أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي" أهمية إصلاح الأمم المتحدة، دون إلغاء النظام الدولي القائم، كما تحاول دول مثل الولايات المتحدة عمله.
ويقول أردوغان في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن الإصلاح هو الطريق لتحسن المنظمة الدولية من أدائها، مشيرا إلى لقاء قادة العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأنه مناسبة لتبادل الآراء حول المشكلات الملحة التي تواجه الإنسانية اليوم.
ويعلق الرئيس التركي على شعار اللقاء هذا العام، وهو "جعل الأمم المتحدة مهمة للشعوب كلها"، قائلا إنه "مهم ويجسد التحديات الحقيقية التي تواجه المنظمة اليوم، فرغم العمل الجاد الذي تقوم به منظمات الأمم المتحدة المختلفة، إلا أن المؤسسة الدولية تواجه مشكلة مصداقية".
ويرى أردوغان أن "مشكلة الأمم المتحدة الرئيسية نابعة من مجلس الأمن الدولي، وفشله في الحفاظ على وعده بنشر السلام والأمن في العالم، فمن البوسنة ورواندا وسوريا واليمن وفلسطين، لم ينجح أكبر جهاز للقرار في المنظمة بمنع المذابح، أو جلب المجرمين عن الجرائم الشائنة للعدالة، فتحت سمع الأمم المتحدة ونظرها استخدمت الأنظمة الشمولية الأسلحة التقليدية والدمار الشامل ضد المدنيين الأبرياء، بل ارتكبت بعض الأنظمة عمليات إبادة دون مواجهة تداعيات أفعالها، وفشلت الأمم المتحدة في دعم ملايين الأطفال الذين يعانون من فقر مدقع وفقر تغذيةـ الذي كما تعرف تركيا جيدا أنها لم تكن قادرة على اتخاذ الخطوات اللازمة لتخفيف معاناة اللاجئين".
ويشير الرئيس التركي إلى أن "قائمة الفشل طويلة، إلا أن الأمم المتحدة، التي أنشئت لتكون قلب الإنسانية النابض، توقف قلبها عن الخفقان، فيما ينقسم نقاد المنظمة الدولية إلى معسكريين رئيسين، الأول، ويضم تركيا وألمانيا، يرى ضرورة إصلاح الأمم المتحدة، ومعالجة مظاهر القصور، أما الثاني، فهو صغير، ويضم الولايات المتحدة، ويفضل استغلال ضعف الأمم المتحدة، وتقويض النظام الدولي الليبرالي".
ويلفت أردوغان إلى قرار دونالد ترامب الخروج من مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية ومنظمة اليونسكو، المتخصصة بدعم العلوم والتعاون التعليمي والثقافي، وقراره وقف الدعم عن منظمة الأونروا، التي تعين وتعلم وتشغل اللاجئين الفلسطينيين، ووصف ترامب قراره يوم الثلاثاء بأنه "سياسة واقعية مبدئية".
ويقول الرئيس التركي: "في وقت يحتاج فيه للقيادة الدولية فمن المهم تحسين الأمم المتحدة لا تدميرها، وفي حالة عدم استعداد الدول العظمى لتحمل مسؤوليتها، ولو لم تكن الحفنة القليلة من الدول التي تستفيد من منافع النظام الدولي غير ملتزمة بالإصلاح، ولو واصل عدد من مهندسي الأمم المتحدة، مثل الولايات المتحدة، تدمير التعددية من خلال خطواتهم الفردية، فإنه حان الوقت لتعريف القيادة الدولية من جديد".
ويدعو أردوغان إلى إنهاء احتكار مجموعة صغيرة من الدول، والعمل على دعم القيادة الجماعية للدول، التي تهدف إلى حل ومواجهة التحديات العالمية، قائلا: "لو ثبت أن القوى الكبرى غير مستعدة، أو غير قادرة على التحرك، فإنه يجب على مجتمع الشعوب التي تحت مظلة الأمم المتحدة أو منظمة أخرى عمل ما هو ضروري".
ويؤكد الرئيس التركي أن بلاده ستكون واحدة من الأعضاء، فقد ركزت بلاده خلال العقدين الماضيين على لفت الانتباه للقضايا المهملة، ففي عام 2013 أعلنت تركيا عن حملة تحت عنوان "العالم أكبر من خمسة"، في إشارة إلى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وحذرت من أن الأمم المتحدة تواجه أزمة مصداقية، ودعت الأطراف كلها لاتخاذ الخطوات كلها لجعل المنظمة ديمقراطية ومتعددة، ويقول: "لا أزال أحث مجتمع الأمم على إلغاء ممارسة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وزيادة عدد أعضائه إلى 20 دولة، وتبني قواعد يسمح فيها لكل دولة بالمساهمة في لجنته".
ويقول أردوغان إن بلاده ليست قوة اقتصادية أو عسكرية عظمى، لكنها برزت بصفتها زعيمة دولية؛ لأنها أصبحت جزءا من الحل في العراق وسوريا ومناطق أخرى، وهي اليوم تستقبل 4 ملايين لاجئ، منهم 3.5 ملايين لاجئ سوري، وهي من أكبر الدول المانحة في المساعدات الإنسانية.
ويضيف الرئيس التركي: "يجب على البقية في المجتمع الدولي تحمل مسؤوليتهم، إلا أن حجم أزمة اللاجئين يعطي صورة بأنه لا يمكن حل المشكلات الملحة دون العمل بشكل مشترك، وعبر منظمات دولية، مثل الأمم المتحدة".
ويختم أردوغان مقاله، قائلا: "لو لم تساعد الدول الكبرى فإنه يجب على بقية المجتمع الدولي تولي الأمر بنفسها، والإعلان عن عملية إصلاح شاملة للأمم المتحدة، فبعد هذا كله فنحن لا نعتقد أن بناء نظام دولي مهم للجميع يعني تفكيك النظام الحالي، ويتحمل الناس من أنحاء العالم كله مسؤولية العمل معا، واتخاذ الخطوات لدعم السلام والاستقرار والأمن وللإنسانية جميعها، ويجب على الجمعية العامة للأمم المتحدة عمل أكثر من مجرد كونها مكانا يلقي منه قادة العالم خطاباتهم، ويشتركون في الشكوى، ويجب أن يكون هذا العام هو عام وضع الأسس لأمم متحدة جديدة".
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا
الغارديان: هل غيّب البريكسيت صوت بريطانيا بالأمم المتحدة؟
بعد تقارب اقتصادي.. هل تعود المياه لمجاريها بين ألمانيا وتركيا؟
صحيفة ألمانية: لهذا يُعد اتفاق إدلب انتصارا لتركيا وأردوغان