فجّر الحوار الذي أدلى به الرئيس التونسي لقناة تونسية خاصة، موجة جدل بين الأوساط السياسية ليس فقط لأجل مضمونه، بل بسبب الكواليس التي رافقت الإعداد له بشكل مفاجئ ومن دون علم أقرب مستشاريه بحسب ما أكدته مصادر مطلعة لـ"عربي21".
وأدلى السبسي مساء الأحد، بحوار لقناة "نسمة" الخاصة وهي قناة تبث بشكل غير قانوني، وملك لقيادي سابق في نداء تونس موال لنجل الرئيس، وتتعلق به عدة قضايا فساد وأحد أبرز القائمين على حملة الرئيس وحزبه خلال الانتخابات الرئاسية والتشريعية الماضية.
وشن الرئيس خلال الحوار هجوما لاذعا على رئيس الحكومة يوسف الشاهد محملا إياه مسؤولية الإخفاقات الاقتصادية والسياسية والأمنية، مطالبا إياه بتقديم استقالته أو التوجه نحو البرلمان.
واتهمت عدة وجوه إعلامية وسياسية قناة "نسمة"، بالتلاعب بمضمون ما جاء في حوار الرئيس من خلال عملية المونتاج لخدمة أجندته السياسية بهدف كسب معركة نجل الرئيس وعائلته ضد خصمهم اللدود يوسف الشاهد.
وفي هذا الصدد أكدت الإعلامية والمحللة السياسية بإذاعة "موزاييك" دليلة مصدق لـ"عربي21" أن الرئيس فقد سيطرته على الوضع العام في حزبه وفي البلاد.
وتابعت: "الرئيس بات مخطوفا ومحاصرا من نجله وعائلته ومنقادا لرغبات ابنه دون التفكير في المصلحة العامة للبلاد".
وأوضحت في السياق ذاته أن حوار الرئيس "دبر بليل" من قبل عائلته ومالك القناة الخاصة، بهدف ضرب رئيس الحكومة من خلال التأثير على الرئيس، بحضور عائلته خلال الحوار الذي تم في منزله، ودفعه بقوة نحو مهاجمة الشاهد وتحميله مسؤولية الوضع العام.
وكانت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري قد أصدرت بيانا في 2 تموز/ يوليو الجاري أكدت خلاله على عدم امتثال القناة الخاصة "نسمة" للإجراءات القانونية المعمول بها للمؤسسات الإعلامية على مستوى الشفافية المالية والإجرائية للظفر برخصة البث.
وأعلنت الهيئة إيقافها رسميا، بسبب عدم احترامها كراس الشروط المتعلق بالحصول على إجازة إحداث واستغلال قناة تلفزية خاصة.
وأعرب رئيس الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري النوري اللجمي في حديثه لـ "عربي21" عن استغرابه من قبول رئيس الجمهورية الضامن للقانون والدستور الظهور في قناة تشوبها عدة إخلالات قانونية وممنوعة من البث.
وتابع :" تمنيت لو أن الرئيس أدلى بحواره للقناة الحكومية بدلا من قناة نسمة ".
وكانت إذاعة "موزاييك" الخاصة قد تراجعت في آخر لحظة عن البث المشترك لحوار الرئيس الذي أجرته رفقة قناة نسمة وأعادت ذلك "لعدم تمكنها من الحصول على النسخة الأصلية للحوار حسب ما تقتضيه قواعد وأخلاقيات العمل الصحفي". في بيان مكتوب.
وكشف النائب في البرلمان عن كتلة الحرة الصحبي بن فرج في تدوينة له عن تعرض الرئيس لضغوطات من أجل الإدلاء بحوار حصري لقناة نسمة.
واستنكر قبول رئاسة الجمهورية ظهور الرئيس في "قناة خارجة عن القانون ومتحدية للهيئة الدستورية الأولى المؤتمنة على قطاع الإعلام بصريح نص الدستور".
بدوره أعرب الحزب الجمهوري المعارض عن استغرابه من قبول رئيس الدولة الظهور عبر قناة "عرفت بعدم حياديتها وانتهاكها لأصول العمل الإعلامي وتموقعها كطرف في الصراع الدائر حول السلطة وداخلها." بحسب بيان عبر صفحتها الرسمية.
وشددت على أن مضمون الحوار جاء "ليؤكد عمق الأزمة التي تمر بها البلاد و تفكك منظومة الحكم وفقدان رئيس الجمهورية السيطرة على الوضع".
وانتقد الحزب اصطفاف رئيس الجمهورية وراء حزبه "والخروج عن الحياد المفروض عليه عرفا ودستورا وتهربه من تحمل حصيلة أربع سنوات من الفشل لمنظومة الحكم."
مقابل ذلك، نفت قناة نسمة في بيان لها الاتهامات الموجهة لها بخصوص إدخال تحويرات على حوار الرئيس وأكدت في بيان لها أن رئيس الجمهورية اطلع عشية أمس الأحد على النسخة النهائية من الحوار الذي بثته القناة.
وشددت على أن الرئيس هو من طلب إجراء حوار صحفي مع القناة.
ودشن نشطاء هاشتاج "ولد في دارك" احتجاجا على دفاع الرئيس عن مصالح نجله وعائلته على حساب مصلحة الوطن.
وانتقد الناشط والعضو في حزب حراك تونس الإرادة سعيد عطية تغول عائلة الرئيس قائلا في تدوينة مطولة: "في وضع شبيه بآخر أيام بورقيبة سنة 1987 عائلة السبسي تعبث بالوطن وسط لا مبالاة من أبنائه".
وتابع: "بالمختصر نحن الآن لسنا في وضع دولة بل في وضع مزرعة يتصارع داخلها الأبناء على نصيبهم من الميراث والأب حي يرزق".
وهاجمت المدونة فاطمة الرياحي سلوك رئيس الجمهورية تجاه ابنه داعية إياه بشكل ساخر إلى إرساله خارج حدود الوطن.
فيما اعتبر الأكاديمي عادل اللطيفي أن حوار الرئيس بعث برسالة طمأنة لابنه وليس للتونسيين.
رئيس تونس يدعو رئيس الوزراء للاستقالة.. لماذا؟
برلمانية تونسية تفتح النار على السبسي بعد هجوم جندوبة (شاهد)
ما سر استقالة رئيس الهيئة العليا للانتخابات في تونس؟