يشعر الدروز في إسرائيل بخيبة أمل كبيرة على خلفية إقرار "قانون القومية" الذي بدوره يحول إسرائيل إلى كيان عنصري بحت، وينسف كل جسور المساواة التي كانت تنشدها الطائفة الدرزية في إسرائيل وقدمت من أجلها الكثير من "التضحيات"، بحسب محللين.
ويتصاعد احتجاج الدروز على القانون المثير للجدل، حيث قدم عدد من الضباط استقالتهم من الجيش، فيما يهدد مئات آخرون بالانسحاب من الخدمة، ما دفع رئيس هيئة الأركان العامة للجيش غادي أيزنكوت لمحاولة تطويق الأزمة، بدعوة قادة الجيش وجنوده إلى إبقاء المسائل السياسية الخلافية خارج المؤسسة العسكرية، مجددا الالتزام بالحفاظ على كرامة الإنسان بمعزل عن العرق والدين.
وفي آخر تحرك لها، تنظم الطائفة الدرزية مظاهرة في "تل أبيب"، السبت المقبل يتوقع أن يشارك فيها كل من رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، غابي أشكنازي، ورئيس الموساد السابق، تمير باردو، ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) السابق، يوفال ديسكين، وفقا للقناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي.
ورغم دعوات شيوخ في الطائفة لعدم إدخال النقاش والاحتجاج على "قانون القومية" إلى صفوف الجيش، إلا أن هذه الدعوات لم تلقَ آذانا صاغية، إذ أعلن ثلاثة ضباط دروز حتى الآن، يخدمون في وحدات قتالية، عن استقالتهم من الجيش. والسؤال الذي يطرح نفسه: ما مدى تأثير الاحتجاجات الدرزية؟ وهل ستدفع حكومة نتنياهو للتراجع عن القانون المثير؟
"حلف دم"
الخبير في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي قال إن إقرار قانون القومية يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن إسرائيل لا تفي بوعودها لأحد وإن قدم كل التضحيات من أجلها، مشيرا إلى أن الدروز ربطو "حلف دم" مع إسرائيل من خلال ما قدموه من تضحيات لإسرائيل منذ ما قبل "قيام الدولة"، على أمل أن يحصلوا على امتيازات المواطنة.
وأضاف مجلي لـ"عربي21": "الدروز هم المكون الوحيد غير اليهودي داخل إسرائيل ممن فرض عليهم التجنيد الإجباري على أمل أن يحصلوا على المساواة أسوة باليهود، والإيمان العقائدي لديهم مبني على ضرورة إخلاصهم وانتمائهم للدولة التي يعيشون فيها، ولكن في الحقيقة هم لم يحصلوا على أي شيء بل كان وضعهم من أسوأ أوضاع الشرائح داخل المجتمع الإسرائيلي".
اقرأ أيضا: تصاعد الرفض الإسرائيلي الداخلي لـ"قانون القومية" العنصري
ومتحدثا عن تأثير احتجاج الدروز قال: "المناخ المعارض للقانون في إسرائيل يتسع، ويتضح من استطلاعات أن أكثر من 50% يرفضونه، والمعارضة الآن تشارك في الاحتجاج وتدعو إلى توسيعه، الأمر الذي يدفع بالموقف الدرزي إلى الواجهة في صدارة الاحتجاج رغم أنهم شريحة قليلة العدد في المجتمع الإسرائيلي".
وبالرغم من اتساع حجم المعارضة للقانون والضغط باتجاه إلغائه؛ استبعد الخبير أن يستجيب نتنياهو للضغوط، متوقعا أن يلتف عليها باللجوء إلى بدائل أخرى في شكل قانون جديد، يؤيد المساواة ويعطي حقوقا شكلية للدروز وغيرهم من البدو والعرب.
ضرب في مقتل
ومتفقا مع مجلي؛ توقع الكاتب والخبير في الشأن الإسرائيلي أليف صباع أن يلتف نتنياهو عل الاحتجاجات المعارضة للقانون، بإصدار قانون هزيل جديد يعطي تطمينات حول المساواة داخل إسرائيل، مستبعدا أن يتم إلغاء القانون، أو تعديله بحيث يتم إفراغه من مضمونه العنصري.
وقال صباغ لـ"عربي21" معلقا على الاحتجاجات، إن الدروز ضربوا في مقتل بفعل قانون القومية، وشعروا بخذلان عميق لأنهم قدموا الكثير من التضحيات من أجل إسرائيل، وكانون يبنون آمالا كبيرة عليها "فعلى قدر الأمل يكون الوجع".
وتابع: "صحيح أن الدروز لا يمثلون 1% في إسرائيل إلا أنهم يستمدون قوتهم من حضورهم القوي في الجيش، حيث يشغلون العديد من المواقع المهمة والحساسة، وقدموا الكثير من التضحيات للدفاع عن إسرائيل، وربما تخطى قتلاهم من الجنود الألف قتيل، وهم يتميزون بأنهم موحدون خلف قيادتهم الدينية، ويعتبرون أنفسهم شركاء في دولة إسرائيل وليس لديهم طموح أن يكونوا في دولة أخرى".
الدروز في إسرائيل
ويبلغ عدد أبناء الطائفة الدرزية في إسرائيل حاليا نحو 134 ألف شخص، 1.7% من مجموع سكان إسرائيل و 8.0% من السكان العرب.
اقرأ أيضا: بوبليكو: كيف أصبحت إسرائيل فضاء ضيقا لحرية التعبير؟
وعلى الرغم من عدم إلزام العرب في إسرائيل بالتجنيد، يلزم الدروز بالتجنيد، وهم معروفون بنسب التجنيد العالية في الجيش، ويخدمون أيضًا في وحدات قتاليّة.. كـ"كتيبة السيف" وهي كتيبة من سلاح المشاة الإسرائيلي وجميع مقاتليها من الدروز، حسب موقع المصدر الإسرائيلي.
وتعد دالية الكرمل ويركا، أكبر البلدات الدرزية في إسرائيل، و يعيش في كلّ منها نحو 15 ألف درزي. وفي المجموع هناك 15 بلدة درزية في إسرائيل، بالإضافة إلى ثلاث بلدات عربية مختلطة تعيش فيها الطائفة الدرزية أيضًا.
نتنياهو يعرض صفقة على بوتين.. ما دور الرياض وأبو ظبي فيها؟
4 سنوات على حرب 2014.. ماذا تغير لدى المقاومة وإسرائيل؟
مخطط إسرائيلي لإغلاق "الباشورة".. أقدم أسواق القدس