طرحت زيارة وزير خارجية إيطاليا، إنزو ميلانيزي للشرق الليبي ولقاء اللواء خليفة حفتر، تساؤلات عدة عن دلالة التوقيت والمحاور والتقارب بين الطرفين بعد حالة تلاسن كبيرة بينهما.
واستقبل "حفتر" في مقره بالرجمة (شرق البلاد) الوزير الإيطالي في موكب عسكري كبير، وكانت الانتخابات الليبية وتأمينها هي المسيطرة على حوار الطرفين، إضافة إلى ملف التعاون بين البلدين في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية"، وفق مكتب "حفتر" الإعلامي.
"توضيح مواقف"
من جانبه، أكد وزير الخارجية الإيطالي أن "حكومة الوفاق المعترف بها شرعيا من قبل الأمم المتحدة تظل هي المحاور الرئيسي لنا، والجنرال حفتر محاور لا يمكن تجنبه، وأن اللقاء معه كان توضيحا للمواقف، واصفا حفتر بـ"شخص منفتح للحوار، ويدرك الدور الذي يمكن أن تقوم به إيطاليا ويقدره".
وأوضح بيان للخارجية الإيطالية أن "محادثة الوزير مع حفتر كانت ودية ومطولة، وأنها أعادت إطلاق الرباط الوثيق مع إيطاليا، في مناخ من الثقة الوطيدة"، مشيرا إلى أن "اللقاء أظهر تقاربا واسعا بين الرجلين من أجل تعاون مكثف والتزام مشترك لصالح ليبيا موحدة ومستقرة".
"تخريب الانتخابات"
وقال حفتر في تصريحات قبيل الزيارة إنه "سيقوم بعمل من شأنه إجهاض الانتخابات المقبلة حال شك في نزاهتها"، مضيفا أن "الشخص العسكري غالبا لا يؤمن بالانتخابات"، واصفا مناوئيه بـ"الفئران"، لكنه خلال لقاء الوزير الإيطالي أبدى استعداده بـ"تأمين العملية الانتخابية".
من جانب آخر، هاجم حفتر سياسة روما في ليبيا، معتبرا إياها داعما لما وصفهم بـ"قادة المليشيات في طرابلس"، مشيرا إلى أن "هناك من يسبح بحمد إيطاليا، وهي ترى في نفسها عدوا بالنسبة لنا".
والسؤال: ما السر وراء زيارة المسؤول الإيطالي الآن لحفتر؟ وهل تحاول روما استرضاءه أم الضغط عليه؟
"تغيير موقف"
وأشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة صقريا التركية، والخبير في الملف الليبي، خيري عمر إلى أن "روما تريد توسيع نطاق التواصل في ليبيا بحيث لا يقتصر على مجموعات دون أخرى، وزيارته للشرق الليبي وحفتر تؤكد أنه من الصعب تجاوز الوضع السياسي هناك، وأن يكون الشرق الليبي حاضرا في أي حلول".
وفي تعليقه على تعمد حفتر استقبال الوزير في موكب عسكري، قال عمر لـ"عربي21" إن "حفتر يحاول هنا إيصال صورة بأن هناك سلطة في الشرق يمكنها القيام بمهامها تجاه الأراضي الليبية، وهذا النمط من السلوكيات هدفه إعطاء صورة ذهنية إيجابية عن القيادة العامة هناك وقواتها".
وتابع: "أما بخصوص الزيارة ودلالتها الآن فهي بمثابة قبول إيطاليا بالوضع القائم وليست ترضية ولا ضغطا، إنما استجابة من قبل روما للتغييرات التي تحدث، وتغيير موقف في محاولة لتطوير مصالحها في شرق ليبيا".
مؤتمر "روما"
لكن الباحث السياسي الليبي، علي أبو زيد أكد أن "الزيارة تأتي في سياق استعداد إيطاليا للمؤتمر الدولي الذي أعلنت عنه في نوفمبر القادم بشأن ليبيا، وبالتأكيد تريد ضمان حضور حفتر للمؤتمر، وأعتقد أن هذه الزيارة جاءت نتيجة للتنسيق بين روما والقاهرة اللذين يتفقان على التريث في إجراء الانتخابات".
وأضاف لـ"عربي21": "ترحيب حفتر بالوزير الإيطالي ربما يكون نتيجة ضغوط مصرية، أما دلالة الموكب العسكري فأعتقد أن حفتر يصر على تقديم نفسه كجيش منظم، ورسالة لأشياعه بأنه معترف به كرجل عسكري وقائد شرعي للجيش الليبي، لكن يجب ألا ننسى فرنسا وتقاربه مع الجنرال".
طرف محايد
وقال الأكاديمي الليبي، رمضان بن طاهر إن "الزيارة كانت متوقعة وهي لا تخرج عن كونها محاولة للتقريب بين الأطراف الليبية لكي تظهر إيطاليا بأنها طرف محايد يسعى لتحقيق الاستقرار، لكن إيطاليا تكرر نفس سيناريو فرنسا مع الأطراف الليبية، لكن المعطيات والحقائق ستكون عكس ذلك".
وتابع: "وبشكل عام التدخل الخارجي في ليبيا منذ 2011، لم يكن محايدا ويلعب دورا في صنع الأحداث مستغلا العدوات التي أفرزها نظام القذافي السابق، ومستغلا أيضا ما نتج عن ثورة فبراير من صراعات وحروب، والحل يكمن في الاستقلال عن إرادة "الأجنبي"، كما صرح لـ"عربي21".
قتيلان بهجوم على مؤسسة النفط الليبية و"الرئاسي" يكشف الأسباب
الرئاسي الليبي يعلن حالة الطوارئ في طرابلس وضواحيها