وفقًا لمعلومات مؤكدة هنا، فإن العلاقات الأردنية السورية، لن تشهد
اندفاعا كبيرا، على المستوى السياسي، وتبادل السفراء، لاعتبارات مختلفة، أبرزها أن
هذه العلاقات تتأثر مباشرة، بالإقليم وبعوامل دولية، ولا تخضع فقط، لاعتبارات الأردن،
منفردا أو سوريا وحدها.
هذا
يعني أن كل الحديث عن تطبيع كامل للعلاقات، خلال فترة قصيرة، أمر ليس صحيحا، هذا
على الرغم من وجود اتصالات وعلاقات دون إعلان، وعلى مستويات معينة، وهذه الاتصالات
هي التي تصوغ التنسيق حاليا، حول قضايا مختلفة، بما في ذلك قضايا الحدود، وجنوب
سوريا، وبهذا المعنى يمكن اليوم، الحديث مباشرة، عن وجود خط اتصال أردني سوري،
بدعم سياسي، لكنه غير معلن، ويؤدي حاليا إلى التسارع السياسي، نحو تطبيع أعلى في
العلاقات.
وفقا
لتقييمات أردنية على مستوى مهم، فإن العلاقات مع دمشق تخضع لاعتبار مهم جدا، أي الدور
الإيراني، الذي يلعب ضد الأردن، في الحديقة الخلفية لعلاقات البلدين، خصوصا، أن لإيران
حساباتها بشأن المنطقة، وتضغط على دمشق حتى تبقى في زاوية الذي يدير علاقته مع الأردن،
وفقا لمصالح طهران أيضا، وهذا يعني في المحصلة، أن العلاقات ليست ثنائية بالمعنى
المباشر، بقدر كونها، ومن الجانب السوري ترتبط بعواصم تدير دمشق الرسمية، وتعرقل
اقتراب دمشق من الأردن، وتشترط أن يكون هذا الاقتراب، مرتبطا بالأجندة الإيرانية
ومتطلباتها.
لكن
الأردن في الملف السوري، تحديدا، ينظر بتشاؤم إلى ما يجري، برغم انه استطاع إدارة
تجربة مهمة بالتوافق مع عواصم عالمية في جنوب سوريا، وتحديدا على صعيد إبعاد الإيرانيين
والمليشيات الإيرانية، مئة كيلو متر عن الحدود مع الأردن، توطئة لإبعاد الإيرانيين
أكثر، نحو خروجهم، إذا حدث هذا الخروج، وهذه الزاوية تحديدا تدار بالتنسيق مع
الروس والأميركيين، وبالتالي مع دمشق الرسمية وطهران، التي لها تأثير كبير على
دمشق، لكنه يصبح محدودا أمام التدخل الروسي.
هواجس
الأردن في الملف السوري، ترتبط إضافة إلى الدور الإيراني، بما يمكن اعتباره مؤشرات
أردنية مؤكدة وفقا لمعلومات ودراسات، عن إحجام السوريين عن العودة إلى بلادهم، ورغبتهم
بالانتظار لفترة أطول، وبهذا المعنى يقف الأردن، أمام كتلة سورية حرجة، في موقفها،
ستقيم في الأردن لفترة أطول جراء الظروف السيئة امنيا واقتصاديا في سوريا، وتحديدا
في مناطق جنوب سوريا، ولا تقف هواجس الأردن عند هذا الحد، بل تمتد إلى ما قد يحدث
في شمال سوريا، في أي توقيت، بما يؤثر من حيث التداعيات على الملف السوري، وتأثيره
البعيد على الأردن، وعلى تقييمات الكتلة السورية للمشهد، وثباتها من حيث الإقامة
هنا في الأردن.
اللافت
للانتباه هنا، أن التحديث على المعلومات، يؤشر على رغبة دمشق بالانفتاح على الأردن،
بشكل أعلى من المتوقع، وهذا يعني أن الانطباع السائد بوجود تباطؤ سوري، قد لا يكون
دقيقا، إلا من زاوية تأثره بما يريده الإيرانيون، الذين يعرقلون الانفتاح لرغبتهم
بوجود تنازلات أردنية أوسع، على مستوى الإقليم، وان يكون الانفتاح على شكل حزمة
واسعة، بدلا من مستويات محددة، وهذه النقطة بالذات، لا يحسم الأردن الأمر بشأنها
لكونه يدرك أن إعادة قرار تأهيل النظام السوري، وقبوله دوليا يرتبط بمحددات دولية،
وإقليمية، وعربية، وبالعملية السياسية في سوريا.
يتبنى
الأردن، على مستوى السياسة الخارجية، سياسة قائمة على ما يبدو من عنوانين، الأول
الترقب والصبر، وثانيهما اتخاذ مواقف ضمن الحد الأدنى، تتيح التراجع عنها، أو
تطويرها دون كلف، وهذا يعني أننا بشكل واضح ومحدد، نمر بفترة حساسة، فرضتها تقلبات
المنطقة والإقليم، وحالة الفوضى التي نراها في العلاقات الدولية، التي لا تثبت على
حالة واحدة.
عن صحيفة الدستور الأردنية