تشهد الساحة السياسية العراقية، حراكا متصاعدا لاختيار رئيس الوزراء العراقي المقبل، في ظل حديث عن تدخل أمريكي إيراني في صلب المحادثات الجارية في الكتل السياسية.
وبعد مفاجأة انتخاب رئيس البرلمان العراقي الذي جاء من حزب سُني يوصف بأنه قريب من "محور أمريكا"، لكنه كان في الوقت ذاته مرشحا عن كتلة توصف بأنها "محور إيران"، باتت التكهنات أكثر تعقيدا بشأن رئيس الوزراء المقبل.
والتساؤل الملح: هل أمريكا قادرة على فرض رئيس حكومة يتقاطع مع إيران، ولاسيما أنها هددت على لسان مسؤول بأنها "قد تقطع دعميها العسكري والمالي عن العراق إن تشكلت حكومة برئيس وزراء مؤيد لإيران"، وفقا لموقع "دفينس وان" الأمريكي.
"أمريكا فشلت"
وقال المحلل السياسي يحيى الكبيسي إنه "منذ عام 2003 وحتى الآن كان هناك نوع من التوافق الضمني بين أمريكا وإيران على من يكون رئيسا لمجلس الوزراء في العراق، وذلك في اختيار إبراهيم الجعفري ونوري المالكي وحيدر العبادي".
وأضاف لـ"عربي21" أنه مع مجيء ترامب لإدارة الولايات المتحدة وسياساته تجاه إيران، كانت هناك رؤية أمريكية "تجريدية" بمعنى أنه بالإمكان إخراج العراق من النفوذ الإيراني بكل بساطة، لكن انتخاب رئيس البرلمان أثبت الفشل الذريع لهذه السياسة.
وأوضح أن "مبعوث الرئيس الأمريكي بيرت ماكغورك، فشل في الذهاب بسياسة المحاور في العراق، وبالتالي أعتقد أن الأمريكيين مقتنعون تماما أنه لا إمكانية في الحديث عن إخراج العراق من مظلة النفوذ الإيراني على المدى القريب والمتوسط".
وتابع الكبيسي: "الأمريكيون اقتنعوا بوجوب توافق "الضرورة" مع إيران لمجيء رئيس وزراء مقبول منهما، لأن الولايات المتحدة لم تستطع أن تأتي برئيس مجلس وزراء يتقاطع مع إيران والعكس صحيح".
وأعرب عن اعتقاده بأن جميع الأحزاب الشيعية مقتنعة بذلك، وبالتالي سيذهبون إلى مرشح تسوية ما بين "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر و"الفتح" بقيادة هادي العامري بطرح اسم يحظى بقول إيران وأمريكا.
ولفت إلى أن "أمريكا واعية تماما أنه لا إمكانية على المدى القصير والمتوسط للحديث عن إخراج النفوذ الإيراني من العراق، لذلك سيتعاطون مع الأمر الواقع، ويحاولون لأغراض داخلية بحتة أن يبقوا على فكرة أنهم معارضون للنظام الإيراني بالعراق".
وبخصوص الحديث عن خسارة أمريكا رهانها على العبادي، قال الكبيسي: "لم يكن العبادي رهان الأمريكان الأول، وإنما كان رهانهم أن يأتي رئيس وزراء من الطرف الذي يعتقدون أنه بعيد عن إيران وهم تحالف (سائرون الحكمة والنصر)".
وأكد الكبيسي أن "الأمريكان كانوا يتحدثون بصراحة أنهم ليسوا مساندين لأن يأتي العبادي رئيسا للوزراء ولكنهم يساندون أن يأتي شخص من هذا التحالف لرئاسة الحكومة المقبلة، لكنهم فشلوا في ذلك".
وأردف: "أمريكا خسرت هذه الفرضية، والآن هم يبحثون عن فرضية أخرى خاصة مع تقارب سائرون والفتح، ولم نعد أمام استقطاب قبل انتخاب رئيس مجلس النواب، لأن انتخاب النائب الأول لمجلس النواب جاء باتفاق سائرون والفتح".
وبين الكبيسي أن "الأمريكيين مقتنعون أن رئيس الوزراء سيأتي باتفاق بين هذين الطرفين وسيتبعهما الآخرون، لهذا لم يعد هناك حديث عن أن يأتي مرشح من هذا الطرف أو ذاك لأن لم هذا الاستقطاب قائم أصلا".
"مرشح تسوية"
من جهته، قال الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية أمير الساعدي لـ"عربي21" إن "ما يجري على أرض الواقع أن الطرفين الإيراني والأمريكي قد تقاربا بشكل غير مباشر، وذلك بالاتفاق على اختيار برهم صالح القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، لمنصب رئيس الجمهورية".
وأضاف أن "بريت ماكغورك مبعوث الرئيس الأمريكي، ذهب إلى هيرو إبراهيم زوجة الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني، متوسطا لقبول عودة برهم صالح إلى صفوف الاتحاد الوطني، وتمكنت من إقناعه ليتم ترشيحه للمنصب، على الرغم من أن حزب الاتحاد الأقرب لإيران من غيره".
وتابع: "قاسم سليماني الذي زار المنطقة مؤخرا، اتفق أيضا على ترشيح برهم صالح إلى منصب رئيس الجمهورية، وأعتقد أن الكفة الأرجح ستكون له في البرلمان إذا لم يتفق الطرفان الكرديان عليه قبل الجلسة".
وبخصوص منصب رئيس الوزراء المقبل، قال الساعدي إن "الطرفين الأمريكي والإيراني أيضا توافقا على تأييد ترشيح عادل عبد المهدي لرئاسة الحكومة المقبلة على أن يكون مرشح تسوية، لكن قد تكون مفاجأة في الساعات الأخيرة".
ونفى الساعدي أن تكون أمريكا قد خسرت رهانها في اختيار رئيس وزراء للعراق، بالقول إن أمريكا لم تخسر الرهان لكنها، وكسبت الجولة الأولى في انتخاب محمد الجلبوسي رئيسا للبرلمان، على الرغم من اعتقاد الكثيرين أن كتلة البناء "المحور الإيراني" هي من جاءت به.
وأضاف أن "التوافق السعودي الإيراني غير المباشر على انتخاب الحلبوسي، دليل على توافق إيراني أمريكي"، لافتا إلى أن "العبادي لم يكن مرشح أمريكا للمنصب، وإنما مرشح زعيم التيار الصدري".
ولفت الساعدي إلى أن "الإعلام ساعد في إسقاط العبادي، بعد الحديث عن أنه مرشح الجانب الأمريكي، لذلك سارع التيار الصدري خشية اتهامه، إلى عقدت جلسة البرلمان التي أسقط فيها العبادي سياسيا، وأعلنوا مطالبتهم بتقدم استقالته للتخلص من فكرة أنه مرشح الجانب الأمريكي".
ورأى الباحث في الشأن السياسي العراقي أن "موضوع اختيار رئيس الوزراء سيتم عن طريق اختيار مرشح تسوية يكون مقبولا من الجانبين الإيراني والأمريكي، وعلى الأغلب يكون عادل عبد المهدي على الرغم من أنه ليس مستقلا ومزدوج الجنسية وليس كما اشترط الصدر".
لاريجاني أول مهنئي الحلبوسي لفوزه برئاسة برلمان العراق
سُنة العراق منقسمون حيال الحلبوسي واحتفاء شيعي بفوزه
إيران ترد على تحذيرات واشنطن لها من مهاجمتها بالعراق