مع حصار قطر من قبل عدد من الدول العربية في حزيران/ يونيو 2017، وقيام
تركيا بمساعدة قطر عسكريا وسلعيا، زاد غضب دول الحصار تجاه تركيا، خاصة مع موقفها المؤيد لتيار الإسلام السياسي في
مصر، وتعاونها مع إيران، ولهذا ظل السؤال: هل أثر غضب دول الحصار على قيمة
التجارة التركية العربية؟
فقد كانت هناك سبعة أشهر من عام 2017 من بعد الحصار يمكن أن تُظهر هذا التأثر، وبالفعل تراجعت قيمة التجارة التركية مع السعودية في العام الماضي بنسبة 3 في المئة، بسبب انخفاض قيمة الصادرات التركية لها، رغم زيادة واردات تركيا من السعودية.
كانت هناك سبعة أشهر من عام 2017 من بعد الحصار يمكن أن تُظهر هذا التأثر، وبالفعل تراجعت قيمة التجارة التركية مع السعودية في العام الماضي بنسبة 3 في المئة
لكن الأمر كان مختلفا مع باقي دول الحصار، حيث حققت تجارة تركيا مع الإمارات قفزة، حين زادت قيمة صادرات تركيا لها بنسبة 70 في المئة، وواردات تركيا منها بنسبة 50 في المئة ليرتفع حجم التجارة التركية الإماراتية بنسبة 62 في المئة، وعاون على ذلك وجود الكثير من رجال الأعمال الأتراك في الإمارات.
نفس النمو المرتفع حدث بالتجارة التركية البحرينية، بنمو صادرات تركيا لها بنسبة 18 في المئة، ووارداتها منها بنسبة 46 في المئة لتزيد قيمة التجارة بنسبة 29 في المئة.
تراجعت قيمة الصادرات التركية لمصر بنسبة 14 في المئة، وهو النقص المستمر للعام الثالث على التوالي، بسبب الإجراءات التي قامت بها السلطات المصرية مع الكثير من دول العالم لتقليل الواردات
أما مع مصر، فقد تراجعت قيمة الصادرات التركية لمصر بنسبة 14 في المئة، وهو النقص المستمر للعام الثالث على التوالي، بسبب الإجراءات التي قامت بها السلطات المصرية مع الكثير من دول العالم لتقليل الواردات. ولكن مع زيادة الواردات التركية من مصر بنسبة 38 في المئة، فقد زادت قيمة التجارة بين البلدين في العام الماضي بنسبة 4 في المئة.
طفرة بالتجارة مع العرب
ونظرا لزيادة قيمة التجارة التركية مع تسع دول عربية العام الماضي، بخلاف قط، ،هي: الكويت وسلطنة عمان والعراق والمغرب والجزائر ولبنان وسوريا واليمن والصومال، فقد حققت التجارة التركية العربية رقما غير مسبوقا، حين بلغت حوالي 49 مليار دولار، مقابل 40 مليار في العام الأسبق، رغم اإنخفاض التجارة التركية مع الأردن وتونس والسودان وفلسطين في العام الماضي.
وتستورد تركيا الغاز الطبيعي المسال من الجزائر وقطر، لكنها تعتمد في وارداتها الغازية بدرجة أكبر على الغاز الوارد إليها عبر خطوط أنابيب من روسيا وإيران وأذربيجان، كما تستورد النفط من العراق والسعودية، إلى جانب روسيا وإيران ودول أخرى.
ويظل السؤال حول نصيب العرب من التجارة السلعية التركية، والذي بلغ أقل من 13 في المئة العام الماضي، حيث يرتفع النصيب بالصادرات التركية إلى 22 في المئة، وينخفض بوارداتها إلى 6 في المئة فقط، حيث تشير خريطة الدول العشرين الأوائل المتلقية للصادرات التركية العام الماضي لتصدر الدول الغربية، وعلى رأسها ألمانيا وإنجلترا والولايات المتحدة وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا وهولندا.
يظل السؤال حول نصيب العرب من التجارة السلعية التركية، والذي بلغ أقل من 13 في المئة العام الماضي، حيث يرتفع النصيب بالصادرات التركية إلى 22 في المئة، وينخفض بوارداتها إلى 6 في المئة فقط
وهكذا لم تتضمن تلك القائمة سوى الإمارات بالمركز الثالث، لكونها تعتمد على إعادة التصدير لدول الجوار، والعراق في المركز الرابع بسبب الجوار الجغرافي في الشمال، وجودة البضائع التركية مقارنة بالسلع الإيرانية الأقرب جغرافيا، والسعودية في المركز الثامن عشر، ومصر في المركز التاسع عشر، والجزائر في المركز العشرين.
