نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا تحليليا للكاتب سايمون كونستابل، يناقش فيه دلالات تأخير خطط شركة "أرامكو" بطرح أسهمها في البورصة.
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن المحللين يرون أن تأجيل وضع أسهم شركة النفط السعودية "أرامكو" في البورصة أو وقفها، هو دليل على حكومة عاجزة، وأنه مثال من الأمثلة الغريبة التي تخرج من المملكة، التي تقول إنها تريد فك ارتباط اقتصادها بالنفط وإنهاء اعتماده عليه.
ويقول كونستابل إن "سلسلة من التقارير المتضاربة ظهرت وزعمت أن العرض العام المبدئي لشركة النفط المملوكة من الدولة تم تأجيله، وكانت الخطة المبدئية، التي أعلن عنها عام 2016، قد افترضت أن قيمة الشركة هي تريليونا دولار أمريكي، وبيع أسهم تعود بـ100 مليار دولار على خزينة الدولة، لكن التقييم بهذا المستوى يعد كبيرا في المعايير الدولية، ويبدو أن هناك خططا أخرى كما يبدو، ولا يهم، فالبداية والتوقف هما مثال على القيادة دون المستوى".
وينقل الموقع عن المحلل في "إيميا" والباحث الدولي السياسي في شركة "تي أس لامبارد" في لندن ماركوس شينفيكس، قوله: "اقترحوا وضع الشركة في أسوأ ظروف ممكنة لتبيع فيها شركة نفط، ومن ثم قرروا التراجع في أفضل الظروف لبيع شركة نفط.. لا شيء يوضح أكثر من أن هذا المشروع لم يكن عرضا عاديا في البورصة".
ويجد الكاتب أنه "لبيع شركة نفط عملاقة مثل (أرامكو)، فإن هناك حاجة لأن تكون هناك سوق نفط قوية، وسوق مالية قوية، وفي بداية عام 2016 لم يكن أي من هذين الشرطين متوفرا، فأسعار النفط كانت في أدنى مستوياتها، حيث وصل سعر برميل النفط إلى 30 دولارا، أي بانهيار كبير عن سعر البرميل 114 دولارا في عام 2014، بحسب أرقام (بلومبيرغ)، وفي الوقت ذاته كانت أسواق رأس المال محملة بالمشكلات الاقتصادية، خاصة في الصين، وهو ما فاقم القلق بشأن النظام المصرفي في أوروبا".
ويقول كونستابل: "كان هذا واضحا بزيادة سعر الفائدة الذي يحتاجه المستثمرون لإقراض المال للشركات الأقل قدرة ائتمانية ممتازة، وفي منتصف عام 2014 كان على المقترضين، الذين يطلق عليهم اسم المستلفين الرخيصين، وهم الذين لديهم قدرة ائتمانية أقل من المستوى المطلوب، دفع 3.4% ثمن الفائدة أكثر مما تدفعه الحكومة الأمريكية، وقد زادت هذه النسبة في بداية عام 2016 إلى أكثر من 8% بحسب البيانات من سانت لويس الفيدرالية الاحتياطية".
ويبين الكاتب أنه "كلما زاد سعر الفائدة زادت مخاوف المستثمرين، وبعبارات أخرى فإن المسثتمرين كان لديهم مبرر للخوف، فيما كان سوق النفط ضعيفا في الوقت الذي تم فيه الإعلان عن خطة وضع شركة (أرامكو) في البورصة".
ويقول كونستابل: "لو قارنا الوضع هذا بالوضع الحالي، الذي يعد مثاليا لبيع حصص من شركة نفط كبيرة مثل (أرامكو)، فإن سعر برميل النفط الآن يباع بحوالي 75 دولارا، وهو سعر جيد للمستهلك والمنتج، وتراوح سعر البرميل ما بين 60 و80 دولارا، وهو ما كان جيدا للأطراف كلها، وبالإضافة إلى هذا فإن الأسواق المالية قوية، وأصبحت أسعار الفائدة للمقترضين الرخيصين بـ3.5% أو مثلما كانت عليه في منتصف عام 2014، وبعبارات بسيطة فإن المستثمرين كانوا متفائلين، كما أن مسألة التوقيت تضيف بعدا غير عادي لتأخير بيع أسهم (أرامكو) في البورصة".
