دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لتجديد التزامها بعمليات حفظ السلام، التي تنهي الحرب وتحمي المدنيين.
وتحدث غويتريش في مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي"، قائلا إن قوات حفظ السلام هي مثال قوي على العمل الجماعي، ويظهر كيف يقوم المجتمع الدولي بمعالجة القضايا المعقدة والخطيرة بمزيج من الإبداع والبراغماتية.
ويشير الأمين العام في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه "منذ أن تم نشر أصحاب القبعات الزرقاء عام 1948، فإن قوات حفظ السلام ساعدت الدول لمواجهة التحديات المشتركة للأمن والسلام، وتحمل العبء تحت راية الأمم المتحدة، فعلى مدى 70 عاما تم نشر أكثر من مليون جندي من قوات حفظ السلام، من النساء والرجال والجنود والمدنيين من دول العالم المختلفة، الذين استجابوا لمواجهة تداعيات عدد واسع من النزاعات، وكيفت قوات حفظ السلام نفسها لتستجيب للمطالب".
ويفيد غويتريش بأن مجلس الأمن أرسل أكثر من 70 عملية للمساعدة على مراقبة وقف إطلاق النار بين الدول، وإنهاء الحروب الأهلية المستعصية، وحماية المدنيين، وتعزيز حكم القانون، وبناء مؤسسات جديدة للأمن، ومساعدة الدول الجديدة، مثل تيمور.
ويستدرك الكاتب بأن "حفظ السلام هو عمل خطير، فقد تم نشر عشرات الآلاف من جنود حفظ السلام في مناطق لا يوجد الكثير من السلام لحفظه، وفي العام الماضي قتل 61 جنديا من قوات حفظ السلام في أعمال عدوانية، وتم الهجوم على قوات الأمم المتحدة في أكثر من 300 حادث".
ويقول غويتريش إنه شاهد بنفسه يوما من عمل القوات "في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، شاهدت بنفسي العمل المهم الذي يقوم به يوميا أصحاب القبعات الزرقاء، وليس فقط حفظ السلام، لكن المساعدة في إيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين أيضا".
ويضيف الأمين العام للأمم المتحدة أن الأمم المتحدة قررت تفعيل إجراءات جديدة لمواجهة الزيادة في الضحايا، "وطلبت مراجعة استراتيجية مستقلة لكل عملية حفظ سلام، وعلى ما يبدو فلن تكون لدينا فرصة للنجاح دون الدعم الدولي الواضح والجلي".
ويقول الكاتب إن "التوقعات من قوات حفظ السلام تتفوق على الدعم والمصادر ، نعم نحن بحاجة لمروحيات، ونحتاج إلى عربات مصفحة واقية من الألغام ومناظير ليلية، ونحن بحاجة إلى شرطة ومدنيين متخصصين لديهم المهارات لبناء سلام دائم، لكننا نريد دولا أعضاء في الأمم المتحدة مستعدة لإرسال قوات مسلحة ومدربة بشكل مناسب، وبعقلية لاستخدام هذه القدرات، وقبل هذا كله فنحن بحاجة للحفاظ على الالتزام السياسي المهم في نجاح عمليات حفظ السلام على المدى البعيد".
ويلفت غويتريش إلى أن "هذا هو الأساس لمبادرة (العمل لقوات حفظ السلام)، التي أعلن عنها في آذار/ مارس هذا العام، وتدعو الدول الأعضاء وبقية الشركاء لإعادة تفعيل التزامها لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، بحيث تكون قادرة على مواصلة عملياتها، وأدارت المنظمة الدولية حوارا عميقا لتحديد المجالات التي يجب العمل عليها، من خلال (إعلان الالتزامات المشتركة لعمليات قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة)".
ويبين الأمين العام أن "هذا الإعلان يمثل أجندة واضحة وملحة لقوات حفظ السلام، ومن خلال توقيعها على الإعلان فإن الحكومات أظهرت التزاما للمساعدة في الحل السياسي للنزاعات، وتوفير الحماية للسكان الضعفاء، وتحسين السلامة والأمن لقوات حفظ السلام، ونحن بحاجة الآن لترجمة هذه الالتزامات إلى دعم عملي في الميدان".
وينوه الكاتب إلى أن "الإعلان يدعو الدول الأعضاء للمساعدة في تحسين العمليات، وزيادة مشاركة المرأة في مجالات عمل قوات حفظ السلام كلها، وتقوية الشراكة بين الحكومات، واتخاذ الإجراءات؛ للتأكد من ممارسة القوات عملها ضمن أعلى معايير السلوك والانضباط".
ويعترف الأمين العام بأن "الانتهاكات الجنسية غير المقبولة شوهت سمعة قوات حفظ السلام، وأنا مصمم على عمل كل شيء من أجل إنهاء هذه الآفة، ويجب علينا أن نحاسب أنفسنا بناء على أعلى المعايير والأداء، وعبرت 141 دولة ومنظمة دولية وإقليمية عن التزامها بهذه التعهدات، وأظهرت استعدادا جديدا لدعم قوات حفظ السلام".
ويذكر غويتريش أن هذه الدول تضم بعض من تقوم بتقرير صلاحية عمل قوات حفظ السلام في مجلس الأمن، وتلك التي تقدم المساهمة بالرجال والنساء لقوات حفظ السلام، وكذلك الدول التي تساهم في تمويل مهام قوات حفظ السلام، والحكومات التي تنشر فيها قوات حفظ السلام.
ويشير الكاتب إلى اجتماع ممثلي هذه الدول على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ لمناقشة التحديات والإنجازات لقوات حفظ السلام، وما يمكن عمله في المستقبل.
ويستدرك غويتريش بأن "الامتحان الحقيقي هو في الميدان، حيث تنتشر قوات حفظ السلام في أنحاء العالم المختلفة، ومع أنه من الصعب دعم الدول التي تواجه نزاعات، ويعد الأمر مكلفا أحيانا، لكنه أرخص من الحرب".
ويختم الأمين العام للأمم المتحدة مقاله بالقول: "بالنسبة لنا فنحن مصممون على أن ترقى قوات حفظ السلام إلى مستوى توقعات ملايين الناس، ولخدمة من يعتمدون علينا، فثمن الفشل غير مقبول، ولن نسمح بحدوث هذا".
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا