نشرت صحيفة "الكونفدنسيال" الإسبانية تدوينة للكاتب أنخيل مارتينيز، الذي حلل فيها الموقف وردة الفعل السعودية إثر نشر وزيرة الخارجية الكندية في الثاني من آب/ أغسطس الجاري تغريدة على موقع التويتر حول اعتقال الناشطة في مجال حقوق المرأة، سمر بدوي.
وبشكل عام، إن دل الموقف السعودي وتحركاته على شيء، فهو يدل على الضعف السياسي الذي تشكو منه المملكة.
وقال الكاتب في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الأزمة السعودية الكندية، بدأت بتغريدة. لكن، يختفي وراء هذا الموقف السعودي والتخوف من انتقاد الوضع في المملكة موجة من الاعتقالات ضد النشطاء النسويين، في الوقت الذي يروج فيه ابن سلمان لصورة جديدة للمملكة. ولا تقف رمزية الموقف السعودي عند هذا الحد، إذ تكشف عن هشاشة وضعف سياسي سعودي.
وبين الكاتب أن الحكومة الكندية التي واظبت تقليديا على الدفاع على حقوق الإنسان، لم تفرض عقوبات على المملكة السعودية أو دعمت أعداءها في اليمن أو سوريا ولم تتهجم على الإسلام أيضا. لكن، كان نشر تغريدة من قبل وزيرة الخارجية الكندية كاف لإحداث أزمة دبلوماسية بين البلدين.
في حقيقة الأمر، تبدو مخاوف كندا مبررة، خاصة وأن المملكة العربية السعودية تقود حملة شرسة ضد النشطاء في الوقت الذي تروج فيه الصحافة الدولية للإصلاحات التي تسعى إلى دعم حقوق المرأة.
وفي إطار سياسة القمع، تم اتهام سبع ناشطات نسوية من بين المجموعة التي تم اعتقالها بجرائم خطيرة على غرار "تهديد أمن المملكة".
وأشار الكاتب إلى أن النظريات التي تفسر ردة الفعل السعودية متعددة. وبحسب المحلل ستيفن كوك، فإن "بعض المحللين يرون أن ردة الفعل السعودي ليست إلا دليلا آخر على السياسة الخارجية المتهورة للمملكة العربية السعودية تحت حكم ولي العهد محمد بن سلمان".
اقرا أيضا : بلومبيرغ: ما سر موقف أمريكا الفاتر من حملة السعودية على كندا؟
وأضاف أن "البعض الآخر يفسر الموقف السعودي على أنه رسالة للسعوديين، تحذرهم فيها من عدم المطالبة بحقوقهم؛ لأن الإصلاحات الوحيدة التي ستشهدها المملكة هي تلك التي أعلن عنها ولي العهد فقط، وستكون هذه الإصلاحات في خطر في حال طالب السعوديون بالمزيد".
ونقل الكاتب أنه في سن الثانية والثلاثين، أصبح ابن سلمان قائدا لرؤية 2030، المشروع الطموح الذي يرغب في القيام بإصلاحات في المملكة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والديني.
وفي إطار هذه الخطة، يسعى ابن سلمان إلى الترويج لصورة جديدة حول المملكة، التي تستعد إلى تخطي مرحلة اقتصادية صعبة.
وفي هذا الوقت الذي أصبح فيه الغرب يحمل صورة سلبية حول المملكة وعلى نحو متزايد، أرادت فيه المملكة العربية السعودية الانفتاح على العالم، وعلى الاستثمارات الخارجية. لكن، غيرت تغريدة المسؤولة البريطانية كل الموازين وكل المعادلات السابقة.
وأوضح الكاتب أن موقف الرياض وقمعها المسلط على الناشطات المدافعات على حقوق صدم حتى أشد مؤيديها.
علاوة على ذلك، لا تعد حملة القمع التي تقودها الرياض جديدة، إذ أنها تعود إلى شهر أيار/ مايو الماضي، وكانت سمر بدوي آخر الناشطات المعتقلات والتي أثارت قضيتها مخاوف الحكومة الكندية.
وأورد الكاتب أن منسق الشرق الأوسط لمؤسسة ألتيرناتيفاس الإسبانية، إيتشايو دومينغيس، يرى أن "حملة القمع في المملكة العربية السعودية جاءت لتذكر الناشطات بعدم تجاوز الحقوق التي منحت لهن؛ حيث أنه تم اعتقال الناشطات اللاتي طالبن بمزيد التقدم ومنح النساء مزيد الحقوق. علاوة على ذلك، يشير الوضع إلى أن ابن سلمان مهووس بالسيطرة بالكامل على الوضع داخل البلاد".
وأضاف الكاتب أن إيقاف أشخاص عبروا بشكل سلمي عن رؤية للمجتمع مختلفة عن رؤية القادة السعوديين تسلط الضوء على الضعف والهشاشة السياسية في المملكة العربية السعودية.
علاوة على ذلك، تمثل ردة فعل المملكة العربية السعودية، في ظل الأزمة التي استقرت مع كندا، دليلا صارخا على الفجوة بين الرسائل التي تنقلها الحكومة لمواطنيها حول مدى جودة الحياة في ظل حكم ولي العهد السعودي، وحقيقية الوضع الذي يعايشه المواطنون في المملكة العربية السعودية.
وفي الختام، نقل الكاتب عن ستيفن كوك أن "المملكة العربية السعودية قامت بسجن الناشطات لأن عدم إسكاتهن أمر يهدد بفضح رواية الحكومة المتفائلة حول المستقبل. كما تدل المواقف السعودية على استعمال مفرط للقوة وضعف سياسي".
بلومبيرغ: سر موقف أمريكا الفاتر من السعودية ضد كندا
واشنطن بوست: السعودية لا يمكنها تحمل مواجهة مع كندا
فايننشال تايمز: هجمة الرياض على كندا تصدم الغرب.. هكذا قرأتها