ويورد الموقع نقلا عن شينفيكس، قوله إن شركة النفط السعودية قيم سعرها بما بين 800- 900 مليار دولار، مشيرا إلى أن السعر المنخفض للشركة مرتبط بمنظور النمو لها أو عدمه، فالشركة قادرة على ضخ النفط، لكنها ليست قادرة على تنمية تجارتها بطرق أخرى.
ويفيد الكاتب بأن "غياب منظور النمو في المستقبل عادة ما يؤثر على تقييم المستثمرين للتجارة، وفي بلد يحكمه الحاكم الفعلي محمد بن سلمان، الذي يريد تريليوني دولار تقييما للشركة، فإن عملية وضع الشركة على البورصة قد تأخذ وقتا طويلا".
ويلفت الموقع إلى أن شينفيكس لاحظ أن ارتفاع أسعار النفط وزيادة موارد الحكومة رفعا الضغط عن القادة السعودية، "لقد انتهت الأزمة المالية"، مشيرا إلى أن هذا يعبر عن مستوى من العجز؛ لأن أسواق النفط معروفة بدوراتها في الانتعاش-الانهيار، و"لو كنت في سوق النفط فإن هناك دورة من الانهيار ستحصل، ومن هنا فإن التفكير بأن زيادة أسعار النفط هو حل للمشكلة يعبر عن ضيق في النظر".
ويرى كونستابل أن "عملية احتجاز رجال الأعمال والأمراء هي مثال آخر عن الخلل في طريقة عمل الحكومة، فالحملة بدأت في تشرين الثاني/ نوفمبر، واستمرت ثلاثة أشهر، وشملت احتجاز الأمير الوليد بن طلال، وهو من أهم المستثمرين الدوليين، في فندق ريتز كارلتون في الرياض، ولديه حصص في الخدمات المالية الأمريكية (سيتي بانك) ومؤسسات إعلامية وأخرى للتواصل الاجتماعي مثل (تويتر) وشركات أخرى، ولم يفرج عن المعتقلين إلا بعد توقيعهم تعهدات بالتخلي عن أرصدتهم بحسب ما أوردت تقارير".
ويورد الموقع نقلا عن أستاذ الدراسات الدفاعية في كلية كينغز في لندن ديفيد روبرتس، قوله: "إن مصادرة أموال الأمراء ليس عاديا في السعودية ولا في الأسواق الناهضة".
ويعلق الكاتب قائلا إن "(غير عادية) هي الطريقة التي يصف بها الدبلوماسيون الأمر، لكن بالنسبة للمستثمرين غير السعوديين فإنها أخافتهم ومنعتهم ربما من الاستثمار في البلد".
ويقول روبرتس: "احتجاز عدد من الأمراء في الريتز بتهمة الفساد لم يساعد على تخفيف مخاوف المستثمرين الدوليين".
ويعلق كونستابل قائلا إنه "كان من الأولى بابن سلمان ومن معه توقع الرد قبل أن يحتجز الأمراء ورجال الأعمال المعروفين في الريتز".
وينوه الموقع إلى أن السعودية تخطط للحصول على قرض من البنك الدولي، الذي اصطف في طابور المساعدة لبيع "أرامكو"، مشيرا إلى أنه عادة ما تتقاضى البنوك رسوما في أي عملية لوضع شركات في البورصة او أي عقد مالي، وكلما كان العقد كبيرا زادت الرسوم.
ويذكر الكاتب أن البنوك تريد الحفاظ على علاقات مع المملكة؛ لأنها ستبيع حصصا في شركة البتروكيماوت "سابك"، بالإضافة إلى "أرامكو"، هذا إن حدث هذا، لافتا إلى أنه بالإضافة إلى هذا فإن تقديم القروض قد يساعد، وإن بشكل مؤقت، على مواجهة المشكلات النابعة من التأخير في بيع حصص في "أرامكو".
ويختم كونستابل مقاله بالقول إنه "من الصعب التأكد بدقة من الخطة القادمة للمملكة، لكننا إن أخذنا العام الماضي في عين الاعتبار فإن الخطط لن تسير بطريقة يمكن التنبؤ بها بطريقة منطقية".
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا
الغارديان: هذه قصة "أرامكو" من قرار البيع إلى الآن
نيويورك تايمز: تهور سعودي جديد وهذه المرة مع كندا
بازفيد: الذباب الإلكتروني السعودي يشن حملة شديدة على كندا