نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا أعده ديفيد تايلور من مدينة نيويورك، رصد فيه مشاعر الجالية اليمنية هناك، واحتجاجهم على الدور الأمريكي في الحرب اليمنية.
ويقول تايلور إنه "عندما وضعت وجبة (الحنيذ) على الطاولة في مقهى (اليمن السعيد) في أتلانتك أفنيو في بروكلين في نيويورك، بدت أكبر كارثة إنسانية في العالم بعيدة، لكن عندما بدأ الرجال يقطعون أرغفة الخبز الطازجة والخارجة للتو من طابون طيني، فإن الحديث في المقهى تركز على الأزمة الإنسانية في بلدهم اليمن".
ويجد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن "الحرب ليست بعيدة في النهاية عن نيويورك، فرغم أنها تقع في النصف الثاني من الكرة الأرضية، إلا أن الأعزاء العالقين في النزاع يعيشون في ذهن الجميع".
وتنقل الصحيفة عن سام الكحشي المولود في أمريكا، قوله، "إنهم يعانون الآن.. نحن شريان الحياة لهم، ولو خسرونا فليس لهم أحد"، وكانت آخر الأخبار التي تقطع القلب هي أن القنبلة التي استخدمت في قتل عشرات الأطفال كانوا في حافلة مدرسية هي أمريكية الصنع.
ويلفت الكاتب إلى أن تقريرا للأمم المتحدة كشف عن إمكانية تورط الأطراف في الحرب اليمنية كلها بجرائم حرب، مشيرا إلى أن الغارات الجوية للتحالف الذي تقوده السعودية، ربما كانت وراء الكم الأكبر من الضحايا.
ويفيد التقرير بأن "المقهى اليمني موجود منذ عام 1980، وظل طوال الوقت مكانا للقاء وتجمع اليمنيين، والرجال الذين تجمعوا حول الطاولة هم مزيج من الذين ولدوا في الولايات المتحدة ومن جاء منهم قبل فترة، وهم جزء من الشتات، الذي بدأ يتدفق على نيويورك في نهاية القرن التاسع عشر، وتسارع الأمر بشكل كبير في الخمسينيات من القرن الماضي".
وتذكر الصحيفة أن اليمنيين يديرون أكثر من ألف محل للبقالة في نيويورك، والمعروفة باسم "بوديغا"، حيث يعيش في بروكلين أكبر تجمع للجالية اليمنية من 400 ألف يمني في الولايات المتحدة.
ويقول تايلور: "اليوم يشعر اليمنيون الذين كانوا يقومون تقليديا بإرسال النقود إلى أهاليهم في اليمن بالقلق بسبب الحرب التي قتلت أكثر من 6600 مدني منذ عام 2015، وتجلب يوميا مآسي جديدة، وزاد من متاعبهم الحظر الذي فرضه دونالد ترامب على دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، حيث استهدف اليمن من بين عدة دول ذات غالبية مسلمة".
ويورد التقرير نقلا عن غمدان شهابين (31 عاما)، الذي يدير عمله الخاص، قوله معلقا على الغارة الجوية التي قتلت الأطفال: "إنها مؤلمة وهي مأساة وجريمة ومحطمة، وكانوا أطفالا يحاولون عيش حياتهم"، وأضاف: "قبل الحرب كان اقتصادنا يعاني، وكان آخر شيء نريده هو الحرب".
وتنقل الصحيفة عن ابن عمه يونس علي (32 عاما) وهو كاتب مسرحي مولود في الولايات المتحدة، قوله إن الأخبار عن استخدام الصواريخ المصنعة في أمريكا ليست مثيرة للدهشة، "فالولايات المتحدة تدعم السعودية منذ بداية القتال، والسعودية لا تهمهما مصلحة اليمن، واليمنيون يعرفون هذا الأمر، لكن حقيقة ضرب حافلة مدرسية معظم ركابها تحت سن الـ12 عاما كانوا في نزهة، أي معلومات أمنية تستدعي هذا النوع من الضربة وفي وسط السوق؟ هذا يعني أن لا اهتمام بحياة المدنيين".
