لا تزال إسرائيل تنتهك خلال العقود والسنوات الماضية القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما فيها المواثيق والاتفاقيات الدولية، انتهاكا سافرا، وتسلك سلوك التحدي لكل الأعراف والمعايير الدولية التي قبل المجتمع الدولي بها، مستهترة بمختلف قرارات الأمم المتحدة التي تطالبها باحترام وتطبيق أحكام اتفاقية جنيف الرابعة، وفيما يتساهل المجتمع الدولي حيال غطرسة إسرائيل، تمعن هي باستغلال ذلك، وتجيره لخدمة أهدافها العدوانية.
وبالتالي، فإن إلزام الاحتلال الإسرائيلي باحترام
الإرادة الدولية، لاسيما عند الحديث عن احترام حقوق الإنسان وتوفير الحماية للسكان
المدنيين، يمكن أن يتم من خلال ممارسة العديد من الضغوط عليها: منها ما هو اقتصادي
كفرض العقوبات وتقييد التبادل التجاري، ومنها ما هو سياسي لضمان إنهاء حالة
الاحتلال، وممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير مصيره.
كما
يمكن تفعيل آليات الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان، وغيرها من الآليات للضغط
عليها بفضح سياستها في الأراضي المحتلة، ونشر ما يتعلق بانتهاكاتها على الملأ.
ومع أن إسرائيل تصرح أن هدفها أن تبقى ضمن حدود
القانون الدولي الذي يقضي بأن تكون جميع التغييرات لمصلحة السكان المحليين، أو من
أجل أمن قوات الاحتلال، لكن لا يمكن التوفيق بينها وبين السياسة المعلنة.
مع العلم أن الوقائع التي تدل على أن هدفها هو
القيام بالتدريج بطرد السكان الفلسطينيين المحليين، وضم المنطقة، حيث عمدت إسرائيل
إلى الخداع بطريقة كانت تحاول بها – ولا تزال – أن تظهر أعمالها متفقة مع القانون
الدولي.
اقرأ أيضا: الأعياد اليهودية تكبد الفلسطينيين خسائر بملايين الدولارات
ويتخذ قهر السكان في الأراضي المحتلة صورا متعددة
تشكل خرقا فاضحا لمختلف المواثيق والاتفاقيات، التي سبق ذكرها في الصفحات السابقة،
يمكن عرضها بصورة عاجلة:
- فسياسة
طرد السكان وإبعادهم باتت تدبيرا مألوفا، من دون أن تتاح لهم أي وسيلة قضائية
فعلية للطعن في هذا التدبير.
- وتحولت
العقوبات الجماعية إلى علامة مميزة للاحتلال، من أهم صورها هدم آلاف المنازل،
وعوقبت مدن كاملة بحظر تصدير منتجاتها، وحظر السفر إلى الدول العربية المجاورة،
وفرض حظر التجوال لفترات طويلة.
- باتت
إغارات منتصف الليل على الفلسطينيين مألوفة، وصار من المعتاد أن يضرب سكانها،
ويعتقل بعضهم بشكل تعسفي.
- أصبحت
العادة المفضلة لجنود الاحتلال الضغط على الزناد، وهذه العادة زرعت بالتدريج
فيهم، حتى باتت محل إجماع بينهم، وقد قتل المئات والآلاف طيلة السنوات الماضية،
ويثابر القادة للحيلولة دون مثول جنودهم أمام القضاء، من أجل عدم المساس بدافعية
الجنود للخدمة في الأراضي المحتلة.
ومع ذلك، فإن حملة الخداع التي قادتها إسرائيل على
مستوى العالم، لتوهمها بعدم مخالفتها للمواثيق والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق
الإنسان، لم تكن لتصمد في وجه التغطية الواسعة لرد الجيش الإسرائيلي على المقاومة.
صحيح أن هذه ليست أول مرة تنشر فيها أخبار
الاعتقالات الجماعية، واستعمال الضرب المبرح والذخيرة الحية، والمحاكمات الفورية، ومنع التجوال في مناطق واسعة وغيرها من العقوبات الجماعية، بما فيه الإبعاد، وقد استخدمت جميعا في إخماد آثار الانتفاضة الممتدة في جميع أرجاء الأراضي
المحتلة، لكن الجديد هو اتساع نطاق الإجراءات وإبراز التغطية واستمرارها.
اقرأ أيضا: الأردن يدين الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة ضد "الأقصى"
في ختام هذا الاستعراض الموجز لأهم الاتفاقيات
والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ينبغي التأكيد أن الأطراف السامية
المتعاقدة على اتفاقية جنيف، تعهدت بأن تحترم الاتفاقية، وتكفل احترامها في جميع
الأحوال، وإن إسرائيل كطرف متعاقد على الاتفاقية ملزمة بتنفيذ أحكامها.
مع العلم بأن الحكومة الإسرائيلية وقعت على اتفاقيات
جنيف الأربعة في كانون الأول/ديسمبر من عام 1949، وصادقت عليها في كانون الثاني/يناير من عام 1953، وحيث إن
إسرائيل لا تفي بالتزاماتها بموجب تلك الاتفاقية، فإن الدول المتعاقدة جميعها
ملزمة بحكم القانون بضمان أن تقوم إسرائيل كقوة احتلال حربي، وكطرف متعاقد على
الاتفاقية باحترام أحكامها، لاسيما ضمان الحماية للسكان المدنيين الفلسطينيين.
تقدير إسرائيلي: السلطة وحماس يحتفظان بتفوق معين.. ما هو؟
مؤتمر إسرائيلي يناقش "التهديدات الأمنية البحرية"
خبير إسرائيلي يستبعد نجاح صفقة القرن.. والبديل في سوريا