر عن قوى السوق أكثر من تدخلات إدارية من قبل السلطات المالية الصينية.
اقرأ أيضا: أوروبا تعلن تطبيق رسوم على منتجات أمريكية.. وترامب يهدد
ومع هذا تتباين تحليلات الخبراء الاقتصاديين بشأن إمكانية استخدام الصين لانخفاض قيمة عملتها كوسيلة من وسائل الحرب التجارية الراهنة مع الولايات المتحدة.
ووفقاً لصحيفة "الاقتصادية"، يعتقد الخبير المصرفي، جورج ديفيد، أن المشكلة لا تكمن في اليوان المنخفض وإنما تكمن أكثر في ارتفاع قيمة الدولار.
وأضاف: ما نشهده حاليا هو خروج الاستثمارات الدولية من الصين ومن الاقتصادات الآسيوية الناشئة، ومن ثم فإن المشكلة تكمن في الجاذبية المفرطة والناجمة بالأساس من ارتفاع الدولار، أكثر من المخاوف التي تحدث نتيجة تراجع العملات الآسيوية ومن بينها اليوان. ولهذا نلاحظ أن البنك المركزي الصيني لم يتخذ أي إجراء تجاه وضع اليوان، لإدراك بكين أن المشكلة لا تكمن في عملتها وإنما في الدولار الأمريكي".
ويؤكد أن الأمر يتطلب بعض التريث لمعرفة كيفية تفاعل الأسواق مع الزيادة المرتقبة على الرسوم الجمركية بين واشنطن وبكين، إذ سيحدد رد فعل السوق كثيرا من المسارات المرتقبة بالنسبة لليوان وللدولار أيضا.
اقرأ ايضا: "أوبك" تتصدر المستفيدين من رسوم الصين على النفط الأميركي
على الجانب الآخر يعتقد المدير التنفيذي لشركة إل. دي للاستثمار، راسال إيرك، أن انخفاض قيمة اليوان يصب في مصلحة الاقتصاد الصيني، ولا يستبعد أن تلجأ السلطات المالية في بكين إلى إغماض الطرف عن هذا التراجع مع تصاعد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.
وأوضح أن أحد أبرز الصعوبات التي تواجه الصين حاليا نتيجة انخفاض قيمة اليوان، تتمثل في انسحاب رؤوس الأموال الأجنبية، لكن في المقابل تحقق الصادرات الصينية مزيدا من النجاحات في الأسواق العالمية، نتيجة انخفاض أسعارها مقارنة بالسلع الأمريكية مقيمة بالدولار، كما أن السلع الصينية في الأسواق الأمريكية ستظل أكثر جاذبية للمستهلك مقارنة بالأمريكية، على الرغم من رفع الرسوم الجمركية عليها بنسبة 25 في المئة نتيجة التراجع النسبي في سعر صرف العملة الصينية.
مع هذا فإن أغلب التقديرات تشير إلى أنه لا توجد مصلحة حقيقية للصين في أن تتراجع عملتها بشكل كبير، إذ سيؤدي ذلك إلى إيجاد مؤشرات سلبية حول وضع الاقتصاد الصيني، كما سيؤدي إلى زيادة حدة التوتر مع الإدارة الأمريكية، حيث سيضحى الانخفاض مؤشرا على استعداد السلطات المالية في بكين إلى إحداث نقلة نوعية في طبيعة الحرب الدائرة مع الولايات المتحدة، ونقلها من مسار الحرب التجارية إلى حرب عملات وهو ما يجعل المشهد الاقتصادي أكثر تعقيدا وخطورة.
تضارب مصالح السبعة الكبار يعصف بأسواق الأسهم العالمية
النفط يهبط مع تراجع الطلب الصيني وزيادة الإنتاج الأمريكي
هل تدفع رسوم أوروبا الانتقامية إلى تراجع ترامب؟