وينوه الكاتب إلى أن الأمم المتحدة تتوسط لحل الأزمة وستقود جولة من المحادثات في جنيف يوم الخميس لأول مرة منذ عامين، مستدركا بأن الدول الغربية لم تفعل الكثير للبحث عن حل لما أصبحت حربا بالوكالة بين السعودية وإيران، وكما قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأسبوع الماضي، إن هناك "تواطؤا أمريكيا"، فيما وصفتها الأمم المتحدة بجرائم حرب.
ويلفت التقرير إلى أن الدعم الأمريكي للحرب في اليمن بدأ في ظل باراك أوباما، لكنه منع تصدير الذخائر الموجهة بدقة بعد الغارة التي قام بها التحالف السعودي على قاعة عزاء عام 2016، التي قتل فيها 155 شخصا، مشيرا إلى أن ترامب ألغى الحظر مباشرة بعد وصوله إلى البيت الأبيض العام الماضي.
وبحسب الصحيفة، فإن مؤسسة جمعية التجار اليمنيين ديبي المنتصر، قامت بتنظيم إضراب رمزي لمحلات البقالة "بوديغا" وليوم واحد، حيث أغلقت أبواب ألف بقالة منها، وجلبت أكثر من 6 آلاف يمني مسيس إلى شوارع بروكلين؛ احتجاجا على قانون حظر المسلمين، وقالت في مكالمة هاتفية: "نعلم منذ البداية أن الولايات المتحدة لم تؤد دورا جيدا.. أريد رؤية بلدي يخرج من الأزمة".
ويقول تايلور إن أحدهم في المقهى تحدث عن شقيقه الذي علقت زوجته في المطار، بعدما قام مسؤولون في المطار بنزع صفحة التأشيرة من جواز سفرها، حيث حاولت السفر مع ولديها للولايات المتحدة، وكلاهما يحمل الجنسية الأمريكية، وسافرا دونها، فيما قال سام الكحشي، الذي يملك تجارة في وول ستريت في مجال العلاقات الاستثمارية إنه خسر عقارات في اليمن.
ويشير التقرير إلى أن أصغرهم في المقهى، وهو الطالب حسام القايد (19 عاما)، تحدث عن جمع التبرعات لجمعية خيرية في نيويورك لمساعدة مئات العائلات اليمنية، لافتا إلى أن كلهم يريدون رؤية أمريكا تخرج من الحرب اليمنية.
وتنقل الصحيفة عن الكحشي، قوله إن الجماعة الحوثية تحولت من جماعة صغيرة غامضة إلى جماعة تحظى بدعم، "فقد السعوديون دعم اليمنيين منذ اليوم الأول الذي بدأوا فيه باستهداف المدنيين"، وأضاف: "أنا لست هنا لدعم طرف ضد طرف، لكن بعد ثلاثة أعوام كان علي أن اختار طرفا، وسأختار شعبي؛ لأن الحوثيين يظلون من اليمن، وهم الطرف الوحيد الذي يقاتل في اليمن".
ويبين الكاتب أنه "مع حضور الشاي، فإن علي بدأ يتحدث عن سلسلة من المسرحيات القصيرة (تخيل: اليمن)، وعادة ما يكتب مسرحيات كوميدية، لكنه قرر المشاركة في المناسبة التي ستنظم في نيويورك، وتتحدث عن حياة الأطفال العالقين في النزاع، قائلا: (نحاول نشر الرسالة حول ما سيجري للأطفال، ومن المفارقة أنه رغم ما يجري فإن هناك قانونا لحظر المسلمين)".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول علي: "تدعم أمريكا السعوديين لقتل الشعب اليمني، وتفرض حظرا للسفر لمنع الناس من الخروج.. لقد تم محو جيل كامل من اليمنيين، ولو أرادوا وقفها لفعلوا"، أي الحرب.
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا
ماذا وراء تزايد انتقادات الأمريكيين لحملة السعودية باليمن؟
واشنطن بوست: ما أثر فشل تحقيق الرياض بقتل المدنيين باليمن؟
NYT: كيف كشف هجوم صعدة عن تورط أمريكا في حرب اليمن؟