واردات أقل من العرب
أما قائمة العشرين الأوائل بالواردات التركية العام الماضي، فلم تتضمن من الدول العربية سوى الإمارات فقط في المركز الثالث عشر. وهكذا استحوذت الدول الغربية على خريطة الدول العشرين شركاء التجارة مع تركيا، والتي تصدرتها ألمانيا فالصين وروسيا والولايات المتحدة وإيطاليا وإنجلترا، وكان نصيب الدول العربية ثلاث مراكز، هي: الإمارات في المركز السابع، والعراق في المركز الحادي عشر، والسعودية في المركز العشرين.
وتصدر تركيا الملابس والمنسوجات والمواد الغذائية والمصنوعات المعدنية ومعدات النقل، بينما تستورد الآلات والوقود والكيماويات والسلع نصف المصنعة ومعدات النقل.
واللافت للنظر هو تحقيق تركيا فائض تجاريا مع العرب خلال السنوات العشر الأخيرة، رغم أنها تعاني من عجز تجاري مزمن مع دول العالم طوال السبعين عاما الماضية، بل لقد حققت تركيا فائضا تجاريا مع كل الدول العربية الاثنتين والعشرين بلا استثناء، خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
للافت للنظر هو تحقيق تركيا فائض تجاريا مع العرب خلال السنوات العشر الأخيرة، رغم أنها تعاني من عجز تجاري مزمن مع دول العالم
وفي السنوات السبع السابقة على ذلك (ما بين 2008 إلى 2014)، لم تحقق تركيا عجزا تجاريا سوى مع قطر، لأربع سنوات متفرقة، ومع كل من الإمارات والبحرين مرة واحدة، ومع جزر القمر خمس مرات، مع ملاحظة تدني حجم التجارة مع تلك الدولة الصغيرة.
10 سنوات للفائض التركي
وهكذا، حققت تركيا فائضا تجاريا مع الدول العربية العام الماضي، بلغ 20 مليار دولار، كفرق بين صادراتها للعرب البالغة 34 مليار، ووارداتها من العرب، والبالغة 14 مليار ونصف المليار دولار. وخلال السنوات العشر الأخيرة، لم يقل الفائض التركي السنوى مع العرب عن 17 مليار دولار.
وهكذا تستفيد تركيا من فائضها مع الدول العربية في تقليل العجز المزمن بالميزان التجاري، والذي يؤثر سلبا على حسابها الجاري مما يضغط على قيمة الليرة التركية.
وخلال التراجع الأخير لليرة التركية، استفاد بعض المصريين المتعاطفين معها من قائمة السلع التركية في مصر، التي أعدها الداعون لمقاطعة السلع التركية عام 2014، بعد خفض التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، لتذكير الجمهور بالسلع التركية للإقبال عليها.
"إننا رغم عدم تأييدنا لتصرفات الرئيس أردوغان إلا، أن جودة السلع التركية تدفعنا لاستمرار شرائها"
ولعل ما قاله بعض تجار التجزئة للمفروشات لتجار الجملة عند حرصهم على شراء المفروشات التركية (إننا رغم عدم تأييدنا لتصرفات الرئيس أردوغان إلا، أن جودة السلع التركية تدفعنا لاستمرار شرائها) يفسر جانبا من أسباب استمرار الحجم الكبير للتجارة المصرية التركية، رغم الخلاف السياسى العميق والحملات الإعلامية المصرية المناهضة للنظام التركي، والدعوة الصريحة لمقاطة السلع التركية.
فرغم الحملة التي بدأت أواخر عام 2013، كان تراجع حجم التجارة بين البلدين حسب البيانات التركية عام 2014؛ بنسبة 2 في المئة فقط، ثم زادت نسبة التراجع إلى 8 في المئة العام التالي، وبنسبة تراجع 4 في المئة عام 2016، لكن قيمة التجارة عادت للنمو بنسبة 4 في المئة بالعام الماضي، واستمرت تركيا تحقق فائضا تجاريا مع مصر في السنوات العشر الأخيرة.