تحدثت صحيفة
إسرائيلية عن الأمور التي يحتاجها الأمين العام لحزب
الله،
حسن نصر الله، من أجل ضمان بقائه، في حين ارتبط مصير مليون لاجئ سوري
بالمفاوضات الائتلافية على تشكيل الحكومة
اللبنانية القادمة.
وأوضحت
صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في تقرير أعده محللها للشؤون العربية، تسفي
برئيل، أن أكثر من مليون لاجئ سوري في لبنان ينتظرون العودة لديارهم، عاد عشرات
الآلاف، والباقون عالقون؛ بسبب صراعات القوى السياسية اللبنانية".
ولفتت
إلى أن "الوضع الصعب للاجئين لا يهم كثيرا الحكومة المؤقتة في لبنان"،
موضحة أن "مصير اللاجئين متعلق بمسألة رئيسية وهي؛ هل الحكومة اللبنانية
ستجري مفاوضات مباشرة مع نظام بشار الأسد حول عودة اللاجئين، كما يريد حزب الله
والرئيس ميشيل عود، أم أن عودتهم ستتم تحت مظلة الأمم المتحدة، كما يطلب رئيس
الحكومة سعد
الحريري ومؤيدوه؟".
وأشارت
الصحيفة إلى أن "الاحتمال الأول؛ وهو المدعوم من إيران وقطر، سيمنح الأسد
اعترافا لبنانيا بشرعيته، وبذلك ستكسر المقاطعة التي فرضتها عليه الدول العربية
عندما طردوا سوريا من جامعة الدول العربية".
وبحسب
مقاربة الحريري المؤيد من السعودية والولايات المتحدة، "يجب الانتظار حتى
نهاية الأزمة السورية، وتشكيل نظام متفق عليه قبل أن يمنح لبنان الأهلية السياسية
لنظام الأسد"، وفق الصحيفة التي أكدت أن "تشدد الطرفين المتخاصمين يحول
لبنان إلى صاحب دور سياسي هام".
وقدرت
"هآرتس" أن "المناطق الواسعة التي نجح الأسد في استعادتها تمكن من
عودة جماعية للاجئين"، معتبرة أن الأمر "غير المنطقي أن مصيرهم مرهون
بتعقيدات الاعتبارات السياسية التي تتضمن الخلاف حول عدد الوزراء ودور كل واحدة من
القوى السياسية في لبنان".
وبينت
أن هناك العديد من الخطوات التحضيرية لعودة اللاجئين، التي قام بها حزب الله ووزير
الخارجية جبران باسيل، رئيس الحزب المسيحي الأكبر الذي أقامه الرئيس عون، الذي
يجري مفاوضات مباشرة مع سوريا بوساطة رئيس المخابرات اللبناني، لكن الأمر يبقى
متعلقا بالمعابر الحدودية التي تسيطر عليها الحكومة اللبنانية، والتي بيديها قرار
السماح للاجئين بالعودة".
وزعمت
الصحيفة أن من "مصلحة كل الأطراف التخلص من اللاجئين الذين يتسببون بعبء مالي
وإداري كبير على الحكومة اللبنانية"، مؤكدة أن "اللاجئين السوريين في
لبنان تحولوا إلى رهائن للنضال السياسي".
ولفتت
إلى أن "حزب الله وبغض النظر عن موقف من اللاجئين السوريين، يحاول أن يطرح
نفسه كجهة محايدة في الخلاف على تشكيل الحكومة، علما أن الحسابات السياسية التي
تنبع من نتائج الانتخابات تمنحه في كل الأحوال ثلاثة وزراء على الأقل".
ونوهت
الصحيفة بأن "الهدف الأكثر أهمية لحزب الله كي يصبح "الكتلة
المانعة" أن يحقق لنفسه تحالفا يتكون من ثلث أعضاء الحكومة زائد واحد، وهو ما
يمنحه القدرة على إحباط كل قرار، وتحييد قدرة الحكومة على الأداء؛ لأن أي قرار
أساسي يحتاج إلى مصادقة ثلثي أعضاء الحكومة".
وتحدثت
الصحيفة حول الحسابات السياسية المختلفة للأحزاب اللبنانية، وكيف يسعى حزب الله أن
تكون في يديه "قوة كافية من أجل إملاء سياسة الحكومة القادمة"، منوهة
بأن الموقف "موقف اللامبالي ظاهريا" لحزب الله حيال حقائب الحكومة
توزيعها بين الأحزاب.
وقالت
بلغة ساخرة من موقف حزب الله: "فجأة حسن نصر الله الذي لم ينته سياسيا، يقف
كمخلص للتوازن الوطني، لا توجد له مصالح طائفية أو تنظيمية، طاهر ونقي لم يتلطخ
بالوحل السياسي"، موضحة أن "نصرالله يدير مقابل ذلك محادثات ومشاورات مع
خصومه السياسيين، منهم الحريري الذي يدرك أنه بحاجة إلى تأييد نصر الله إذا كان
يريد أن يستكمل تشكيل الحكومة قريبا".
لكن
السؤال: "ما هو الثمن الذي يتوجب عليه دفعه لحزب الله مقابل ذلك؟"، وفق
الصحيفة التي أضافت: "في الوقت ذاته لا يدور الحديث عن علاقة تبعية أحادية
الاتجاه بين الحريري ونصر الله، حيث إن نصر الله يفضل الحريري على مرشحين آخرين".
ولما
كان حزب الله يجيد التعامل مع الساحة اللبنانية من أجل الحفاظ على قوته، فإن
الساحة السورية التي عملت فيها إيران وحزب الله في السنوات الأربع الأولى للحرب
للمساعدة على الحافظ على نظام الأسد، هي الآن التي "تلقي بحزب الله في وضع
عدم اليقين"، وفق "هآرتس" التي أكدت أن "التدخل الروسي في
سوريا نهاية 2015 ابتلع كل أوراق الإيرانية".
وأكدت
أن "السعي إلى تشكيل جبهة ضد إسرائيل في جنوب غرب هضبة الجولان تم إحباطه من
قبل إسرائيل بمساعدة روسيا"، مشددة على أن وضع حزب الله في سوريا "تجبره
على البدء في سحب قواته...، والتصرف بحذر زائد لضمان بقائه".
وفي
ظروف كهذه، ذكرت الصحيفة العبرية أنه "يجب على حزب الله المناورة بين خصومه
السياسيين، وأن يهتم بتشكيل حكومة لصالحه، مع التأكد أنه سيواصل أن يكون ذخرا
استراتيجيا لإيران"، مؤكدا أن "الحرب ضد إسرائيل ليست هي العملية التي
ستساعده على ذلك، وهو الأمر الأخير الذي يحتاجه نصر الله".