تعيش المملكة
الأردنية وسط
شائعات طالت رأس النظام الملك
عبد الله الثاني، وأسباب سفره الطويل
في الإجازة الخاصة التي قضاها في الولايات المتحدة، وصولا إلى إشاعات حول استقالة
رئيس هيئة الأركان المشتركة الفريق الركن محمود فريحات، بالإضافة إلى أخرى رافقت
ما عرف بـ "قضية تهريب وتزوير
الدخان". وغيرها من الشائعات.
ودفعت هذه الإشاعات
الملك عبد الله الثاني، لترأس جانب من اجتماع مجلس الوزراء، الأحد، كرد على من
تساءل "أين الملك؟"، حيث أفرد الملك مساحة في ترؤسه للاجتماع للحديث عن
الإشاعات واغتيال الشخصية، مبينا "ضرورة التعاون وتكثيف الجهود
لمواجهتها".
وقال: "نريد أن نطور بلدنا، ونعمل بشفافية
ونحارب الفقر والبطالة، والواسطة والفساد، لكن من غير المسموح اغتيال الشخصية،
والفتنة خط أحمر".
بدأت الشائعات
في الانتشار في منتصف تموز/ يوليو الماضي، بعدما كشفت السلطات الأردنية النقاب عن قضية "تهريب وتزوير السجائر"،
ورغم خروج الحكومة والحديث عن تفاصيل القضية، إلا أن الشائعات لم تهدأ عبر شبكات
التواصل الاجتماعي، وتداول أردنيون أخبارا عن امتلاك المتهم الأول الهارب في
القضية لمقاطع فيديو ماجنة لمسؤولين أردنيين.
المشكلة داخلية
المحلل
والكاتب السياسي، لبيب قمحاوي، يعتقد أن سبب الشائعات هو نتيجة حتمية لتقصير
الدولة، بالإضافة إلى أن قنوات التواصل بين الحكم والشعب تكاد تكون مقطوعة، كما أن
مجلس النواب لا يشكل قنوات تواصل للناس بسبب عدم تمثيله للناخبين، كل هذا في وقت
تتعامل الحكومة مع المواطن والمؤسسات بفوقية، وبنفس أمني كاتم على البلاد".
يقول،
لـ"
عربي21"، إن "مشكلة الشائعات في الأردن داخلية وليست خارجية،
فغياب الشفافية يفتح المجال أمام الاجتهاد مما يولد الشائعات، وخير مثال سفر الملك في إجازته الخاصة وهي حق له، لماذا لم يخرج بيان يوضح قبل السفر أن الملك سيسافر في إجازة
خاصة لمدة 43 يوما؟ هذا كان سيغلق باب الشائعات".
شائعات من إسرائيل
جزء من
الإشاعات والأخبار التي تداولها الأردنيون على شبكات التواصل الاجتماعي، مما كان
ينشر الباحث في مركز بيغن سادات الإسرائيلي إيدي كوهين عبر صفحته على موقع تويتر
والفيس بوك، بعد أن أثار شكوكا حول حقيقة قضية الدخان وحول سفر الملك عبد الله
الثاني، وأثار سؤال "أين الملك؟"، الذي أثار نقاشا كبيرا في المملكة، دفع
صحيفة الرأي الرسمية، لوصف من يتداولون هذا السؤال بـ"بديدان الأرض".
وحسب الخبير في
الشأن الإسرائيلي، الصحفي أيمن الحنيطي:"أدت شخصيات غير رسمية في الكيان
الصهيوني دورا كبيرا في نشر الشائعات على المستويين المحلي والعربي، ومن أبرز هذه
الشخصيات الصهيوني رأس الفتنة إيدي كوهين وعبر حسابه على تويتر بالدرجة الأولى، ثم
على صفحته على الفيسبوك. كوهين هذا هو مدير معهد "كيدم" للدراسات
الشرقية والإعلام، ومدير مركز "حكمة " لتعليم اللغة العربية، وهو يعرف
نفسه بإعلامي وأكاديمي في مركز بيغن- السادات".
