نشرت مجلة "نيوزويك" تقريرا سلطت من خلاله الضوء على دراسة جديدة تفيد بأن الفتيات يملن لتعلم الكتابة والقراءة أفضل من الفتيان. ووفقا للدراسة، تبين أن مستوى القراءة والكتابة لدى الفتيات أفضل بكثير مقارنة بالفتيان من نفس العمر وفي نفس الفصل.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن دراسة تشير إلى أن الفتيات أفضل في القراءة والكتابة مقارنة بالفتيان في السنوات الأولى من عمرهم، وتحديدا في الصف الرابع. كما أن هذه الفجوة تتسع مع تقدم الجنسين في العمر.
وأضافت المجلة أن العلماء يتفقون بشكل عام على أن الأولاد والبنات يتشابهون أكثر مما يختلفون في العديد من الصفات النفسية. في الأثناء، تظل القراءة استثناء، خاصة مع ظهور أدلة متزايدة تشير إلى أن أسلوب الجنسين في الكتابة متشابه. لكن الدراسة، التي نشرت في "مجلة علم النفس الأمريكية"، قدمت أدلة أخرى لدعم موقفها.
وفي هذا الصدد، قال ديفيد رايلي، طالب الدكتوراه في جامعة جريفيث في كوينزلاند في أستراليا ومؤلف الدراسة، إن "الدراسة تساءلت عن الاعتقاد الشائع بأن الأولاد والبنات يبدؤون تعليمهم الابتدائي بنفس القدرات المعرفية".
وأضاف رايلي قائلا: "يبدو أنه قد تم التقليل من شأن الفجوة بين الجنسين فيما يتعلق بالكتابة، وأعتقد أن هذه الفجوة لن تتقلص مع مرور الوقت رغم الجهود التي نبذلها في تغيير أساليب التدريس".
وتابعت المجلة أن العوامل التي تشرح هذه النتائج تتمثل في الصعوبات الأكثر انتشارا بين الأولاد، وفكرة أن القراءة ودراسة اللغة مسألة تغلب فيها الإناث. ويعتقد الباحثون أيضا أن الأمر قد يتعلق بالاختلافات الطفيفة بين الفتيان والفتيات في كيفية استخدام نصفي الدماغ.
ونوهت المجلة بأن فريقا من جامعة جريفيث تولى دراسة بيانات، تم جمعها على مدار ثلاثة عقود من تقييم التقدم في مجال التعليم في الولايات المتحدة، للتحقق من اختلاف مستويات المعرفة في القراءة والكتابة بين الفتيان والفتيات في الولايات المتحدة. وتم قياس مستويات القراءة والكتابة وفقا لفهم الأطفال لمجموعة من المواد المختلفة، على غرار التقارير والشعر والمقالات.
وفي هذا السياق، تم التوصل إلى أن الفتيات، في الصف الرابع، قدمن أداء أفضل بكثير من الفتيان في الاختبارات. كما أن هذا التفوق بين الفتيات والفتيان أصبح أكثر وضوحا في الكتابة مقارنة بالقراءة، مع تقدم الأطفال إلى الصف الثامن والثاني عشر.
وأوضحت المجلة أن سبب الاختلاف في القدرات يعود، حسب الباحثين، إلى المشاكل السلوكية، كالسلوكيات العدوانية أو التي ترتبط بالحالات العصبية، أو بسبب ما يعرف بنظرية "التخصيص الجانبي لوظائف الدماغ".
وترتبط هذه النظرية بميل الدماغ للقيام ببعض الوظائف على جانب واحد، بالإضافة إلى أن الفتيان يستخدمون أحد نصفي الدماغ عند القراءة أو الكتابة في حين تعتمد الفتيات على جزئي الدماغ معا.
ومع ذلك، لم يتوصل الباحثون إلى دليل يثبت أن الجنسين يمتلكان أساليب تعلم مختلفة، وهو ما يقودنا إلى القول إنه لا ينبغي استخدام هذه الدراسة لتعزيز مبدأ الفصل بين الفتيان والفتيات في الدراسة.
ونقلت المجلة عن كيث توبينج، أستاذ البحوث التربوية والاجتماعية في جامعة دوندي، في تصريح له لمجلة "نيوزويك"، الذي لم يفاجأ بنتائج الدراسة، أنه "ليس هناك ما هو جديد بشأن المعلومات حول الكتابة، فهذا الأمر ليس مفاجئا بالنسبة لي، لأن أفضل القراء يألفون أفضل الكتب. لكن الفجوة في الكتابة بين الجنسين أوسع من الفجوة في القراءة، لذا من الواضح أن هناك سببا آخر لتميّز الفتيات".
وأشارت المجلة إلى أن كيث توبينج اعتبر أن أحد عيوب الدراسة يتمثل في كيفية تقييم "التقييم الوطني للتقدم التربوي" للقراءة والكتابة. وفي هذا السياق، قال توبينج: "إذا لم تقدم اختبارات القراءة الخاصة بهم توازنا متساويا بين الخيال والحقيقة، فمن المرجح ألا يخدم ذلك الفتيان المنتمين إلى الفئات المحرومة والذين يُعرفون بكونهم أكثر اهتماما بالحقيقة. وينطبق الأمر أيضا على اختبارات الكتابة وكيفية خضوعهم لها، حيث أن تقييم الكتابة يعتبر أمرا شخصيا".
وأضاف توبينج أن "هناك مسألة أخرى تتعلق بما إذا كانت الفتيات أكثر جدية في تعاملهم مع هذه الاختبارات، في الوقت الذي يتصف فيه الفتيان بأنهم أكثر إهمالا".
وتطرقت المجلة إلى أن توبينج عاب على الباحثين خلطهم بين القراءة والكتابة من جهة وبين القدرة المعرفية من جهة أخرى، قائلا: "لم أشهد الكثير من حالات صعوبات التعلم في صفوف الأولاد. وهذا الأمر لا يفسر نتائج الدراسة، كما أن الحالات العصبية والاختلافات الجانبية لا تفسرها أيضا".
في المقابل، اعتبرت لورا شابيرو، وهي محاضرة بارزة في مجال علم النفس في التدريس في جامعة أستون بالمملكة المتحدة، في تصريح لها لمجلة "نيوزويك" أن "الدراسة مهمة جدا".
وفي هذا السياق، قالت لورا شابيرو: "أعتقد أنه من المثير للدهشة أن نرى دليلا على أن الفجوة بين الجنسين في القراءة والكتابة تبدأ في وقت مبكر، وتتسع مع مرور الوقت. أظن أن هذا الأمر مثير للقلق بشكل خاص لأن القراءة والكتابة هما أمران أساسيان للتقدم الأكاديمي".
وأضافت المجلة نقلا عن لورا أن "السؤال المحرج الذي يطرح الآن هو ما إذا كان ضعف مهارات القراءة والكتابة يقف عائقا أمام التقدم الأكاديمي للفتيان أو تحفيزهم على القراءة في أوقات فراغهم. عند هذه النقطة، يحتاج المعلمون إلى معرفة حقيقة هذا الأمر، كما أعتقد أن هذه الدراسة تمهد الطريق لمتابعة الأبحاث للوصول إلى إجابة واضحة عن هذه الأسئلة العملية الهامة".