تثير مطالبة صندوق النقد الدولي من لبنان، بالإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة، تساؤلا عن مدى علاقة الصندوق في التدخل بالسياسات الداخلية للدول النامية، ومن بينها لبنان.
ومازالت جهود تشكيل الحكومة اللبنانية، متعثرة، ويواجه الرئيس المكلف سعد الدين الحريري، عوائق عدة قد تبعد من إمكانية تشكيلها في الوقت القريب.
ويعاني لبنان من أزمات اقتصادية، قد تتحول لأزمة مستفحلة. ونقلت وكالة بلومبيرغ الأمريكية عن صندوق النقد الدولي قوله، إن الاقتصاد اللبناني يتجه في مسار لا يمكن تحمله. وربطت بين القرارات السياسية المعلقة اقتصاديا وماليا وبين مسار الأزمة، في إشارة إلى التأخر بتشكيل الحكومة حتى اللحظة.
اقرأ أيضا: مصرف لبنان المركزي يتوقع نمو اقتصاد بلاده 2% في 2018
وفي هذا الصدد قال المختص في الاقتصاد السياسي زياد ناصر الدين، إن الصندوق الدولي لديه أجندات خفية، ويؤثر تأثيرا سلبيا على الاقتصاد في الدول النامية، ومنها لبنان، ناهيك عن أن تمويله بشكل أساسي يعتمد على الولايات المتحدة التي تكن العداء لقسم كبير من اللبنانيين.
وأوضح ناصر الدين في حديثه لـ"عربي21"، إن مسار "النقد الدولي" لم يساهم في التنمية الاقتصادية، ويساعد على ترويج السياسات المالية غير المنتجة التي تشجع على الريع والسمسرة والأرباح السريعة والضرائب العشوائية التي تخدم فوائد الدين العام. كما أنه يشجع على الاستدانة، وعلى الاستيراد على حساب التصدير وجعل السوق اللبناني مستهلكا دون انتاج.
وأضاف، أن مقارنة نتائج تجربة صندوق النقد الدولي، تظهر أن هناك مؤشرات سلبية تساهم في زيادة البطالة وارتفاع نسب التضخم وزيادة العجز في الموازنات والفقر، بنسب غير مسبوقة.
ولفت ناصر الدين، إلى أن التجربة في الأردن ومصر وليبيا واليمن والبرازيل والقارة الافريقية، تبرهن على فشل سياسات صندوق النقد الذي يعرف بـ"صندوق الجحيم".
وحول علاقة تشكيل الحكومة بصندوق النقد الدولي، قال المختص، إن الصندوق كان له رأي أساسي في اختيار الفريق المالي بأغلب الحكومات اللبنانية السابقة، لضمان تنفيذ سياسته، لافتا إلى عدم ارتياح النقد الدولي لنتائج الانتخابات النيابية الأخيرة.
اقرأ أيضا: تحديات اقتصادية خانقة تواجه لبنان.. متى يتحرك لمواجهتها؟
وأضاف ناصر الدين، أن أزمة الديون في لبنان أثرت بشكل كبير على الاقتصاد، في ظل اعتمادها على سياسات مالية لا اقتصادية إنتاجية، وبذات الوقت فإن صندوق النقد الدولي يتماهى مع هذه السياسة، ولم يطرح أي "علاج صحي للملف الاقتصادي"، مشيرا إلى أن "الهدر والفساد بسبب ذلك زاد بشكل غير مسبوق في السنوات العشر الأخيرة".
وحول توقيت مطالبات النقد الدولي للبنان، قال، "إن هناك علامة استفهام من هذه المطالبات، قد يكون هدفها تشجيعه على الاستدانة مجددا، خاصة بعد اكتشاف النفط والغاز، مع العلم أن السياسات المالية للحكومات المتعاقبة نتج عنها حتى الآن 82 مليار دولار من الدين، وعجز في الموازنة وصل إلى 4.8 مليار دولار، وبطالة فاقت نسبة الـ 35 بالمئة، وهدر 2.1 مليار دولار في ملف الكهرباء".
ورأى ناصر الدين، أن النقد الدولي يعلن ظاهريا عن دعمه للبنان، فيما يعد في الباطن مخطط للسيطرة على النفط في الأعوام المقبلة، وإغراء البلاد بالاستدانة بالتزامن مع دعاية كبيرة عن حاجة لبنان لهذه الاموال من أجل إنقاذه.
من جهته أوضح المختص في الاقتصاد السياسي، وليد صافي، أن النقد الدولي، لديه بعض المطالب و "الوصفات" بخصوص الاقتصاد اللبناني، إلا أن مصرف لبنان يتحفظ على بعضها، مشيرا إلى أن السياسة النقدية التي سار عليها المصرف أثبتت جدواها ماليا.
وذكر في حديثه لـ"عربي21"، أن المصرف على سبيل المثال لا يستطيع تطبيق مطلب الخصخصة وسياسة الأسواق المفتوحة، ولا يمكن أن يسير في مثل هذه الوصفات كما يصر "النقد الدولي".
اقرأ أيضا: لماذا يحارب صندوق النقد الدعم بمصر ويرحب بالقروض؟!
وختم صافي بالإشارة إلى أن مطالب "النقد الدولي" ليست اقتصادية بحتة، مضيفا أن سياسات الصندوق التي يفرضها على دول العالم الثالث، لم تكن ناجحة، ولم تكن ذات جدوى إنتاجية، بل ساهمت في تعزيز الديون وإغراقها بشكل كبير.
هل تنافس الصين الولايات المتحدة في الشرق الأوسط؟
ما حظوظ المبادرة الصينية للتسوية بعد ترحيب السلطة بها؟
هكذا سيستفيد نظام الأسد سياسيا واقتصاديا من معبر نصيب