يقول، الحنيطي،
لـ"
عربي21": "إيدي كوهين حاليا يخلق حالة من البلبلة في صفوف
الشارع العربي عموما بما يغرد به، مستهدفا جميع الدول العربية وأنظمتها بذريعة أنه
حقوقي ويدافع عن حقوق الإنسان العربي، مقارنة بما يتمتع به الإسرائيلي من ديمقراطية
زائفة وحرية كاذبة، جسدها أخيرا قانون القومي،ة أو قانون يهودية الدولة".
ولم تقتصر
الشائعات على كوهين، يبين الحنيطي أن "شخصيات أخرى أدت دورا أيضا: مهدي
مجيد، و ومردخاي كيدار صاحب نظرية "الإمارات الفلسطينية المستقلة" الذين
تخصص لهم قنوات عربية مساحة عبر شاشاتها".
لكن، لماذا صدق
مواطنون أردنيون الشائعات التي تتداولها شخصيات إسرائيلية؟ يرى الحنيطي أن السبب
هو "غياب المعلومة أو عدم توفرها، إلى جانب عدم الاحترافية في التعامل مع
المعلومة إعلاميا".
يقول الحنيطي:
"تفضل بعض الجهات التكتم على كثير من المعلومات دون تجنيدها بالاتجاه الصحيح،
ظنا من هذه الجهات أنه يمكن إخفاء أي معلومة أو نفيها في عصر الثورة الرقمية
المذهلة التي نعيشها، فمثلا ما يحاول الإعلام المحلي والعربي إخفاءه من معلومات، ينشره الإعلام الإسرائيلي وبالطريقة التي تخدم البروباغندا الصهيونية، وهنا تكمن
نقطة ضعف الإعلام عندنا. فعليا نحن لا نمتلك إعلام مواجهة، والمنظومة الإعلامية
عندنا في الأردن -خصوصا الرسمية- بحاجة إلى إعادة هيكلة من جديد، حتى القنوات الجديدة
التي ظهرت مؤخرا لتكون ذراعا إعلاميا، وجدناها في أول اختبار حقيقي، قد أخفقت في
التعامل مع قصة غياب الملك وما رافقها من إشاعات، الأمر الذي يتطلب إجراء إعادة
تقييم فورية وتصحيح المسار".
الحكومة: نتعامل بشفافية
الحكومة
الأردنية بدورها تؤكد تعاملها بشفافية مع قضايا مهمة شغلت الرأي العام، مثل
قضية "تهريب وتزوير الدخان".
تقول وزير
الدولة لشؤون الإعلام الناطق باسم الحكومة، جمانة غنيمات، لـ"عربي21"، إن
"الحل في مواجهة الشائعات بالشفافية
والمعرفة، وحق الناس بمعرفة القضايا الكبيرة، وهذا واجبنا كحكومة".
وتشدد على أن
الحكومة "كانت شفافة في إطلاع المواطن الأردني على قضية "تهريب وتزوير
الدخان" على سبيل المثال، تقول: "من اللحظة الأولى قدمنا كل المعلومات
التي توفرت وكان البيان الصحفي مطولا نشرنا فيه تفاصيل القضية والإجراءات التي تم
اتخاذها، وبعد ذلك استمرينا بمتابعة الملف وأعلنا تشكيل لجنة وزارية لمتابعة الملف،
وبعدها انتقل التوجيه من دولة الرئيس لمدير عام الجمارك لتحويل القضية من قبل مدير
الجمارك إلى مدعي عام أمن الدولة، بالتزامن مع هذه القصة كان هناك الكثير من
الإشاعات قمنا بالرد عليها، لكن بعد نشر التفاصيل خفت الإشاعات كثيرا، الآن القضية
في يد القضاء".
وأكدت
الحكومة الأردنية عزمها إطلاق منصة إعلامية باسم "حقك تعرف"، اعتبارا من
الشهر المقبل للرد على الشائعات والاستفسارات التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي.