علقت الرياض مرور شحنات النفط عبر مضيق باب المندب، بعد مهاجمة جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران ناقلتي نفط سعوديتين، الأربعاء الماضي، الأمر الذي أثار تساؤلات حول تداعيات هذا التصعيد على مصر، خاصة حرية الملاحة في قناة السويس، وما إذا كانت الرياض ستطالب القاهرة بالتدخل عسكريا في الصراع اليمني.
وأعلن وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، تعليق جميع شحنات النفط الخام عبر باب المندب بشكل فوري، إلى أن تصبح الملاحة خلاله آمنة، مشددا على أن التهديدات الحوثية تؤثر على حرية التجارة العالمية والملاحة البحرية بالمضيق والبحر الأحمر.
وتمر نحو 98% من السفن التي تدخل قناة السويس عبر مضيق باب المندب أولا، كما يمر به نحو 25 ألف سفينة سنويا، أي ما يمثل 12% من حركة التجارة العالمية.
"ابتزاز سعودي"
وحذر خبراء من أن هذا الهجوم قد يدفع دولا كبرى، في مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا، للانخراط بشكل أكثر مباشرة في النزاع المستمر في اليمن منذ سنوات، حيث قال الخبير في شؤون الشرق الأوسط جيمس دورسي، لوكالة "رويترز"، إن تعليق شحنات النفط يوفر للسعودية والإمارات فرصة لدفع المجتمع الدولي نحو التركيز على إيجاد حل للحرب في اليمن.
وفي هذا السياق، اتهم رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام الصحفية السابق، أحمد السيد النجار، السعودية بابتزاز مصر، والضغط عليها اقتصاديا، بعد قرار المملكة بتعليق جميع شحناتها النفطية التي تمر عبر مضيق باب المندب، وما يترتب عليه من إيقاف عبور الناقلات، والإضرار بقناة السويس".
وتساءل النجار، في تدوينة عبر "فيسبوك"، الجمعة: "هل ضرب الحوثيون ناقلة نفط تابعة لمملكة عائلة سعود؟ مع إشارتها إلى أن الأضرار لا تُذكر، هل يستدعي وقف عبور ناقلاتها النفطية في البحر الأحمر وبالتالي في قناة السويس ما يمثل ضررا ماليا فادحا لإيرادات القناة، خاصة لو سارت الدول الخليجية التابعة للملكة على نفس الدرب؟
وتابع: "وللعلم، فإن التاريخ القريب يشير إلى أن الناقلات النفطية السعودية ظلت تعمل في الخليج في وضع مأساوي لا يقارن إطلاقا بمستوى الأمان الأعلى كثيرا في البحر الأحمر الآن، وذلك أثناء الحرب العراقية الإيرانية (1980 - 1988) التي شهدت إغراق عشرات الناقلات فيما سمي بحرب الناقلات بين العراق وإيران.
وأضاف: "أن الإجراء السعودي غير المبرر سيضر كثيرا بقناة السويس، التي تمثل الناقلات النفطية ربع عدد السفن التي تعبر القناة سنويا، متسائلا: هل تضغط مملكة عائلة سعود على مصر لتوريطها أكثر في حربها المتعثرة في اليمن؟ وهل يجوز استخدام الضغوط الابتزازية بين الحلفاء؟".
حادث عابر؟!
من جانبه، قال الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، إن معدلات حركة الملاحة بقناة السويس تسير بصورتها الطبيعية، ولم تتأثر بتعرض ناقلة نفط سعودية لهجمات في مضيق باب المندب، واصفا الحادث بأنه "عابر" سبق أن حدث أكثر من مرة، ولم يؤثر على الحركة الملاحية للقناة.
وأكد مميش في تصريحات صحفية، الجمعة، على هامش احتفالات قناة السويس بمرور 62 عاما على ذكرى تأميمها، أن إدارة القناة تتابع الموقف على الصعيد العسكري والبحري بدقة، مشيرا إلى أنه تم اتخاذ كافة الإجراءات التأمينية اللازمة لسلامة الملاحة بمجري القناة.
حذر من التورط في الحرب
وتعليقا على هذه التطورات، قال نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور مختار حبشي، إن مضيق باب المندب يشهد تطورا خطيرا ونوعيا قد يقلب موازين الصراع في اليمن.
وأضاف حبشي، في تصريحات لـ"عربي21"، أن التحالف العربي الذي تقوده السعودية فوجئ بامتلاك جماعة الحوثي مثل هذه الأسلحة المتقدمة التي مكنتها من إصابة ناقلة النفط السعودية وقصف مطار أبوظبي بطائرة دون طيار.
وتوقع أن يؤدي هذا التطور الخطير وتهديد الملاحة في البحر الأحمر إلى أحد احتمالين، إما أن تنجح الحلول السلمية والمفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، وإما أن يتطور الصراع بشكل أكبر ويخرج عن السيطرة.
وحول التحليلات بأن السعودية تستغل هذا الحادث في توريط دول أخرى في الصراع باليمن حتى تتصول إلى حل للورطة التي تعاني منها، قال مختار حبشي إنه لا يمكن الإقرار بأن السعودية تعمدت ذلك، فالمملكة ترتبط بمصالح أمريكية وغربية قوية، تجعل تلك الدول تتدخل إذا شعرت بتهديد لمصالحها في المنطقة، سواء دعتها السعودية لذلك أم لا.
أما عن الدور الذي يمكن أن تلعبه مصر في الصراع حول باب المندب في الفترة المقبلة، فأكد أن مصر موجودة في منطقة مضيق باب المندب منذ عقود طويلة، كما أن مصر عززت من وجودها هناك في العامين الأخيرين بحكم مشاركة القاهرة في التحالف العربي.
وتوقع حبشي أن تحاول القاهرة تأمين باب المندب، الذي يمثل شريان حياة استراتيجي لقناة السويس، لكن مصر ستواصل تعاملها الحذر مع هذا الصراع، دون أن تتورط في الحرب بشكل مباشر.
ابن سلمان والحوثيون.. من "الاجتثاث" إلى البحث عن مخرج
معاناة المصريين مع الحج مستمرة بسبب الرسوم والاحتكار
هل ينجح تحالف الزمالك وآل الشيخ في القضاء على الأهلي؟